قراءة في ديوان ” للحبّ رائحة الأرق “
ومضات
للشاعر/ ناصر رمضان عبد الحميد
الحبّ لدى الشاعر ناصر رمضان من أفضل المشاعر التي من الممكن أن يقدّمها لأحد، حيث أنّه لا يوجد فيه حدود أو مسافة. فالشّعر سيّد الكلام لأنّه لغة الإحساس وفيض المشاعر والحبّ، يساعد على تلاقي الأرواح والقلوب، فكيف إذا كان الشّاعر يمتلك الحسّ الإبداعيّ ولديه لغة تمسّ شغاف القلب؟!.
الشاعر يعيش بين حنين ، وحيرة ،شغف ، وعشق ، غيرة ، وفراق. وهو في كتاباته يتحلّى بالحسّ المعنويّ والعاطفيّ، فنراه في ديوانه يحنّ للمرأة دائمًا، إليها العودة والملاذ، ويحنّ معها إلى الأمّ ، الزوجة ، إلى الرَّوض الأنثويّ الطافح بالجمال والحبّ. لذا فإن القارئ يجد في ومضاته الكثير من الصدق والعفويّة والفكر وحسن الصياغة ورحابة المعنى .
قسم الشاعر ومضات ديوانه إلى قسمين :
قسم التزم فيه بالوزن والقافية (الموسيقى)،
وقسم نثريّ.
ضمّ القسم الأوّل
١٤٠ ومضة،
والقسم الثاني
النثر ٨٥.
إنّ المطالع لهذه الومضات يجد فيها كلّ شي بحكمة فيلسوف وخبرة شاعر عركته الحياة فأخرجت ما لديه من كنوز.
والومضة فنّ لا يقدر عليه الكثير لأنّ فيها من التّكثيف والإيجاز ما يجعلها تفي بالغرض دون إطالة.
ومن العنوان نلمح حالة القلق وعدم الاستقرار اللذين يسريان في الومضات، ممّا يجعل المتلقّي في حالة قلق ماتعة مع النصّ قراءةً وتفاعلًا؛ إذ أنّ الشاعر استجاب لصوت القلب فأحب وعشق، لكنّه وبالرغم ممّا مرّ به من تجارب جعلته خبيرًا، تعثّر :
للحبّ كن
قال الوجيب
وصوته صوت خفوت
لكنني وأنا المعلّم
صرت التحف السّكوت
في ذلك إشارة واضحة إلى القلق بين الإقدام والإحجام،
بين الصوت والصمت، بين القرب والبعد. هي حالة من القلق ابتدأ بها الشاعر ومضاته ليفصح عمّا في داخله ويتماهى مع العنوان
“للحب رائحة الأرق”،
فها هو ينادي ليلاه
وليلى اسم علم يُطلق على كلّ مَن يحبّ في التراث العربي
قيس وليلى.
يستدعي حالة القلق مرّة أخرى:
وما ليلي سوى ليلى أعاتبها
فلا ليلى ولا ليلي أجابا
في مفارقة بين الاسم والمعنى والليل للسكون لكنه الحب منعه النوم ينادي من خلاله على الحبيبه التي حتما لا تجيب.
في مطالع “للحب رائحة الأرق” يجدّ ناصر بكلّ مفرداته ودواوينه من حالة عدم الاستقرار والتجلي وروح التصوف و الاغتراب، حتى حين يبدع أستمع اليه:
في كفي
تترنح ومضة
وافكر فيك فتختنق.
إن المتابع للومضات يجد نفسه داخل القلق والتوتر المؤدّي إلى الحالة الشعرية والشعورية والتجربة التي نضجت وأخرجت لنا نصًّا تفوّق فيه الشاعر على نفسه
ووضع فنّ الومضة فوق القمّة.
لم يترك بابًا من أبواب الحب إلّا وولجه بموسيقاه العذبة،
١٤٠ ومضة يكتب عنها كتابًا كاملًا.
لكنّ ضيق المساحة لا تسمح لي أن أفيض في النقد والتحليل.
والمطالع للومضات النثرية يجد فيها نوعًا من الفلسفة والعبرة، وهي نوع جديد لم يولَج من قبل، لعله بذلك يقول للأجيال كلمته من خلال خبرته لعلّهم لا يقعون في ما وقع فيه الشاعر اختصارًا للزمن والوقت.
إنّ الحبّ على سبيل المثال
يأخذك إلى أعلى كالمصعد :
الحب كالمصعد
إن لم يأخذك إلى أعلى
فحذار أن تصعد.
والمطالع للومضات يجد السياسة مستبطنة واضحة، فالحبّ كالسياسة،
وما نحن فيه من ضياع للحب هو بسبب عوامل سياسيّة، لأنّ الحبّ مرتبط بمعانٍ اختفت كالوفاء والتضحية…
أرجو للشاعر ناصر رمضان عبد الحميد دوام التألق والإبداع، وإلى مزيد من التقدم والنجاح الدائم
*
غادة الحسيني
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي