لماذا أقرأ؟
تعلّمت فنّ المطالعة منذ وقت ليس ببعيد، إكتشفتُ أنني شغوفة باللاوعي للكتب.
كنت أمتلكُ مجموعة كبيرة منها رُصفت على أمل اللقاء.
سألتُ نفسي ،لمَ أقتنيها ،ولمَ أنفضُ عنها غبار الأيام ولا أنفض غبار الجهل عن عقلي؟!
كيف رغبة الجمع تُناقض رغبة الاحتواء؟!
…بدأت المسيرة، حين تمّ الحجر عنوةً كمذنب ارتكب جرم وجوده على هذه الأرض.
فكان لي خير قصاص.
على درب الكلمة، أبحرت وغرقتُ بسحرها ، حتى باتت قوتاً لروحي المتمردة،
ملجأً لتجريد نفسي من إملاءات ثقل هذة الحياة.
حرّرتني من هذا التعلّق المؤقت بها ، زرعتني في أرض لا تنتمي لزمنٍ.
الحياة فيها تتحدّى الظروف ، القلق والضجر.
كما تتخطى التفاصيل في عالم مليء بالموانع التافهة.
في حضارة ضامرة، بقواميسها الهزيلة التي تمجّد الإيماءات على حساب الكلمات حتى باتت تخرج من رحم المعاجم قسراً..
وفي يوميات تتّسم برتابة العيش التي تولّد الإحباط والتشاؤم .
أقرأ ،فينتابني الأمل أن يصيب الوقت عدوى القراءة بتأنٍ ويغيّر نظرته تجاه المسافات الفاصلة بيننا.
أقرأ، فأدرك أنني لا أدرك شيئاً.
أتوضأ من قطرات المحبرة ،أصلي صلاة المعرفة ،
أصوم…فأفطر على مائدة الحروف التي تروي ظمأي.
أقرأ، فتوقظ نفسي من الاطلاع الخاص المحدود التي اقتصرت عليه معاهدنا العلمية ، وتغريني القراءة لمعالجة المعالم التي تركتها المناهج الدراسية موصودة في وجهي، كما تركتني أجهل أمرها ، وسرّها الذي يستحث على نشدان حياة أوسع وأكثر ألواناً وأفتن صورا.
فأتمكن من تسلق جبال الحقيقة المطلقة ، وأودّع الشك الذي يُلجم قدرتي على إخفاء ندوب الأيام من ذاكرتي..
أقرأ ، فأنعزل عن تأوهات الحاضر المتخبّط بالسطحية، التعصب ، العنصرية والجهل.
أفترش أرض الواقع، يرهقني إدراكي بحقيقة الوجوه المستورة خلف أقنعة مُذهّبة.
اقرأ ، فأعتبر بعظمة هذا الكون الذي يسير باسترخاء ، وأدرك ضرورة الحدّ من إلحاحي و من قلقي .
أقرأ ، فأزيد إلى مدخراتي النفيسة فكرة.
لقد كانت الجرأة على البدء هي نصف معركتي، أما نصفها الآخر فيتمثّل بتقليم معرفتي المكتسبة والإستمرارية.
وأنتم لماذا تقرأون؟
رحاب هاني
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي