الأديبة بهية أحمد الطشم
أستاذة فلسفة وعلم نفس في الجامعتين اللبنانية والإسلامية. حازت على دكتوراه في الفلسفة من الجامعة اللبنانية عام 2013، ودبلوم الدراسات العليا في الفلسفة. تعمل حالياً بروفيسورة في الجامعتين اللبنانية والإسلامية، وتُمثل لبنان كرئيسة للجنة التعليم في العالم وعضو مجلس إدارة في الملتقى الإبداعي العالمي.
نشرت كتباً ومقالات في مجلات مرموقة مثل شينخوا والأهرام، ولها أبحاث في مجالات الحدس الفلسفي والقيم الأخلاقية وفلسفة البيئة. حازت على تكريمات عدة، ونظمت معرضاً فنياً بعنوان “نزهة اللون في لبنان” في 2022.
من هنا كان لمجلة أزهار الحرف معها هذا الحوار
حاورتها جميلة بندر.
1.كيف أثرت نشأتك في الهرمل على مسيرتك الأكاديمية والفكرية؟
*الهرمل حاضنة نهر العاصي…و كل الفخر أنني ابنة الهرمل ونشأت في قرية محاذية لضفاف أمير الأنهار…
تلازمني عادة المشي الصباحي مع بزوغ الفجر والتأمل في خيوط الشمس عند الشروق…ولعل كلمات مقالاتي تنساب في فكري إبّان كل لحظة امعان في حنايا أمير الطبيعة في الهرمل ….يُضاف الى ذلك أنني كنت متأثرة أعظم التأثير بوالدتي رحمها لها….
حيث كانت تشجعني دوماً….على المثابرة لتحقيق طموحي….ولعل أعظم وصاياها لي: ” تعلّمي كل شيء في الحياة….لأن مفاجآتها كثيرة….
أمي ( الخياطة والفلاّحة….وصاحبة الذوق الرفيع في إعداد الطعام …كانت تحمل دكتوراه فخرية في الحياة….رغم ظرفها المرضي…
تعلمت منها الارادة الصلبة ….
2.شهادتك العليا في الفلسفة تُعَدّ محورية في مسيرتك الأكاديمية. كيف شكلت أطروحتك “فلسفة السعادة والحياة في الفكر العربي والإسلامي” رؤيتك للفلسفة وكيفية تدريسها؟
*انا عاشقة للفلسفة …والفلسفة كلمة يونانية الأصل تعني: محبة الحكمة…
والحكمة هي جودة الذّهن….وأهم وظيفة للعقل البشري…ومهما بلغتُ من الدرجات العلمية أبقى طالبة على دروب الحكمة….فالحكمة تحاكي الصواب وانشده في مختلف الأمور…وما أروع انتفاء الأخطاء وتلاقيها من شؤوننا!
كان وما زال عنوان اطروحتي في مرحلة الدكتوراه ( فلسفة السعادة….) حاجة أساسية ومحورية في الحياة….ودفعني فضولي العلمي الى الغوص في تفاصيل موضوع مركب…..ينطوي على حنايا شاسعة من التفاصيل….
ذلك أن فلسفة السعادة ركيزة أساسية في كل حياتنا….ولا يوجد شيء في الكون إلا ونبحث فيه ولو عن سعادة نسبية أو جزء معين منها…
وتبقى فلسفة السعادة الجوهرية قائمة على الحكمة في طلب السعادة وعدم انتهابها أو التطرف في الحصول على الشهوات والرغبات…بمعنى تكريس مفهوم الاعتدال …هذا ما أؤكد عليه دوماً في محاضراتي مع طلابي في الجامعتين اللبنانية والإسلامية…
3.أنتِ أيضًا محاضرة في الفلسفة وعلم النفس باللغتين العربية والإنجليزية. كيف تدمجين بين هذين التخصصين في تدريس المواد الأكاديمية؟
- الفلسفة أم العلوم…وعلم النفس ينبثق من لَدن الفلسفة.. واحمل ماجستير في علم النفس ايضاً وعنوان اطروحتي الأكاديمية يدمج ( الفلسفة وعلم النفس وكذلك علم الاجتماع….) فلسفة السعادة والحياة في الفكر العربي والاسلامي..
اذ أُحاضر في أقسام: الفلسفة وعلم النفس واللغة العربية وآدابها باللغتين العربية والانكليزية…والدمجد يلعب دور الإغتناء المعرفي وفتح آفاق متنوعة…
4.قمتِ بنشر العديد من الكتب والأبحاث في المجلات العربية والعالمية. ما هي أبرز التحديات التي واجهتها في نشر أعمالك الأكاديمية على مستوى عالمي؟
*التحدي الاول مع نفسي أنني وقبل كل مقالة أتحدّى نفسي لإعطاء الأفضل…دوماً في اطار سيرورة فكرية ديناميكية…
وأنافس نفسي بنفسي…( ملاحظة قد أُتهم ببعض النرجسية…؛ ولكن أهم خطوة للنجاح هي معرفة قدرات وأهمية أنفسنا واستثمارها في الانجاز)..
واجهت صعوبة في نشر مقالاتي عن فلسطين الأبية ولكنني اصريت على نشرها في أكثر من موقع واكثر من مجلة رغم حذفها مرات عديدة…
5.مشاركتك في مؤتمرات دولية، مثل المؤتمر الصيني اللبناني ومؤتمر البيئة الطبيعية، تعكس تأثيرك العالمي. كيف تسهم هذه المؤتمرات في تعزيز التبادل الثقافي والأكاديمي؟
- مشاركتي في هذه المؤتمرات تأتي في سِياق السعي الدؤوب الى تكريس وإبراز هُويتنا الفكرية العربية الراقية على المنابر العالمية…وتسليط الضوء على دور الثقافة العربية الرائدة….في صُنع الريادة الأكاديمية والثقافية…
- ولا غرابة أن جبران خليل جبران فيلسوف الريشة والقلم والذي حلّق في رحاب العالمية خير مثال….؛ وقد تمت ترجمة مؤلفاته الى عدّة لغات…
واللائحة تطول…عن الاسماء الساطعة.
في تكريس أهمية التلاقح الثقافي بين مختلف الثقافات العالمية والاحتكاك المعرفي الراقي…
6.تكريمك من “ملتقى رواد ومبدعي العالم” ومن جمعية محترف راشيا يعكس تقدير المجتمع الأكاديمي لك. كيف يؤثر هذا التقدير على دافعك للاستمرار في مجال التعليم والبحث؟
- أكرر الشكر لكل من كرّمني عربياً وعالمياً….
والاستمرار في النجاح يضاهي السعي الدائم لتحقيقه….هاجس النجاح يرافقني دوماً في كل مقالة….وكل مؤتمر…..
المحافظة على النجاح….هي أولوية في اعتباراتي….
7.معرضك الفني “نزهة اللون في لبنان” يعكس جانبك الإبداعي خارج الأوساط الأكاديمية. كيف توازن بين اهتماماتك الأكاديمية والإبداعية؟
الابداع….فن….والفن إبداع…..وكل عمل ناجح ينطوي على ابداع
وهو ليس حكراً على مجال دون آخر …
ارسم بالحروف والكلمات….واقوم بتحليل اللوحات العالمية ووضعها كمنشورات أكاديمية بين أيدي طلابي….كمقررات للتدريس في الجامعة…
مع الاشارة الى ان مقررات سيميائية الصورة والحروفية والحضارة والفن هي مقررات احاضر فيها لطلابي في الجامعة اللبنانية
وألمس اهتمامات جمّة من الطلاب بهذا الشأن…خاصة خلال المعرض الفني…الذي نظمته في رحاب الجامعة اللبنانية
8.أبحاثك تشمل مواضيع مثل الحدس الفلسفي والقيم الأخلاقية وفلسفة البيئة. كيف تتناولين هذه المواضيع بشكل يساهم في فهم أعمق للفلسفة والبيئة في العالم العربي؟
ههه أضع كل حدسي….وثقافتي…وخلايا دماغي…
وفلسفة مفاهيمي في سبك موضوعاتي….
واعتمد الاستقراء….التأمل….الاستنباط…سرعة البديهة ….التحليل والاستنتاج …
9.كأستاذة في الجامعة، كيف تتعاملين مع تحديات التعليم الجامعي في ظل الظروف الاجتماعية والسياسية المتغيرة في لبنان؟
وهل يمكنكِ مشاركة بعض الأمثلة عن كيف أثرت دراستك للفلسفة على قضايا اجتماعية معاصرة في لبنان؟
نعم….النماذج كثيرة…وتحديات التعليم في وطني الحبيب كثيرة….
ولكن بحجم التحديات….تكون استجابة ارادتنا لتحقيق النجاح…وتوفير العلم والثقافة لكل الفئات المجتمعية..
وبالنسبة لتأثير الفلسفة في القضايا المعاصرة
….قمت وبفضل الله ومن خلال إمعاني في دراسة فلسفة النفس….
بمعالجة عدة حالات انتحار….
وكانت سعادتي لا توصف عندما رأيت الضحكات على ترتسم الوجوه الكئيبة مجدداً…. .
( إشارة إلى أن بعض من عالجتهم من الميول الانتحارية طلاب في المرحلة الاولى) من التعليم الجامعي….وبعضهم في عمر المراهقة… وكانت المفاجأة بتحسين نتائجهم الأكاديمية الجيدة ايضاً
10.لكِ اهتمام بتعدد اللغات. كيف تسهم مهاراتك اللغوية المتنوعة في إثراء تجربتك الأكاديمية والتواصل مع جمهور عالمي؟
اللغات المتنوعة شغفي…..
ولا أظن أن شيئاً ما في العالم يقف حائلاً أو يمنعني من تحقيق شغفي أو طموحي…
أفكاري مؤثرة عالمياً بشكل ايجابي وبمختلف اللغات….هذا يسعدني …
11.تعددت إصداراتك بين الكتب والأبحاث الأكاديمية والمقالات. ما هو العمل الذي تعتبرينه الأكثر تأثيرًا بالنسبة لك، ولماذا؟
وما هي أبرز التحديات التي واجهتك أثناء إعداد ونشر كتبك، وكيف تمكنت من تجاوزها؟
كانت وما زالت اطروحتي الدكتوراه…( فلسفة السعادة….) أهم ما كتبت؛
ولكن ينتابني شعور الأمومة المعنوية على كل كتاباتي….
ولا افكر بالصعوبات والتحديات. اجعلها خلفي بالوعي واللاوعي….لأنني تجاوزتها و اتجاوزها بدافع الانجاز الذي يحرك شخصيتي….
12.ما هي المشاريع المستقبلية التي تطمحين لتحقيقها في مجال الفلسفة أو الفن، وكيف تخططين
لتحقيقها؟
طموحي دائم الجوع….
والتوق الى تحقيق الانجازات لا يعرف نهاية طالما أنني اتنفس كتابة والكتاب صديقي الدائم….
ولكن اطمح حالياً أن أدخل موسوعة غينيس العالمية في تحطيم الرقم القياسي للمقالات العالمية المنشورة….
13.كيف ترين دور المرأة في التعليم والفلسفة في العالم العربي، وما هي التحديات والفرص التي تواجهها؟
دور المرأة العارفة رائع…في هذا الصدد….على اعتبار أن مجال التعليم يحتاج الى الصبر ….
المرأة الناجحة تخلق من التحديات فرصتها…..تماماً كما حدث معي…اذا لم تكن طريق طموحي مفروشة بالورود…
14.تتمتعين بخبرة واسعة في الأبحاث الأكاديمية. كيف تختارين مواضيع أبحاثك، وما هي العوامل التي تؤثر في هذا الاختيار؟
النماذج المجتمعية المختلفة….غالباً ما تحرّض عقلي…
وانا متأثرة بالفيلسوف الاجتماعي دوركايم الذي قال بضرورة وضع قوانين مجتمعية..ومعالجة ظاهرة الانتحار الفردي والجمعي
الجسدي والمعنوي….
رسالتي: منع الانتحار بكل اشكاله
15.هل هناك رسالة معينة تودين توجيهها للجيل الجديد من الطلاب والباحثين في مجال الفلسفة؟
رسالتي الأساسية
لكل الطلاب ولكل المهتمين
القراءة و القراءة ثم القراءة للأمهات الكتب الفلسفية والفكرية في العالم واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بحكمة وبإعتدال…..دون تطرف
16.ما رأيك بالملتقيات الشعرية وخصوصاً ملتقى الشعراء العرب الذي يرأسه الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد ؟
ملتقى الشعراء العرب….هو ملتقى واعد ويسهم في نشر الأفكار الراقية و الواعدة…
كل التوفيق لكم …
شكراً لكم
حاورتها من لبنان جمبلة بندر
عضو بملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار الحرف.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي