قراءة في كتاب بقلم الاستاذ إحسان عبيد
مغلف طار من أبو ظبي وحط على مكتبي .. كان بداخله كتاب بعنوان على (هامش الحياة )للأديبة الكاتبة جمال حسين عبيد، زوجة الدكتور الأديب نايف عبيد.. الكتاب يقع في مئة وخمس وأربعين صفحة من القطع المتوسط، يتألف من اثنتين وأربعين مقالة.
.
تتضمن روحية التاريخ والمعاصرة. من التاريخ تمتاح قيماً إنسانية يبدو أن الزمن قد عفا على بعضها، فتقوم الكاتبة بغربلة هذه القيم، وتأخذ ما يلائم واقعنا الراهن، فتنفض عنها غبار السنين وتجلوها بحيث تبدو لنا لامعة مشعة تاركة تلك السلبيات التراثية التي من شأنها إعاقة التطور.
.
أما المعاصر منها، فقد استهدفت الكاتبة مجموعة من المضامين التي تتعلق بالنفس الإنسانية والسلوك المجتمعي، بما في ذلك الحريات والمشاعر والتربية.
.
تأخذنا الكاتبة بأفكارها إلى دور المزارع النشيط الذي يحفر قناة مائية ليسقي بها أرضاً أنهكها الصهيد.
.
وتقوم الكاتبة بدور العطار الذي يقوم بخلطة عطرية للفكرة بحيث تأخذ دوراً متميزاً في مهرجان العطور.
.
كل ذلك يجري باسلوب سردي رشيق تعتمد فيه على الاستعارات المكنية والتصريحية والترشيحية وفق إسقاط جميل، وصوراً تزيد من جمالية المعنى بحيث تبدو كقلائد زاهية في جيد المقالة، وثمة صور أراها غير مسبوقة مثل: تشقق الغيم الأسود في السماء الذي يرافقه ابتسامة وكأن الغيوم والتربة تتبادلان المحبة.
.
يلمس القارئ أن الكاتبة تدافع عن فكرتها بحجج قوية مستخدمة أشعار وأمثال السابقين والمحدثين من الشعراء والأدباء العرب والأجانب مما يشي بسعة الثقافة والإحاطة بها سابقاً ولاحقاً.. ففي الكتاب مقالات كثيرة تلبس الثوب القصصي تمشي بفكرتها بشكل سهمي من البداية للنهاية تمهيداً ومتناً وخاتمة مقفلة.. وفي مقالات أخرى تتبع الاسلوب اللولبي لتوضيح الفكرة التي تأخذنا إلى نهايات ذات فضاء مفتوح وكأنها تدعو القارئ ليشاركها همها الإنساني.
.
هذه السطور لا تغني عن قراءة الكتاب مما يجعلنا نطلب منها مزيداً من هذا الإنتاج الذي يشكل إضافة للمكتبة العربية.
