ياسمينة عكا كما أطلق عليها الشعراء
الشاعرة الفلسطينية المبدعة /نهى عودة
صاحبة الأنامل الصوفية والتراتيل الروحية والنزعة القومية العربية، تعشق عبد الناصر، ياسر عرفات وتتغنى بحب العروبة
عضو ملتقى الشعراء العرب
أمينة السر بالمكتب الحركي للأدباء والشعراء(حركة فتح) منطقة صيدا لبنان
صدر لها مؤخرا ديوان (إمرأة النور ترمي النرد) عن دار رنّه بالقاهرة
كما شاركت في إعداد موسوعة (قصائد في رحاب القدس) التي صدرت عن ملتقى الشعراء العرب بالقاهرة برئاسة الشاعر /ناصر رمضان عبد الحميد
لتطير إلى القاهرة بعد أيام لحضور فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب 2024
وتدشن حفل توقيع ديوانها والاحتفال بصدور موسوعة (قصائد في رحاب القدس)
من هنا كان لنا معها هذا الحوار
حاورتها من لبنان /جميلة بندر
_شاركت مؤخرًا في إعداد موسوعة (قصائد في رحاب القدس) أشرف عليها الشاعر “ناصر رمضان عبد الحميد” رئيس “ملتقى شعراء العرب”، مع مجموعة من الشعراء والشاعرات من مختلف ثقافات عالمنا العربيِّ.
حِّدثينا عن الموسوعة وعملك بها، وماذا قدَّمت للقضية الفلسطينية، وهل فعلا جاءت على موعد مع ما يحدث حاليا؟
_هي موسوعةٌ شعريَّةٌ شارك فيها نُخبةٌ من شعراء أمَّتنا العربيَّة، وجميعُهم فاض من أجل فلسطين بما يكتنزه في فكره ووجدانه من حُبٍّ وحنينٍ ووجعٍ. وكان من حُسن حظِّي أن أكون ضِمن فريق إعداد الموسوعة، وأيضًا ضمن المشاركين فيها.
وقناعتي، مثل قناعة أيِّ عربيٍّ أصيلٍ، أنَّ أيَّ تضامنٍ مع القضية الفلسطينية، مهما كان نوعه وشكله، يُسهم في رفع معنويات الشُّعوب العربيَّة كافَّةً، والشعب الفلسطيني بشكل خاص. إضافةً إلى أنَّه يقدِّم حافزًا على التَّوثيق الشعري للوجدان العربي وللوجع الفلسطيني على حدِّ السواء، ويُبقي القضيَّة الفلسطينية على قيد اليقظة والحياة عربيًّا وإنسانيًّا، في ظرفٍ تاريخي تسعى فيه بعض القوى الدولية إلى اغتيال الحقِّ التاريخي الفلسطيني، واغتيال القضيَّة الفلسطينيَّة العادلة ذاتها.
أمَّا حول تزامن هذه الموسوعة مع الحرب الشيطانيَّة المُعلنة على فلسطين وشعبنا في غزَّة، فاعتقادي بأنَّه تزامنٌ له تأثيره العميق في النَّفسيَّة العربيَّة والفلسطينيَّة. واعتقادي بأنَّ كل توقيتٍ هو الوقت المناسب للكتابة الشعرية عن فلسطين وصمود أهلها على أرضهم، منذ عام النَّكبة إلى يوم تحرير فلسطين الآتي ولا ريب فيه. والوجع الفلسطيني قاربَ على الثَّمانية عقودٍ من الزَّمن، ولن يزول إلاَّ بزوال الكيان الصُّهيوني، وشروق شمس الحريَّة على فلسطين، وعودة أبناء الأرض اللاَّجئين منهم والمُهاجرين إلى أرضهم وسماء بلادهم.
_هل للكلمة دور يضاهي دور السلاح في الدفاع عن الأوطان؟ أم هو المتاح؟
_الكلمة حقٌّ وسلاحُ مقاومةٍ في جميع العصور، ولها قوَّتها وتأثيرُها وجدواها وفعاليتها في ميدانها الفكري والرُّوحي والوجداني. أمَّا السِّلاح الحربي والعسكري فله ميادينه على أرض الواقع وفي خِضَمِّ النيران، وهو حقٌّ مَشروعٌ لكل ثائرٍ من أجل تحرير وطنه وأرضه.. ولا يُمكن فَصل الكلمة عن البندقيَّة، فهُما رفيقان في درب الثَّورة والتَّحرير. وإذا كانت مُخاطبة العالم تكون بالكلمة، فإنَّ العدوَّ تتوجَّب مقاومته بالنَّار والبندقيَّة المدعومة بقوَّة الكلمة أيضًا. ولا أعتقد بأنَّه يُمكننا القول بأنَّ الكلمة هي “المُتاح”، فلم ينقطع العمل العسكري الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الصهيوني منذ عام النَّكبة وسيستمرُّ حتى التَّحرير، ولم يُسجِّل التَّاريخ بأنَّ وطنًا حرَّره أبناؤه بالكلمة والشِّعر.. ربَّما أنَّ المقاومة السِّلمية أو اللاَّعنفية التي قادها “غاندي” في الهند قد حقَّقت شئيًا.. ولكن هناك فرقٌ بين الاستعمار الاستيطاني، وبين الأشكال الأخرى للاستعمار مثل الانتداب أو الحماية، وهذا موضوعٌ يطول الحديث فيه..
_حدثينا عن نشاطك كأمينة السر بالمكتب الحركي (للشعراء) بحركة فتح بصيدا بلبنان، وماذا يقدم للمبدعين وكيف ينمي المواهب؟
_حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) كما هي دومًا منذ عقود، الحاضنة للإنسان الفلسطيني أينما كان على جغرافية العالم، وهي أيْضًا الحاضنة للعلم والثقافة والتُّراث والمقاومة.. وبالتالي وجود المكتب الحركي للأدباء والشعراء يعني نشر الثقافة الفلسطينية في لبنان وغيره من الأوطان التي يتواجد فيها الفلسطينيون.. وجودٌ يُمثِّل التَّواصل الفلسطيني، وبناء الأجيال على الأصالة الفلسطينيَّة بكل عناصرها، وتغذية الفلسطينيين بثقافتهم وتراثهم، وتحصينهم روحيًّا وفكريًّا ضدَّ كلِّ المساعي لاستلابهم وتفريغهم من هويَّتهم التَّاريخيَّة..
أقام المكتب الكثير من الأمسيات الثقافية في مختلف المناطق اللبنانية، كما رعتْ حركة “فتح” العديد من الإصدارات الشعرية وغيرها من النشاطات الثقافية المتعددة الأهداف والغايات، والمُوجَّهة إلى مختلف الفئات العمرية. أمَّا بالنسبة إلى المواهب، فنحن نعمل على تدريب الموهوبين على إلقاء الشعر، وتنمية مهارات الكتابة لمن يملكون هذه الموهبة في مراحل عُمريَّةٍ مُبكِّرةٍ، ومن ثم تقديمهم في مختلف المناسبات، وخلق مظلةٍ آمنةٍ حيث لا تذهب هذه الإبداعات طيَّ النسيان، بل تنمو وتزدهر وتصدح بصوتها عاليًّا من أجل نصرة قضيتنا وشعبنا الفلسطيني.
_لماذا “امرأة النور ترمي النرد”، حدثينا عن الديوان وفكرته؟
_”امرأة النور” هي من التَّعابير اللغوية التي أشعر بانتمائي إليها وانتمائها إليَّ، فلقد كان لي عدة قصائد منذ زمن تحمل العبارة نفسها، فهي عبارةٌ من صميم قاموسي الشعريِّ.. أمَّا رميُ النَّرد فهي تعبيرٌ عن الثقة والطمأنينة، رغم عدم اكتراثي بالخسارة.. فحتى الخسارات تبني شخصياتنا وتعلِّمنا كيف ننجح من جديد، وكيف نحمل الحُبَّ المتجدد والشوق للوطن. هذا الديوان ينثر الكثير من الوجدانيات والتجارب ومعاناة اللجوء والشتات ولم أنفصل يوما عن وطني حتى عندما كتبت الحبيبَ عِشقًا.
_كيف تحققين التوازن بين الحفاظ على أسلوبك الفريد وتلبية توقعات الجمهور وهل تؤثر التجارب الشخصية في قصصك؟
_الإنسان ابن بيئته، والشاعر والمُبدع عمومًا، ما هو إلا ذلك الشخص الذي يحاكي الناس بلغته الخاصة، ويتميز مع الوقت بأسلوب يعتاد عليه هو والجمهور القارئ له أيضًا في ذات الوقت. لرُبَّما يختلف مسار الحَرف مع الزمن والتجربة، وما تغدق عليه الحياة من فرح أو أسى، لكن تحقيق التوازن يأتي تلقائيا بعد بناء هوية إبداعيَّةٍ خاصة تتجلى في المعاني والمفردات التي يطرحها الشاعر أو الكاتب فيصبح منها وتصبح منه.
_ماذا يمثل لك لبنان بلداً وشعباً؟
_لبنان، هذا الوطن الذي ولدت وترعرعت فيه حتى التصق الحنين ببلداته، والكثير من الذكريات بين أزقته ومدنه، يعني لي “نهى” الطفلة والفتاة والمرأة.. حققتُ على أرضه نجاحًا واسعًا بين أبناء شعبي وأبناء الشعب اللبناني الذين يحملُ محبَّةً لفلسطين وشعبها. كما أنَّ هناك روابط أسرية أيضا بين الشعبين الفلسطيني واللبناني، فسبعة عقود ونيف ليسوا بالقليل لنحمل الكثير من الحب والوفاء لهذا الوطن الذي احتضن الفلسطينيين، وقدَّم الكثيرَ من الشهداء على درب فلسطين حتى العودة إلى وطننا الحبيب بإذن الله.
_هل عادت القضية الفلسطينية من جديد لدى الوعي الجمعي للشعوب العربية بسبب طوفان الأقصى؟ أم أغرقها الطوفان؟
_القضية الفلسطينية لم تغب يومًا عن وعي وفكر ووجدان الشعوب العربية، فلم يتوقف نزف الدماء وارتقاء الشهداء في وطني يومًا. ولطالما كانت الضفة الغربية وقطاع غزة لهما النصيب الأكبر من القتل الوحشي على يد الاستيطان الصهيوني. قضية فلسطين هي قضية كلِّ حرٍّ شريف يؤمن بالإنسانية أولا، ويؤمن بأنَّ الحقَّ المسلوب يجب استرداده مهما كلَّف من أثمان، ومهما طال الزَّمن.
المذابح والمشاهد الدموية في الحرب الأخيرة على غزة والضفة الغربية، والتي لم يعهد لها مثيل من قبل، وخاصة بوجود وسائل التواصل الاجتماعي، أوجع وآلم شعوب العالم لتتضامن وتقف مع فلسطين هذه المرة وقفة عز وشرفٍ، وتطالب بوقف شلال الدم.. ولا يسعني إلاَّ تقديم الشكر العظيم إلى جنوب أفريقيا التي أدانت “إسرائيل” في محكمة العدل الدولية، مطالبة بوقف المذابح ضدَّ الشعب الفلسطيني، وحق تقرير مصيره على أرضه..
_ما جديدك في عالم الإبداع والشعر؟
صدر لي عن “دار رنة للنشر والتوزيع” في جمهورية مصر العربية ديوان شعري بعنوان “امرأة النور ترمي النرد”، وسيتم توقيعه في اتحاد الكتاب المصريين، ويشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2024.
_ماذا تمثل لك مصر تاريخاً وشعباً ولماذا حب الزعيم جمال عبد الناصر؟
_مصر أمُّ الدنيا ومهد الحضارة وقِبلة المُبدعين في مختلف الآداب والفنون.. لها تاريخ عريق في احتضان المُبدعين، ولا يمتلك الإنسان العربي إلاَّ أن يُحبها وينتمي إليها بروحه وقلبه.. ولطالما كانت مصر وما زالت وستبقى حاضنة للعرب عامة وللشعب الفلسطيني خاصة.
مصر هي بوابة أكثر من مليونيْ فلسطين في غزة هاشم على العالم، وهي مبعث الأمل لهم في حياة آمن. أمَّا الراحل العظيم “جمال عبد الناصر”، فيجب اختراع لغةٍ خاصة للحديث عنه، فهو أكبر من بلاغة كلِّ اللغات، فهو زعيم الأمة العربية والموحد لكلمتها. هو بطل قومي عربي حقيقي، اهتم بالقضية الفلسطينية وكانت متلاصقة به حد الروح.. ورثتُ محبَّته من كلام أبي رحمه الله، حتى كبرت وقرأته وآمنت بفكره وبتوجهه الحقيقي لنصرة قضيتي الفلسطينية.
_ماذا عن المنتديات الأدبية في الواقع وعالم الأنترنت؟ وماذا عن ملتقى الشعراء العرب الذي أسسه ويرأسه الشاعر ناصر عبد الحميد رمضان؟ وهل أضاف لك وماذا أضفت له؟
_المنتديات العربية تعمل على إظهار المبدعين ونشر الثقافة والحروف المتنوعة وهذا شيء جيد بالنسبة لي، فهو يقرِّب الأشقاء العرب ويجعل التواصل فيما بينهم أسهل وأقرب روحيا وفكريا وثقافيا. ملتقى شعراء العرب يهتم بالشأن الثقافي ويقوم بدوره كاملاً في نشر الحرف العربي والكتابة الابتداعية.. وأنا أميل إلى تعارف الحروف والأفكار والأشخاص. والمنتدى إضافةٌ نوعية وجميلة، حيث يتيح الفرصةَ للتعرف على الحَرف الفلسطيني ووجع الفلسطيني المُهجَّر عن وطنه. وهو يضيف دوما لأيِّ شخص الوجودَ والقرب بين الشخصيات العربية المؤثرة ونحن منها، وهذا يُحدث توازنا بين ما يضيف لك وما تضيفين له.
_لماذا إصرارك على الطباعة في مصر رغم بعد الشُقة وبعيدا عن الأصدقاء؟
_إصداراتي الثلاثة الأولى كانت في المملكة الأردنية الهاشمية، وقد قمتُ بتوقيع كتابي الأول “نثرات روح” في مسرح عمون وبرعاية دار العرب التي يرأسها الشاعر الصديق قصي الفضلي، ولم أشعر بسفراتي المتكررة إلى الأردن وغيرها من البلدان العربية بأية غربة، ولدي الكثير من الأصدقاء والإخوة في الحركة الذين يشكِّلون احتضانا عذبا يُنهي جدلَ المشقة وبُعد الأصدقاء، وهذا ما ينطبق أيضًا على أمِّ الدُّنيا وأرض الكنانة.
_هل الزواج والأسرة في الوطن العربي عائق خاصة لدى المرأة المبدعة الطموحة؟
_الزواج والأسرة هما الأساس يمنحان المرءَ القوة والقدرة للاستمرار في تحقيق أهدافه، وبطبيعة المرأة العربية أنها تميل إلى مشاعر الأمومة كشعور أساسي ومتقدم عن باقي المشاعر، لذلك يمكن أن يتأخر شيء ما هنا أو هناك نتيجة وجود الأطفال، لكن باستطاعتنا استكمال ما بدأناه بعد مرحلة معينة من الأمومة، فلا يمكن لأيِّ شعورٍ بالنجاح أو الظهور أو التألق أن يُعيقه أو يعرقله الزواج والأسرة.
حاورتها من لبنان /جميلة بندر
عضو ملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار الحرف
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي