نشأت الفنون والآداب لتقرب بين الشعوب ولتخلق مساحة من التواصل والمتعة، من هنا كان حوارنا مع الأديبة الليبية هند السرتاوي لنتعرف من خلالها على فن الهايكو الياباني، والعربي والجهود المبذولة في هذا المضمار.
● حوار مع الشاعرة الليبية نينة السرتاوي حول فن haiku لمجلة ازهار الحرف.
١- كيف لشاعر haiku أن يسطّر مشاعره الجياشة القوية في سطور قليلة وإلفاظ بسيطة ؟
_بصراحة هنا كانت الصعوبة والدهشة التي واجهتني في التعرف على هذا اللون ومن ثم اعتناقه حد الجنون ؛
حيث أتاح لي الهايكو فسح أعمق وأقرب للروح
ووجدت في نصه الرشيق البسيط المختزل
وصف أعمق من النثر المتناول في ومضة أو شذرة أو خاطرة ……..
رغم الهيكل اللغوي والصوتي لقصيدة الهايكو والتي تتطلب بلاغة كبيرة غير مسبقة في أي نص نثري ودهشة ليستطيع الهايكست إجادة الحبكة الفنية المشروطة بهذا النوع من النصوص ،
وفي رؤياي ومعاشرتي لقصيدة اللحظة أي الهايكو
أعتقد أن أي شاعر يجب أن يكتب هايكو ويجيد كتابته لأنه يضيف أكثر مما يختزل في بلاغته وعمقه ودهشته التي أحيانآ تتفوق على أي قصيدة نثر طويلة
بنبضه ومشهديته المستوحاة من طبيعة الشعور والأقرب لروح الشاعر و المتلقي .
٢- هل فن haiku هو فن التواصل الثقافي العربي الياباني؟
_نعم وبقوة ، حيث كنت صاحبة فكرة تأسيس نادي هايكو من كل العالم التي جاءت من مشاركاتي العالمية قبل إنضمامي للنادي العربي وكسب مجموعة أدبية كبيرة من الأصدقاء
وللذكر كانت الفكرة مطروحة قيد التنفيذ من الأستاذ الهايكست والأديب الأردني: محمود الرجبي وقام بتكليفي بالمهام الإدارية فيه بمفردي
وبدوري دعوت كل الأصدقاء ومتابعيني من كل العالم ممن يجيد هذا اللون وكان هدفي الأول التواصل معهم مباشرة ونشر ثقافات مختلفة ونجحت الفكرة ولاقت رواجآ واسعآ وكان النادي بمثابة ملتقى دولي للهايكو وأقيمت من خلاله الصداقات العالمية الأدبية الأخرى ومن هنا فتحت بوابة التواصل بسرعة كبيرة بواسطة هذا اللون إلى النوادي والمجلات العربية وحتى الصداقات المحترمة حيث أحبوا الإنضمام والتعرف للغة الهايكو العربي ،
أكثر من التواصل الأدبي الماضي مع الغرب .
وأنا فخورة بأنني أحد أعضاء هذا الوصل في نشر الهايكو الياباني والعربي ومنه إلى العالمي .
٣-هل توصيل المشاعر عبر الكلمة يختلف من لغة الى لغة ؟
_في إعتقادي لا ، فنبض القصيدة ليس له جنسية معينة
وهنا تترك المساحات بأكملها لفراغ الروح الذي يتراوح
بين نص وآخر دون إعتبار اللغة ،
ومن تجربتي الخاصة حول العالم قراءة وترجمة للنصوص من جميع اللغات إلى العربية أجد تجانسآ رائعآ بين اللغة العربية واللغات الأخرى
ولكي يصل صدق التصور في المشهدية لأي شاعر ومن أي بقعة على الأرض يحتاج بلاغة ودهشة
وعمق في السرد ليلامس أرواحآ أخرى .
٤-هل يعتبر فن haiku فن عابر للثقافات أي أنه فن لكل الشعوب أم أنه فنٌ دقيق وله محاذيره؟
_حقيقة هو فن متفرد جدآ في كتابته ومواسمه ومشهدياته المرتبطة شرطآ بالطبيعة ولذا سمي ب( قصيدة اللحظة )
نعم هو نوع مختزل جدآ وبسيط ورشيق يدخل قلب أي لغة ويعبرها أيضآ إلى فسح جديدة ومدهشة وبديعة من الشعور ليترك في الروح نبضآ ناضجآ لايذبل أبدآ رغم تكرار قراءته ويستحضر بقوة رفقة الظلال والأطياف بلا مواسم ولا فصول.
نعم له شروطه الخاصة ولكن ملامسته للغة العربية أضافت له روح وجسد جديد وحلة أخرى للبوح تشبهه من زاوية أخرى وبسبب إختلاف المقاطع الصوتية لقصيدة الهايكو بكل لغة وعدد الكلمات وترجمته
تبلور نص الهايكو العربي إلى صيغة مختلفة لذات الروح في النص الأصلي مع مراعاة بعض الشروط فقط .
٥- ماذا تعني لك مشاركتك العالمية كشاعرة عربية وحيدة عن شعر الهايكو haiku من ضمن ٦٦١ قصيدة من ٦٣ دولة عالمية؟
_في الواقع عشقي للثقافة العالمية طرح لي أفقآ كثيرة للبوح وأتاح فرص لمشاركاتي الورقية والألكترونية في أنديتهم وإصداراتهم المشتركة خاصة وأن كم صداقاتي من كل العالم ساعدني كثيرآ في التواصل مع الشعوب الأخرى بسهولة ودعوتهم إلى نشاطاتي الأدبية والورش المقامة في أنديتنا العربية بداية نوادي الهايكو العربي بإدارة الأديب الأردني الكبير: محمود الرجبي وتدريبهم على فن الهايكو العربي وكان لي شرف تقييم النصوص وتكريمها وترجمتها ومن هنا حظيت بقرب خصب لهم وبهم وأصبحوا عائلتي الفيسبوكية الدافئة ؛
وصارت دعواتهم الكتابية تتهاطل علي بحكم هذا القرب الذي أعتبره الأجمل في حياتي الأدبية والإجتماعية ،
وأقود مشاركاتي دائمآ بهويتي العربية بغض النظر عن أسمي وشهرتي وأنا فخورة لأنني أمثل لغتي ووطني في كل العالم.
٦- ما هي بدايات فن haiku وهل يتغير مفهومه عندما يمتهن من قبل شعوب وثقافات اخرى؟
_بداية فن الهايكو تشبه إلى حد كبير بداية قصيدة السطر الواحد العربية
والتي تتشابه أيضآ ظروف ولادتها
فالهايكو بداية قصيدة شعبية غنائية تجيدها طبقة الفلاحين غالبآ لإضافة بهجة ومتعة تخفف عناء العمل
وقصيدة السطر الواحد العربية شعبية أيضآ وتخاطب الطبيعة ومؤلفة لنفس الطبقة وعلى سبيل المثال
قصيدة العلم الليبية الشعبية الخاصة بوطني
والتي ولدت بذات الظروف والمشهدية والبلاغة ،
دعيني أقول أيضآ أن المسمى هايكو لن يتغير
بل يمكن أن يتطور بشكل سريع كما يحدث الآن وبشروط ربما إضافية وأكثر دقة في خدمة النص
حسب اللغة المكتوب بها وأبعاد تناولها و
تداول الهيكل الفني للنص .
٧- ماذا يعني لحضرتك التمايز بنوع من الفنون بين زملائك الشعراء والفنانين وما هي ضريبة الشهرة على شخصك الكريم؟
_لا أعتبر إحترافي للهايكو تمايزآ من باب التواضع
لأنني أصبت به وأصابني جنونه ،
ولم أضع حرفي ونبضي يومآ في حلبة تنافس
ولم يخلق للمقارنة .
قد تكون نصوصي قوية وقد تكتب الأقوى
وليس غرورآ أن أعتبره حرفآ له هوية وخصوصية
لن تتكرر في كتابة هذا اللون وبشهادة عالمية أجمع عليها كبار الأدباء من كل العالم وهذا التفرد الروحي
يسعدني جدآ .
٨- هل الفنون وخاصة الشعر يساهم في نشر ثقافة بلد ما والى اي حد يساهم في التقريب بين الشعوب والحضارات ؟
_نعم وله الدور الأكبر في تقارب الثقافات بين الشعوب والدليل ما عشته ولمسته خلال تجربتي الشخصية من مشاركاتي وترجماتي وقراءاتي لنصوص غربية وخلق مساحة مشتركة بيننا في توارد اللغة والشعور .
٩-ما هو تأثير كثرة التكريمات التي حصلت عليها دوليًا خلال مسيرتك الفنية؟
_بداية كنت مهتمة في حصدها ولم يكن من باب التباهي أبدآ بل كنت أهاب هذا اللون وبحاجة شديدة لحصد النبضات لا التكريمات في حد ذاتها
فالتقييم من شعراء كبار بمثابة شرف لي بالتأكيد
أما الآن وحالما أعتنقت الهايكو وأصبح يسكنني لا أهتم كثيرآ للتكريم أو حتى التقييم لأنني أعلم جيدآ عمق ما أكتب ويسعدني كل نبض يهديني قربآ
او حتى بعدآ عن مايراودني من صدى شعور .
١٠- اي دور تلعبين في محاكاة معاناة الشباب في وطنك عبر الفن الذي تقدمينه؟
_في أغلب نصوصي كنت أحاكي الشوق .. والشوق
بجميع فصوله وملامحه وأعتقد أنه ضالتي الشعورية
كضالة أي شخص ناضج يمر بسقوط وذبول
بشروق وغروب… بخريف وربيع .. بأزمنة وأمكنة
ومخاطبتي لأي نبض يمر بحروفي بمثابة مؤازرة للأرواح التائهة والمتلاشية والمستظلة بالأصداء
في عزلتها المؤقتة المضنية التي تجمعنا في فسحة
معتمة وفارغة تتخذها وطن .
١١_ماذا تقولين في إنشاء منتديات للأعمال الأدبية وخاصة رأيك في (ملتقى الشعراء العرب) الذي يرأسه الشاعر :ناصر رمضان عبد الحميد؟
أنشأت بداية فكرة نادي الهايكو من كل العالم ولازلت أدعم الوصل الثقافي العالمي مادام نبضي
وسأدعو أصدقائي الغرب لكل النوادي الممكنة سواء المتخصصة في الهايكو أو أي نوع أدبي آخر
نحن شعوب الشعور لا لغة لنا ولا هوية سوى
النبض الذي يتخلق بيننا .
وبالنسبة لملتقى العرب الذي يرأسه الشاعر والناقد دعيني أقول اللبق
الأديب: ناصر رمضان عبدالحميد
والذي أحترم فيه أخلاقه الأدبية جدا ،
رغم إنضمامي الجديد له أرى أن الجهود المبذولة رائعة خاصة في تعاطي الأدب عبر الأثير والتواصل المباشر مع هيكليات وأجناس أخرى من الأدب وإتاحة الفرصة لكل منها في شرعنة كتابته.
أخيرآ أقول ..
لكي أكون شاعر وتحت هذه الكلمة خط أحمر
يجب أن أكون مهذب الروح ومتلقي جيد لأي بوح ينسكب فيها وأحترم المساحات الشرودية للآخر مهما كانت سطحية في نظري ،
فالرقي هنا بالنبضات لا بالكلمات……
تحياتي لملتقى الشعراء العرب ولمجلة أزهار الحرف
وشكري الخاص لك الصحفية :نجوى الغزال
نينة السرتاوي- ليبيا
حوارتها من لبنان :نجوى الغزال
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي