في حضرة الغياب
بعد ثلاثة عشر يومًا،
سيعود شبح لحظة وفاتك ليخيم على حياتي،
ستفارقينني من جديد، يا أمّي،
وكأنني أنا التي أفردت لكِ زوايا قلبي،
كي ألجأ إليكِ في كلّ مفترق،
مئة مرة خلال نهاراتي ولياليَّ الثقيلة منذ رحيلك.
أصحو مجددًا لأواجه غيابك،
وجهًا لوجه مع فاجعة النفس الأخير،
ذلك الذي زَفرتِه،
واختفى معه طمأنينة العمر،
لأكتشف أوهامي التي داويت بها نفسي،
علّها تصالحني مع فكرة الفقد،
تلك الآمال الكاذبة بأنّكِ مسافرة وستعودين،
نائمة وستستيقظين.
لكن يا فتاة، استفقي.
أمّكِ لم تعد هنا.
تركت بيتها وشتولها،
تركت جيرانها وأحبابها،
لم يبقَ سوى عطرها القديم،
وشالها المزركش،
يحكي عن سيّدة ملاك،
ربّت عائلة على مكارم الأخلاق،
واحتوت هموم الدنيا،
لتزرع بإيمانها بذور خير لا تنتهي.
يا أمّي،
أخبريني كيف أواجه هذا العالم الذي فقد نوره؟
كيف أمشي في طرقات الحياة وأنتِ لستِ هناك لتأخذيني بيدك؟
كأنّ الكون صار صامتًا،
كأنّ السماء فقدت لونها،
وأنا، أنا التي حملت رحيلك كجرح أبديّ،
أبحث عنكِ في ملامح الآخرين،
أجمع ظلالكِ من بين الأحلام.
لكنني سأبقى،
سأحمل حبكِ كراية في وجه الريح،
وسأزرع في روحي قوة تعلمتها منكِ.
أعدكِ، يا أمّي،
أن أحيا بكِ،
أن أكون امتدادًا لنوركِ الذي لا ينطفئ،
فأنتِ، رغم الغياب،
ما زلتِ الحياة التي تسكنني.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي