عصيان الذكريات
هناك، في زاوية من زوايا الأيام، ارتمت ذكرياتي مُنهكة، مُتعبة، مُعلنةً العصيان، رافضةً العودة إلى مخيلتي… طالبتني بغضب أن أعيش لحظات تترك في ذاتي ذكريات جديدة. لامتني على تقاعسي وكسلي، وتركي أجمل أيام العمر تمضي دون أن أستفيد من كل ثانية…
استمعتُ إليها صامتة، مطأطئة الرأس. لكنني فجأةً انتفضت، صارخةً: “ويحكِ، تمهلي!”
في وطني، سُرقت منا اللحظات الحلوة، هجِّرت أحلامنا، أو سُجنت تحت سماءٍ لم تعد ملكًا لنا. اغتيلت آمالنا بغدٍ مُزركش الألوان. اجتمعت علينا عواصف الحياة، فأمطرت قلوبنا خوفًا ووجلًا من مستقبلٍ مجهول… في وطني، كلما تراءى لنا بصيص نور، أتانا من يحجبه خلف غيومٍ قاتمة، تشبه سواد ظنونه ومخططاته. وكلما حزمنا أمرنا، وقررنا النهوض من جديد تمامًا كطائر الفينيق، نزل علينا وابل من الرصاص، فشلّ حركتنا وحرمنا من أبسط حقوقنا… الأمان والسلام.
فقولي لي، بربك، قبل أن تعتكفي وتصادري حقي في إعادتك مرارًا وتكرارًا في مخيلتي، كيف السبيل إلى زرع الجمال في عمرنا؟ والطريق وعرٌ، يسير بنا إلى وادٍ سحيق…
هيا… أعطني الأمان والسلام، وخذي مني أجمل الذكريات. قبل أن تلوميني على تمسكي بكِ، ارحمي حالي وحال كل إنسانٍ في وطني الجريح.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي