لقد تغيرت، وأعترف بذلك وأبصم بالعشرة على اعترافي هذا، فمذكراتي، تلك التي أكتب فيها خواطري عادة، فاجأتني اليوم، فلا أشعار فيها ولا أقوال، ولا حتى مخطوطات ، حتى كلماتي ضاعت وسط ضباب غريب ، وقصيدتي المفضلة ضاعت بين خرابيش هنا وهناك ، قلبت الصفحات
فوجدت أمامي سيلاً منهمراً من وصفات الطعام تتسارع أمام ناظري ، أنا التي لن اقوم بتطبيقها يوماً ما، على رأس صفحة ما وصفة حلوي فرنسية ،وفي الطرف الأسفل وصفة طبق صيني وفي المنتصف آخر إيطالي ، حتى المنسف لم يسلم ، صفحاتي مقادير ووصفات طعام في كل مكان.
تألمت وانا أكاد أشتم رائحة السمنة والثوم والبصل والصفحات دامعة ، ربما من تقطيع البصل وتتشكى ، تناديني ،أينك ، أين أفكارك المرتبة الثمينة ، أين قصصك ؟؟ فيم غيابك حزنت، رثيت لحالي، وللحال التي أصبحنا فيها، ولا نستطيع الفكاك منها، فالأخبار المؤلمة أخرستنا وسدت منابع الإبداع في عقولنا، فكيفما نقلب إذاعات التلفاز هناك مأساة يتفرع عنها موت حالي وموت مؤجل ، واقع أليم ، دماء هناك وصراخ اطفال جياع يلتمسون قطعة خبز أو عجوز لم يبقِ لها العدو قريبا أو أنيسا تملكنا العجز المقيت ، استحوذت علينا السلبية، كبلتنا بقيود لا مرئية ، ولا نستطيع الفكاك ، تستلبنا الآهات من القلب، تخرج حارة قوية، ثم تنهمر الدموع فنبكي بحرقة مع روح الروح. مع الحلو الأبيضاني وشعره الكيرلي ليثور فينا موال السباب على الجناة، القتلة مغتصبي الأرض.
سامحونا أيها الأشقاء هناك ماوراء سيناء ، فنحن لا نتقن سوى السباب والاجتماعات وإدارة المراثي ونقل وصفات الطبخ على مذكراتنا ومفكراتنا، صدقوني، حالنا سيئ جداً، بل أسوأ مما تتوقعون ، لقد فقدنا ميزاتنا وعوالمنا الهادئة بينما أنتم تستشهدون عند شاحنة تنتظر المساعدات الدولية ، ولاندري ما العمل ،
إخوتنا
أعتذر منكم ، أعتذر بشدة فما باليد حيلة .
ع.م
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي