سُنْبُلات مضيئة
بُقعةُ ضوء وَسَطَ هذا الظلام الدامس والظلمات التي تعيشها مجتمعاتِنا وأوطانُنا، فها هي السنبلات المضيئة تَعِجُّ في المكان، والبحر شاهد كما تقول الشاعرة زينة حمود.
لكن الواقع أليم ومرير ففي الجنوب تاريخٌ يحترقُ في الضفة الأخرى ضِحكاتٌ تترقبُ نزوحَ الموتِ تحت سماءِ الحرية، ووجوهٌ غريبة حاكَها الحزنُ. والدمُ ما زال ينزِفُ في اوطانِنا.
فيا ويلَنا من تلك الابتسامة الداعشية التي تلْهَثُ وراءَ قطراتِ الدم في مشفى الأمان، والدماء أيضا أريقت في أرض القدس والعالم يحتفل بنجاة قِطةٍ. يا لٍسخريةِ هذا الزمن !! فالشاعرة هنا رسمت بكلمات بسيطة تناقض هذا العالم لتُسَطِّر بشاعةَ ما يقترفه الانسان في زماننا هذا. كذلك رسمت بِبِضْعِ كلمات طَمَعَ الانسان فتقول: في يده رغيف وعيناه على كِسْرَةِ خبز يمضُغُها طفلٌ شريدٌ.
والحرية مقيدة ايضا فالجدرانُ عاليةٌ والنوافذُ صغيرةٌ تصرخُ للحرية، والبندقيةُ مهترئةٌ، فتقول الشاعرة: هناك على الضِّفة الأخرى بندقيةٌ صَدِئةٌ وفي عنقي قِلادَةٌ رصاصةٌ.
الوجوه تعبة، فعلى جدار الآه تلمح بقايا وجهٍ متعبٍ والريشةُ منكسرة. ألذلك تلوذ بالصمتِ. فالصمت حاضر جدا في ومضاتِها فتقول : خلف الستار عصافيرُ تزقزق وسرير صامت، نار الحب تُطفئُها شهوةَ الصمت، في زمن الصمت أُفْرِغُ الكلماتِ في كأس فارغ.
أوأنَّها تعيش الصمتَ لافتقادها لصديقٍ واحدٍ رغم كَثرةِ الضجيجِ حولَها، فها هي تقول: فتشت هاتفي لم اجد صديقا واحدا وأسماءٌ كثيرة.
وكأنها وجدت ملاذَها وَسَطَ هذا العالمِ المتناقضِ في الروحانيات والتقرب من الله، فتقول: وَحْدَهُ اللهُ يسمع حيرتَك ينقذك بسجدة في جوف الحنين.
كثيرٌ من الوَمَضاتِ مفعمةٌ بنفحةٍ روحانية أقولُ بعضَها:
أغنيةُ الآلهةِ نشوةُ نايٍ ترفرفُ فوقَ ظِلِّ أنثى
دورانُ الصوفي رحلةٌ في حضرةِ الإلهِ على لحنِ الوجود
ملائكةُ الليلِ أمامَ عِشْقِكَ تصلي في معبدِ الشياطين
الصلاةُ على بابِ ثَغْرِكَ مِفتْاحٌ للجنة التي تحت قدميكَ.
اللجوءُ الى الله في زمنِ الليلِ القاتمِ يُخْرِجُ هذه السُنْبلاتِ المضيئةِ التي سطرَتْها الشاعرةُ في لوحاتٍ جميلةٍ. فرغم الانكسارِ الابتسامةُ تَشُعُّ بهلوساتِ الثباتِ.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي