الكلمة يمكن ألّا تتغيّر بينما يمكنها أن تغيّرنا كلّيًّا. فهي تفعل ما لا يستطيع فعله داء ولا دواء . هي ذلك المسكّن الّذي يخفّف الألم أو ذلك السّهم القاتل الذي يرشق في القلب والروح معًا.
من أرض الأحلام، من مهد الفن والشّعر والأدب، من لبنان، تُطِلّ علينا الشّاعرة الرّقيقة “ليلى بيز المشغريّة”. هي شاعرة استطاعت أن تبني من مجموعة كلماتٍ وجُمَلٍ قصورًا من القصائد والأشعار.
بقلمها السّاحر وإحساسها الرّقيق البديع، استطاعت أن تؤثّر في كلّ مَن قرأ رائعتها الفنّيّة “لن يموت الحبّ” التي كتبتها عن زوجها الرّاحل (رحمة اللّه عليه) رثاءً له وتخليدًا لذكراه عند أولادها وأحفادها وكلّ مَن عرف أبا عيسى وأَحبّه كما قالت….
قد كان لمجلّة أزهار الحرف حوار مع الشّاعرة والكاتبة اللّبنانيّة (ليلى بيز المشغريّة) ،حاورتها من مصر (مي خالد)
1) هل يمكن أن تعرّفينا بنفسك؟ اسمحي لنا أن نتعرّف أكثر على مشوارك الأدبيّ والشّعريّ؟
- ليلى بيز المشغريّة لبنانيّة الأصل، مقيمة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة.
عضو في ملتقى الشّعراء العرب ومجلّة أزهار الحرف .
صدر لي عن دار سكرايب للنّشر والتّوزيع وبالتّعاون مع ملتقى الشعراء العرب :
-على قارعة النسيان(ديوان )
-وشاح من خجل (ديوان)
-لليل موسيقى التجلي (ومضات )
-لن يموت الحب (نصوص ذكريات)
2) متى بدأتِ اكتشاف موهبتكِ في كتابة الشعر، ومَن كان أكثر المشجّعين الداعمين لكِ لتُقدّمي هذه الموهبة إلى النور؟
- ليلى بيز شاعرة بالفطرة. فأنا كنت أعشق الشعر منذ الصغر أتقن إلقاء القصيدة وأعيشها بكلّ مشاعري، وكذلك كتابة النص النثري ..
بقيَت قصائدي على رفوف الورق وفي غياهب الدفاتر إلى أن شرّفتني الفرصة بإخراج موهبتي إلى العلن .. وهنا سأتوجّه أوّلًا بالرحمة لزوجي الحاج حسين علي بيز رحمه الله لاّنّه كان من المشجّعين الأوائل لموهبتي الشعرية، فهو كان يحرص دائمًا على قراءة ما أكتب. ومن هنا انا آليت على نفسي أن تبقى ذكراه خالدة إلى أجيال قادمة عبر كتاب “لن يموت الحب” .. وكذلك أتقدّم بالشكر لأولادي الّذين لولا إصرارهم ودعمهم لَما خرجت قصائدي إلى النور. وأخيرًا وليس آخرًا أتقدّم بالشكر من الصديق الشاعر والأديب المصري الأستاذ /ناصر رمضان عبد الحميد الذي آمن بموهبتي، فأخذ بيدي، وبتَوجيهه ومساعدته وصلت إلى ما أنا عليه اليوم ..شكرا…
3) لكل فنان و مبدع قدوة ومثلٌ أعلى يحاول الاقتداء به أثناء مشواره الفني والإبداعي، فمن هو الشاعر الذي تتّخذينه قدوة لكِ وتتأثّرين بكتاباته و شِعره بشكل كبير؟
- أكيد لكلّ منّا قدوة أو مثال أعلى يقتدي به ويتعلّم منه. ففي الشعر نبقى تلامذة ونحتاج دائما للقراءة لجهابذة الشعر لنصقل موهبتنا الشعرية …يجذبني من الشعراء القدامى المتنبّي
وامرؤ القيس، ومن المعاصرين كُثُر ولكن أحبّ القراءة للشاعر الكبير نزار قبّاني وكذلك محمود درويش رحمهما الله، وأكيد لشاعرنا الكبير المخضرم الأستاذ ناصر رمضان عبدالحميد؛ فأنا تعلّمت منهم الكثير وخاصّة كيفيّة صقل الكلمة بالصورة والإدهاش في النص وغلبة المجاز واستصحاب القضيّة.
4) لقد ذكرتِ في كتابك “لن يموت الحب” إنّ زوجك الراحل (رحمه الله) كان يعشق ملاحقة الأفاعي وكانت إحدى هوايته الغريبة، فهل كان هناك سبب معيّن وراء هذه الهواية؟
- لا، ليس هناك سبب معيّن، فقط الشجاعة التي كان يتمتّع بها. كان حين يصادف أفعى لا يخافها رغم صغر سنّه، لكنه يبقى وراءها ليقضي عليها …
5) من وجهة نظرك، هل المرأة الشاعرة تختلف عن الرجل الشاعر؟ هل للمرأة لمسات خاصة ومختلفة عن الرجل في كتابة الأشعار والقصائد؟
- لكلّ شاعر بصمته الخاصة وهويّته الشعرية التي يتفرّد بها، وهذا تحكمه ثقافة الشاعر وقدرته على الإلمام بالكلمة، وبالتالي بالقصيدة. فعلى الشاعر أن يكون مثقّفًا لا علاقة لكونه ذكرًا أو أنثى، فنحن نقرأ الحب ،الوطن، القضية ، الرثاء الخ… عند الاثنين كلّ حسب قدرته وإمكانيّاته ..
6) كثيرون من المهاجرين ينسون أو يتجاهلون هويّتهم الأصليّة، فكيف تمكّنتِ أنتِ وأسرتك الكريمة أن تتمسّكوا و تحافظوا على هويّتكم العربيّة وعلى المبادئ والأخلاق الإسلاميّة في ظلّ مجتمع متفتّح إلى أعلى درجة؟
- الوطن هو الهويّة الحقيقيّة لكلّ إنسان، والحفاظ على هذه الهويّة واجب علينا. فحبّ الوطن متجذّرٌ في قلوبنا وعقولنا ورضعناه مع الحليب صغارًا، وربّينا أولادنا على حبّ الوطن وأصالة الانتماء، ويبقى الجذوة التي تشعل فينا فتيل الشوق والحنين مهما ابتعدنا أو تغرّبنا. أمّا بالنسبة إليّ ولزوجي رحمه الله فالوطن لم يبرح فكرَينا وروحَينا، ونقلنا هذا إلى أولادنا، وحرصنا دائمًا على أن نزرع حبّ الوطن في أولادنا ونسقيه دائمًا بالأصالة. ولنثبّت هذا الحب في عقولهم عدنا بهم للعيش في ربوع الوطن لبضع سنوات. وأثمرت هذه الخطوة إيجابيًّا من هذه الناحية، فهم الآن لولا أحوال البلاد السيّئة لَكانوا أوّل العائدين للعيش في لبنان ..
7) ما رأيك في الحركة الأدبيّة و الشعريّة حاليًّا؟ خاصةً في ظلّ انتشار واكتساح وسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي؟ و هل يمكن أن نرى مستقبلًا شاعرًا مع الذكاء الاصطناعي؟
- في خضمّ هذه الغزوة الثقافية لوسائل التواصل الاجتماعي على أنواعها وفقدان الكتاب لبريقه ولجزء ليس بقليل من قرّائه، مازال هناك بقعة ضوء في سرداب الشعر والأدب، خاصّة لأصحاب الفكر المُترف؛ فالأمر لديّ كالمحارب الغضنفر الذي يصول ويجول بكل شجاعة في ساحة المعركة وحيدًا دفاعًا عن وجوده…
أما بالنسبة للذكاء الاصطناعي فكلّ شيء متوقَّع ووارد. ولكن الشعر بالنسبة لي هو كائن حيّ ينبض أحاسيس ومشاعر، ولن يدوم أبدًا بغير روح ..
8_بالطبع جميعنا نتابع ما يحدث في غزة الآن من آلام و مآسٍ، وكلّ إنسانٍ حقيقيّ الآن يحاول بطريقته الخاصة وإمكانيّاته أن ينقل إلى العالم صوت الأبرياء الذين يعانون، فهل يمكن أن يكون لكتابة (الأشعار والقصائد) الدّور والقدرة على نقل صورة ما يحدث في غزة وغيرها؟
_في البداية ما يجري في غزة مؤلم جدا وخاصة أمام هذا الصمت العربي المخزي ومن هذا المنبر أتوجه بتحية إكبار وإجلال لأهل غزة، غزة الصمود غزة العزة والاباء وألف رحمة على الشهداء ..
- قديمًا نعم، كان الشعر بمثابة وسيلة إعلاميّة يعتمدون عليه ليعرفوا من خلال القصائد ما يجري في البلدان أو القبائل الأخرى من حروب وغيرها. أمّا اليوم وبتعدّد الوسائل الإعلاميّة والفضائيّات والإنترنت بوسائله المتعدّدة حدّت من تأثير الشعر نوعًا ما ..ولكن الشعر الجميل والذي يحمل قضية ما ويدافع عنها، وهذا لا بد منه كي يدوم ويؤثّر. فبهذه الحالة نعم..فالشاعر يمكنه بكلماته أن يؤجّج روح المقاومة والشجاعة في نفوس الشباب، وخاصة إذا كان محقّا و يدافع عن الحق والأرض والوطن الخ…..
9) بالإضافة إلى كتابة الشعر، تُبدعين أيضا في فنّ الومضة، فهل يمكن أن تشرحي لنا ما هو فن الومضة؟ و هل يمكن أن يُستبدل الشعر بالمعنى المُتعارَف عليه والتقليديّ بفنّ الومضة؟
- نحن اليوم في زمن السرعة وغلبة وسائل التواصل الاجتماعي حيث فَقَدَ الكتاب جاذبيّته وكذلك القصيدة الطويلة، فاستسهل الكتّاب وكذلك القرّاء الومضة لقصر سطورها ولضيق أوقاتهم أيضًا ..
والومضة فنّ قديم في الشعر عرفه العرب، والمقصود به قصيدة البيت الواحد التي فيها من التكثيف والإدهاش والمفارقة والإيحاء. فهي عبارة عن لحظة أو موقف أو مشهد أو إحساس شعريّ خاطف يمرّ في الذهن ويُصاغ بألفاظ قليلة ومعانٍ كثيرة تفي بالغرض .. أما بالنسبة لسؤالك عن استبدال الشعر التقليدي بالومضة فلا أعتقد ذلك، إذ كلّ نوع له قرّاؤه، وسيبقى للقصيدة قيمتها ومكانتها …
10) هل يمكن أن تخبرينا عن رأيك في ملتقى الشعراء العرب وما يقدّمه من ملتقيات؟ و حدّثينا عن علاقتك بالشاعر ناصر رمضان عبدالحميد رئيس الملتقى؟
- صراحة شهادتي بملتقى الشعراء العرب مجروحة لأنني من أهل البيت، ولكنني أراه كوكبًا ينبثق منه نجوم تنير سماء الأدب والشعر والثقافة، فهو ذات آفاق واسعة. ما يقوم به ملتقى الشعراء العرب نهضة في جسد الثقافة والأدب وهو يستحقّ عليه وسامًا من التميّز والإبداع. إنّه يحمل قضيّة الشعر ويدافع عنه وعن الفن بالإجمال من خلال استقباله للشعراء والفنانين في ندوات أسبوعيّة ومن خلال مجلّته الشهريّة أيضًا مجلة أزهار الحرف وموقعه الإلكترونيّ عبر الإنترنت. وهنا سأتوجّه بالشكر الجزيل للجهود التي يبذلها القائمون على هذا المنتدى ابتداءً من رئيسه الأستاذ ناصر رمضان عبدالحميد والأخوة جميعًا ..
أمّا بالنسبة لرئيس الملتقى الأستاذ ناصر فهو كاسمِه ناصر للشعر والثقافة واليد الخضراء الممدودة لكلّ مبدع ومبتدئ على حدّ سواء. كريم وعربيّ أصيل، صديق، هو أرقى من أن يوصف بحروف وكلمات، رائد من روّاد الكلمة وأيقونة في عالم الثقافة والأدب، هو الأب الروحيّ للملتقى، صديق صدوق صادق لا يعرف الرياء. أتقدّم منه بجزيل الشكر على صداقته أوّلًا وعلى رعايته وأخوّته. أتمنّى له دوام النجاح والإبداع ودوام الصحة والعافية وطول العمر ليبقى النور الذي يشعّ في الملتقى..
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي