السبت, ديسمبر 6, 2025
  • أسرة التحرير
  • مجلة أزهار الحرف
  • مكتبة PDF
  • الإدارة
azharalharf – مجلة أزهار الحرف
  • الرئيسية
  • أخبار
  • أدب
    • النقد
    • التراجم
    • القصة
    • شعر
    • الزجل
  • الفن التشكيلي
  • اخترنا لك
  • تنمية بشرية
  • حوارات
  • فلسفة
  • مقالات
لا نتيجة
أظهر جميع النتائج
  • الرئيسية
  • أخبار
  • أدب
    • النقد
    • التراجم
    • القصة
    • شعر
    • الزجل
  • الفن التشكيلي
  • اخترنا لك
  • تنمية بشرية
  • حوارات
  • فلسفة
  • مقالات
لا نتيجة
أظهر جميع النتائج
azharalharf – مجلة أزهار الحرف
لا نتيجة
أظهر جميع النتائج
  • الرئيسية
  • أسرة التحرير
البداية حوارات

الروائية الفلسطينية صباح بشير لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان جميلة بندر

ناصر رمضان عبد الحميد by ناصر رمضان عبد الحميد
ديسمبر 6, 2025
in حوارات
الروائية الفلسطينية صباح بشير لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان جميلة بندر

أمّا اللّحظة الّتي تبلور فيها إدراكي أنّ الكتابة أصل من أصول كياني، فقد

 

 

حوار مع الرّوائيّة والنّاقدة صباح بشير.
مجلّة أزهار الحرف: حاورتها من لبنان الكاتبة جميلة بندر.

الأديبة والرّوائيّة والنّاقدة صباح بشير، إحدى الأصوات الثّقافيّة الفلسطينيّة البارزة في المشهد الأدبيّ المعاصر، بما تحمله من حضور فكريّ راسخ وتجربة سرديّة ونقديّة ثريّة.
تجمع في مسيرتها بين التّكوين الأكاديميّ المتقدّم في العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة، والعمل الثّقافيّ الميدانيّ، والاشتغال المهنيّ في الكتابة والتّحرير والإنتاج المعرفيّ. وقد مكّنها هذا التنوّع من بناء مشروع أدبيّ متماسك يرتكز على عمق التّجربة، ونضج الرّؤية، والتزام واضح بقيم الإنسانيّة والجمال والعدالة.
تتحرّك صباح بشير بين عالم الرّواية وأفق النّقد، وأدوارها في نادي حيفا الثّقافيّ، حيث تشارك في الإدارة والتّحرير وتوثيق الذّاكرة الإبداعيّة للنّادي.
صدر لها عدد مهمّ من الأعمال الرّوائيّة والنّقديّة، كما لها إسهام لافت في الإعداد والتّوثيق عبر سلسلة من الإصدارات الّتي تؤرّخ لمسيرة العطاء الثّقافيّ في مجتمعها.

تؤمن صباح بشير بالكتابة بوصفها فعل روح وضرورة وجوديّة؛ انطلقت منه منذ طفولتها بإلهام من والدها، الّذي غرس فيها حبّ اللّغة والكتاب، فكبر حبرها معها؛ لتصبح الكتابة بالنّسبة لها نافذة على العالم، وفضاءً للتّعبير الحرّ، وجسرا للتّواصل الإنسانيّ، وهي ترى في الكلمة طاقة قادرة على مداواة الأرواح وفتح آفاق جديدة للوعي والفهم، لذلك تكتب لكلّ قارئ يبحث عن الحقيقة والجمال ومعنى الوجود.
من هنا كان لمجلّة أزهار الحرف معها هذا الحوار.
حاورتها: الكاتبة جميلة بندر.
*************
1. كيف أسهم تخصّصك الأكاديمي في العلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة، ثمّ دراساتك الثّقافيّة، في صياغة رؤيتك الفكريّة ومسارك الأدبيّ؟
صباح بشير: أودّ في مستهلّ هذا الحوار أن أعرب عن شكري لمجلّة “أزهار الحرف” على اهتمامها البالغ بتجربتي الأدبيّة والنّقديّة، وأخصّ بالشّكر الكاتبة جميلة بندر على مهنيَّتها وأسئلتها العميقة، كما أشكر الأستاذ ناصر عبد الحميد، رئيس تحرير المجلّة.
يشرّفني هذا الحوار وأعتزّ بكم، وهي فرصة لتبادل الرّؤى في فضاء يزهر بالمعرفة والجمال.
بالنّسبة للسّؤال المطروح، فقد كان التّخصّص الأكاديميّ في العلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة، هو اللّبنة الأولى الّتي شحذت أدوات الرّؤية لديّ، منحني القدرة على سبر أغوار الظّواهر الاجتماعيّة المعقّدة، وفهم دوافع الفعل الإنسانيّ في سياقه التّاريخيّ والجمعيّ.
علَّمَني هذا التّأسيس أنّ الأدب هو تفاعل حيويّ مع البنى والسّلطة والتّحوّلات المجتمعيّة، ممّا أرسى لرؤية فكريّة تحليليّة، لا تقبل السّطح بديلا للعمق.
تبعه ذلك الانخراط في الدّراسات الثّقافيّة، فكان بمثابة المنعطف النّوعيّ الّذي وسّع أفق هذه الرّؤية، وجعلها أكثر مرونة واشتباكا، لقد حرّرتني هذه الدّراسات من جمود التّصنيف، ودفعتني نحو قراءة العالم بأسره؛ كنصّ ثقافيّ مفتوح، يستوجب التّفكيك والمساءلة، وزادت من وعيي بأهميّة الهوامش والأصوات المنسيّة، وآليّات إنتاج المعنى في زمننا.
بذلك، فمساري الأدبيّ قد تشرَّب من هذين المنبعين، وتجلّى في العناية بـعمق الشّخصيّة المنغرسة في تربة الواقع، والبحث عن الأبعاد غير المرئيّة للدّافع الإنسانيّ، وأصبح النّتاج الأدبيّ والنّقديّ سبيلا للمراجعة الفكريّة والنّقد الثّقافيّ، ساعيا لتقديم أدب يتسلّح بالمعرفة، ويضيء مناطق الوعي المعتمة، مجسّدا بذلك التّزاوج البليغ بين صرامة المنهج وحرّيّة الخيال.

2. كيف تصفين دوركِ كمساعدة إدارية في نادي حيفا الثّقافيّ، وما أبرز الإسهامات الّتي تقدّمينها من خلال هذا الموقع؟ وما طبيعة عملك في إدارة تحرير الموقع للنّادي، وكيف توازنين بين المسؤوليّات التّقنيّة والمضمون الثّقافيّ؟
صباح بشير: إنّ دوري التّطوّعيّ؛ كمساعدة إداريّة في نادي حيفا الثّقافيّ الذّي يرأسه الأستاذ المحامي فؤاد نقّارة، هو جسر بين الرّؤيا الثّقافيّة والإنجاز العمليّ والإبداع الأدبيّ والنّقديّ. يتمثّل ذلك في تحويل الأفكار النّبيلة إلى واقع ملموس. أجتهد لأكون فاعلة في المجتمع، وأساهم بشكل فعّال في نشر الثّقافة والأدب، وتغطية الأنشطة والفعاليّات الّتي يتمّ تنظيمها، أكتب جميع تقارير النّشاطات والفعاليّات والنّدوات والأمسيات، وأقوم بإعداد وتحرير كتب النّادي التّوثيقيّة، ونشر مساهمات الأعضاء وإبداعاتهم، والإعلان عن الإصدارات الجديدة، وغيرها من المواضيع. أشارك كذلك بشكل دائم، في الأمسيات والنّدوات الثّقافيّة الّتي يعقدها النّادي، وذلك من خلالِ تقديم قراءاتي النّقديّة وكتاباتي الأدبيّة على منصّته المضيئة.
أمّا في إدارة تحرير موقع النّادي الإلكترونيّ، فتتمحوَر طبيعة عملي حول إدارة البوّابة الرقميّة لهذا الموقع الثّقافيّ، أشرف على صياغة المحتوى ونشره وتوثيقه، بما يضمن أن يكون الموقع مرآة صافية، تعكس ثراء إنتاج النّادي الفكريّ والأدبيّ، ويشمل هذا الاختيار الدّقيق للموادّ، والتّأكد من جودة العرض، والحرص على أن يصل صوت النّادي إلى أوسع مدى، وبطبيعة الحال، أولي اهتماما بالغا لنشر كلّ ما يتعلّق بالنّادي؛ من أخبار أنشطته وصور فعاليّاته، إلى إعلاناته المنتظمة عن تواريخ برامجه القادمة وجدول أعماله. كما أنشر مستجدّات إصداراته الجديدة، وأعمال الأعضاء وإبداعاتهم، وسائر الموادّ الثّقافيّة الّتي تثري الموقع وتُعَرِّف بجهود النّادي.
إنّ الموازنة بين المسؤوليّات التّقنيّة والمضمون الثّقافيّ، هي فنّ إدارة التّناغم؛ لذلك.. أستثمر الأدوات التّقنيّة لخدمة المضمون الثّقافيّ النّبيل.

3. إلى أيّ مدى أثّرت تجربتك في المؤسّسات الإنسانيّة والاجتماعيّة على نظرتك للإنسان وقضاياه، وعلى كتاباتك الرّوائيّة والنّقديّة؟
صباح بشير: إنّ خوضي غمار العمل في المؤسّسات الإنسانيّة والاجتماعيّة هو تتويج لرسالة والتزام بقضيّة، وقد شكّل هذا المسير المهنيّ محكّا حقيقيّا، منتهيا بـانغماس عميق في صلب قضايا الإنسان. هذا الانخراط أصَّل نظرتي إليه، فمنحها بعدا من التّعاطف اللّامتناهي، واكّد أنّ الكرامة والعدالة هما البنيان الّذي يرتكز عليه الوجود، فصار الإبداع واجبا لا ترفا.
من أكثر الأمور رسوخا في وجداني، كان العمل في المؤسّسة المعنيّة بقضايا المرأة وحقوقها، فهو النّقطة الفاصلة في هذا التّكوين، في تلك الفترة، تفتّحت مسامع قلبي لشهادات النّساء المقهورات والمظلومات اللّواتي التقيتهنّ، وظلّت مآسيهنّ ترنّ في أصداء وجداني، فاستحال عبء تلك اللّقاءات إلى ضرورة ابداعيّة ملحّة تحتّم البوح والكتابة. وبعد سنوات من التّفاعل الصّامت، تبلور هذا الأثر العميق في ولادة روايتي الأولى “رحلة الى ذات امرأة”، الّتي كانت نافذة للبوح والإنصاف، وشهادة إنسانيّة عبّرت بصدق وشفافيّة عن تلك المآسي، فالأدب في أعمق معانيه هو حمل لقضايا الضّعفاء ونقل صراعاتهم، وذلك ما جعل كتاباتي الرّوائيّة والنّقديّة، تستمد قوّتها من عمق التّجربة لا سِعَة الخيال فحسب.

6. عملتِ في التّحرير والكتابة الصّحفيّة، وإدارة المواقع الإلكترونيّة، وكذلك الإشراف على منصّات وصفحات التّواصل الاجتماعيّ؛ ما الجدوى أو الأثر المضاف الّذي أورثتك إيّاه هذه الممارسة، لا سيّما على صعيد صقل الأسلوب، وتحديد النّبرة، وترسيخ مسؤوليّة الكلمة؟
صباح بشير: هذا العمل في حقول التّحرير والكتابة الصحفيّة وإدارة المنصّات الرّقميّة ومواقع التّواصل الاجتماعيّ، كان مدرسة قاسية لكنّها بليغة. على مستوى الأسلوب، تعلّمت الاقتصاد في المفردة والبلاغة في الإيجاز، فقد أجبرتني هذه التّجارب علي التّكثيف والدّقة، فصار القارئ هو المحوَر، وتحوَّل النّصّ عندي إلى جسر مباشر وواضح، ينقل الفكرة بفاعليّة وجاذبيّة.
أمّا على مستوي النّبرة، فقد منحتني نبرة الصّدق والأمانة، وهي نبرة تسعى إلى تحريك الوعي وتجسيد الإنحياز للقضايا العادلة.
في سياق مسؤوليّة الكلمة، غرست فيَّ الشّعور العميق بـثقل الحرف وقيمته الأخلاقيّة، فالكلمة في هذا المضمار ليست ملكا للكاتب، بل هي أمانة في عنقه تجاه المجتمع؛ الأمر الّذي قوّى لديَّ حسّ التّوثيق والدّقة والمصداقيّة، وهي ركائز لا غني عنها في مساري الأدبيّ والنّقديّ.

7. كيف تشكّلت علاقتك الأولى بالحرف، وما اللّحظة الّتي أيقنتِ فيها أنّ الكتابة جزء من كيانك؟
صباح بشير: إنّ تشكّل علاقتي الأولى بالحرف هو تأسيس وغرس مبارك في فناء الرّوح، يعود فضل اكتماله إلى نور الأبوّة، فقد كان والدي- رحمه الله، هو السّاقي الأوّل الّذي غرس في نفسي ينابيع الشّغف بالقراءة والتّعلّم، أتذكّره دائما وهو يفتح لي كنوز الكتب، فينقلني بصوته الهادئ إلى عوالم اللّغة العربيّة الآسرة، ويحوّل صفحات الأدب إلى مساحات للتّأمّل العميق. كان قاموسا حيّا للتّحفيز والتربيّة والشّغف باللّغة وجماليّاتها، فترسخ حبّ العربيّة في كياني بفضله كأثمن ميراث.

أمّا اللّحظة الّتي تبلور فيها إدراكي أنّ الكتابة أصل من أصول كياني، فقد كانت إحساسا متناميا؛ بدأ عندما وجدت أنّ فعل القراءة وحده لم يعد كافيا لاستيعاب فيض الأفكار المتدفّقة. في تلك النّقطة، شعرت بدفع داخليّ لا يقاوم نحو ترجمة رؤايَ وتجاربي إلى نصوص محكمة، أدركت حينها أنّ الحروف لم تعد وسيلة لتلقّي العالم واستقباله فقط، بل غدت أداةً أصوغ بها هذا العالم، وأعيد تشكيله وفقا لمنظوري الخاصّ.
الكتابة بالنّسبة لي هي ضرورة وجوديّة، ومرآة للرّوح، وهي الجناح الّذي أمتلكه للتّحليق خارج حدود المألوف، فيها وحدها أستَدِلُّ على هويّتي وأجد السّكينة.

 

8. كيف تتعاملين مع لحظة الكتابة؟ هل تعتمدين التّخطيط المسبق، أم أنّك تتركين الفكرة تنساب كفيض من الرّوح؟
صباح بشير: أرى لحظة الكتابة لحظة مقدّسة، تتشابك فيها الفطرة مع الوعي، ولا يمكن حصرها في منهج واحد. لا أتبنّى التّخطيط المسبق؛ كقيد يفرض سلطته على الإلهام، ولا أترك الفكرة تنساب كليّا لتضيع في فوضى البدايات، بل أتعامل مع هذه اللّحظة بمنطق التّحضير المرن والاستجابة الواعية.
أؤمن أنّ الكتابة فيض من الرّوح، وهي حقيقة لا تقبل الجدل؛ فالفكرة عندما تنضج في خضمّ التّجربة والشّعور، لا بدّ لها أن تنفجر كالنّبع، وهنا يأتي دوري في تجميع هذا الفيض، فأمنحه هيكلا وعمقا. أستهلّ الأمر بتحديد إطار عامّ أو نقطة ارتكاز للغوص فيها، وهذا هو قَدري من التّخطيط، أمّا التّفاصيل واللّغة والإيقاع، فهي تتبع الإلهام الّذي يتدفّق حرّا، فعندما يبدأ القلم في المسير، يتحوّل التّخطيط إلى مرساة تمنع النّصّ من الانحراف، بينما يظلّ الانسياب هو الشّراع الّذي يدفعه إلى وجهته. هذا المزيج بين الانضباط والمرونة هو الّذي يجعل النّصّ صادقا في روحه، ومقنعا في طرحه، ومحكما في بنيانه.
بإيجاز، أنا أحضّر للكتابة، لكنّني أدع اللّحظة ذاتها ترسم مسارات الحوار.

9. في روايتك “رحلة إلى ذات امرأة”، ما الأسئلة الوجوديّة الّتي سعيتِ إلى مقاربتها، وما الّذي جعل هذه الرّواية مرحلة مفصليّة في مسيرتك؟
صباح بشير: تتجسّد رواية “رحلة إلى ذات امرأة” كوقفة تأمّليّة أمام واقع المرأة في المجتمع العربيّ، وهي سعي حثيث لاستنطاق المسكوت عنه في هذا السّياق.
تكمن الأسئلة الوجوديّة الّتي قاربَتها الرّواية في صلب العلاقة بين الذّات والمجتمع، وتركّزت حول قضيّة هيمنة الفكر الذّكوريّ، وكيف تعيد المرأة اكتشاف مساحتها الخاصّة في ظلّ هذه الهيمنة، وإشكاليّة الصّمت والإفصاح، حيث تُسأَل عن الثّمن الباهظ الّذي تدفعه حين تقرّر تجاوز الحدود المرسومة. كذلك تطرح أسئلة الاغتراب عن الذّات، النّاتج عن التّضحية بالهويّة لصالح الأدوار المفروضة.
أمّا عن كونها مرحلة مفصليّة، نعم.. ففيها تجاوزتُ مرحلة الوصف الهادئ للواقع إلى الكتابة من منطقة الوجع المسكوت عنه، وقد تطلّبت منّي نزولا عميقا إلى مناطق الصّراع الدّاخليّة والخارجيّة للمرأة، وهي المرحلة الّتي تحوّلت فيها الكتابة إلى فعل مقاومة بحدّ ذاته، فكانت “رحلة إلى ذات امرأة” انتقالا بالمسيرة من السّرد إلى الإلتزام بالقضيّة.

10. كيف عالجتِ في رواية “فرصة ثانية” فكرة البدايات الجديدة والتّحوّلات الدّاخليّة التي يمرّ بها الإنسان؟
صباح بشير: رواية “فرصة ثانية” هي محاولة للغوص في جوهر المرونة الإنسانيّة وقدرتها على التّجدّد، وقد كانت تفكيكا عميقا لمفهوم التّحوّل الدّاخليّ الّذي يسبق أيّ تغيير خارجيّ للإنسان.
عالجت فيها فكرة البدايات الجديدة، عبر إبرازها كقرار واعٍ لا كَمِنحَة سماويّة، فشخوصها تمرّ بلحظات مفصليّة، تفرض عليها إعادة النّظر في تعريف الذّات وفي مسارات حياتها المعتادة. هذا التّغيير يبدأ من لحظة تفكيك الذّاكرة والماضي والحدث، حيث يضطر الإنسان إلى مصالحة مؤلمة مع إخفاقاته وأخطائه السّابقة.

ركّزتُ على التّحوّلات الدّاخليّة، الّتي تأتي كعمليّة تدريجيّة شاقّة تشبه نحت التّمثال، وعالجتها من خلال تتبّع الصّراعات النّفسية للشّخصيات الّتي تسعى إلى التّخلّص من الأعباء القديمة، مستكشفة كيف يتمكّن الإنسان من استعادة سلطته على حكايته الخاصّة، وكيف يكتشف أنّ فرصة البدء من جديد تكمن في قدرته على غفران ما مضى، والاحتفاء بنسخته الجديدة، الأكثر نضجا ووعيا، فالفرصة الثّانية ليست إهداءً من الزّمن، بل هي صنع إنسانيّ خالص.

11. ما الأسس الّتي تنطلقين منها في صياغة رؤيتك النّقديّة في كتابَي “شذرات نقدية” و”نفحات من النّقد”؟ وهل ترين النّقد امتدادا للكتابة السّرديّة أم مسارا مستقلّا؟
صباح بشير: لقد تأسّست مقاربتي النّقديّة في كتابَي “شذرات نقديّة” و”نفحات من النّقد” على منهجيّة متوازنة، تجمع بين الرّؤية الجماليّة والتّحليل العميق، وانطلقت من الاحتفاء بالجماليّة والصّدق الفنّيّ.
أرى المهمّة الأساس للنّقد هي الكشف عن القيمة الجماليّة للنّص وعمق التّجربة الإنسانيّة الّتي يجسّدها، وأعتمد المنهج التّكامليّ باستفادة من أدوات النّقد البنيويّ والأسلوبيّ لتحليل العمل داخليّا، مع دمجها بأدوات النّقد الثّقافيّ؛ لربط النّص بسياقه الفكريّ والاجتماعيّ، وأحرص على الوضوح والاتّزان لتكوين جسر موثوق بين النّصّ والقارئ، بدلا من إقامة الحواجز أمامه.

أيضا، أرى النّقد مسارا مستقلّا في وظيفته، وامتدادا جوهريّا للكتابة السّرديّة في أساسه، واستقلاليّته الوظيفيّة تكمن في متطلّباته المنهجيّة والأدوات التّحليليّة اللّازمة لتقييم البنية وفهم الدّلالة، وهي وظيفة تفارق الخلق والإبداع المباشر.
أمّا امتداده، فهو ينبع من حساسيّة الكاتب ذاته، حيث يمثّل النّقد شكلا من أشكال القراءة العميقة والمكثّفة، الّتي تمكّن المبدع من فهم آليات عمل النّصّ وإثرائه؛ ليصبح بذلك وعي السّرد بذاته.

12. كيف تختلف تجربتك في الكتابة لليافعين في “طريق الأمل” عن الكتابة للكبار؟ وما الاعتبارات الّتي تراعيها عند مخاطبة هذه الفئة؟
صباح بشير: تختلف تجربتي في الكتابة الموجّهة إلى اليافعين، وتحديدا في قصّة “طريق الأمل”، بفارق نوعي عن مساري في الكتابة للكبار؛ إذ تطلَّبت هذه المهمّة الأدبيّة تحوّلا جذريّا في الأهداف والمنظور.
يتعلّق هذا التّحوّل بتعديل جوهريّ في التّعامل مع اللّغة، وهو ما يتجاوز تخفيف كثافة الأسلوب ليلامس جوهر الرّسالة، فتغدو عمليّة بناء وتأسيس للوعي؛ حيث تستخدم لغة فصيحة شفّافة، تكشف عن معنى الحياة دون غموض مفرط. هذا التّوجّه يستبدل تفكيك القضايا الوجوديّة المعقّدة في أدب الكبار بزرع القِيَم وتقديم نموذج للمثابرة والأمل، لتوجيه اليافع نحو اكتشاف القوّة الكامنة في ذاته.
أمّا الاعتبارات الّتي أراعيها عند مخاطبة هذه الفئة العمريّة، فترتكز على الاحترام العميق لذّكاء المتلقّي (اليافع)، وتماسك الحبكة وفصاحة اللّغة ووضوحها، وبثّ الأمل وإضاءة المستقبل، إذ يجب أن يحمل النّصّ رسالة إيجابية ومحفّزة تمنحهم الأدوات لمواجهة المخاوف.
في المقابل، في الكتابة للكبار، أتعامل مع قضايا وجوديّة عميقة، وأبحث عن تفكيك الواقع المعقّد، حيث القارئ يمتلك الأدوات الكاملة للتّأويل.

13. لك إسهام بارز في إعداد وتحرير سلسلة الإصدارات التّوثيقيّة لنادي حيفا الثّقافيّ؛ كيف تقيّمين أهمية هذا المشروع في حفظ الذّاكرة الثّقافيّة الفلسطينيّة؟
صباح بشير: إنَّ إسهامي في إعداد وتحرير سلسلة الإصدارات التّوثيقيّة لنادي حيفا الثّقافيّ، الّذي بلغ ستّة كتب موثّقة والسّابع قيد الإعداد والنّشر، يمثّل مشروعا حيويّا يتجاوز كونه عملا إداريّا أو تحريريّا.
أقيّم أهمية هذا المشروع في حفظ الذّاكرة الثّقافيّة الفلسطينيّة كونه جهدا واعيا لتثبيت الوجود وتأكيد الهويّة، فهذه الإصدارات هي بمثابة سجلّ أمين يجمع شتات المشهد الثّقافيّ الفلسطينيّ في الدّاخل، وينقل فعاليّات النّادي ونشاطاته الفكريّة والأدبيّة، ليحفظها من عوامل النّسيان والضّياع، فهي مخزون استراتيجيّ يسجّل أصوات الأدباء والشّعراء والمفكّرين والفنّانين الّذين يشكّلون الوجدان الجمعيّ.
الغاية من هذا التّوثيق هي توفير مرجع موثوق للأجيال القادمة وللباحثين، يبرهن على استمراريّة الحركة الثّقافيّة رغم كلّ التّحدّيات. وبذلك، يتحوّل هذا المشروع إلى فعل وطنيّ حضاريّ، يضمن أنّ الذّاكرة الجمعيّة الفلسطينيّة ستبقى حيّة وفاعلة، غير قابلة للاجتثاث أو التّهميش.

14. ما نوع القرّاء الّذين تتخيّلينهم عند الكتابة، وكيف يؤثّر حضورهم الافتراضيّ في تشكيل خطابك وجماليّات نصوصك؟
صباح بشير: عندما أخطّ كلماتي، لا أتخيّل قارئا واحدا، بل أتخيّل طيّفا واسعا من العقول، كلّ واحد يحمل مفتاحه الخاصّ لتأويل النّصّ.
لذلك.. أنطلق من مبدأ شامل يوجّه خطابي، أكتب للجميع دون استثناء، ولكن بلغتي وأفكاري الخاصّة، وهذا هو ميثاقي مع نفسي ومع الحرف.
أضع في اعتباري القارئ المتمكّن الّذي يغوص في العمق ويستنطق التّراكيب الفلسفيّة، كما أضع في اعتباري القارئ المبدع الّذي يعيد خلق النّصّ بخياله، وتقتضي أمانة الكلمة أيضا، أن يكون نصّي مضاءً بالوضوح والبيان؛ ليبلغ القارئ البسيط؛ فهذا القارئ، وإن لم يمتلك أدوات التّحليل الأكاديميّ، يظلّ الرّافد الأعظم لاتّساع دائرة الأدب وتأثيره الحقيقيّ، فهو يمثّل القلب النّابض للجمهور العامّ، ودونه يتحوّل الأدب إلى حوار مغلق بين النّخبة من القرّاء.
هذا الحضور الافتراضيّ للقرّاء يؤثّر في نصوصي من منطلق المسؤوليّة الأدبيّة. فاحترامي العميق لجميع القرّاء يفرض عليَّ الإتقان والارتقاء باللّغة، وتكثيف المعنى، حتّى يجد كلّ قارئ ضالّته.
أهدف إلى بناء جسر من الكلمات يكون متينا بما يكفي؛ ليتحمّل وزن تأويلات القارئ المتمكّن، وشفّافا بما يكفي ليجذب روح القارئ بشكل عامّ.
إنَّ من يكتب لنخبة القرّاء فقط، يحكّم على نصوصه بالانزواء والخسارة؛ فالأدب بطبيعته هو خطاب إنسانيّ يُعنى بمصير البشريّة جمعاء، وحصره في دائرة ضيّقة يسلبه طاقته الكبرى على الانتشار والتّأثير والتّغيير في الوجدان العامّ، والقيمة الحقيقيّة للنّصّ الأدبيّ تكمن في قدرته على العبور إلى قلوب وعقول النّاس كافّة، لا في احتكاره لفئة محدودة.

15. كيف ترين دور الأدب في إضاءة الوعي وتغيير الواقع؟ وإلى أيّ حدود تؤمنين أنّ الكلمة قادرة حقّا على تجاوزها؟
صباح بشير: الأدب هو قوّة دافعة ومحفّز عميق لتغيير الواقع. أرى دوره الأساس في إضاءة الوعي عبر تفكيك المسلّمات وإثارة الأسئلة الصّعبة في النّفوس، فهو يعيد تشكيل نظرة الإنسان لذاته وللعالم من حوله، وهذا التّغيير الفكريّ هو النّواة الحقيقيّة لأيّ تحوّل اجتماعيّ أو سياسيّ.
أمّا الحدود الّتي أؤمن أنّ الكلمة قادرة على تجاوزها حقّا، فهي حدود الزّمان والمكان والمسافة النّفسيّة، فالكلمة المتقنة قادرة على إحياء الماضي بكلّ تفاصيله في وجدان القارئ المعاصر، واختصار مسافات الجغرافيا؛ لتجعلنا نشعر بمعاناة أو فرح إنسان بعيد، والأهمّ، أنها تتجاوز حدود الصّمت والخوف؛ لتعبّر عن الحقائق الّتي يخشى الواقع الاعتراف بها، فالأدب يصنع الذّاكرة ويحمي الهويّة، وهو بذلك يكسر حاجز النّسيان والموت.

15. ما المشاريع الأدبيّة أو النّقديّة الّتي ترغبين في إنجازها خلال الفترة المقبلة، وكيف تتوقّعين تطوّر تجربتك الإبداعيّة؟
صباح بشير: تتّجه بوصلة مشروعاتي القادمة نحو مسارين متوازيّين يخدمان الإبداع والتّوثيق معا. ففي المضمار النّقديّ، أجهّز لكتاب نقديّ جديد يعنى بتفكيك جماليّات السّرد المعاصر، وإن كان سيتطلّب بعض الوقت ليبزغ إلى النّور، ويعود هذا التّأخير إلى أنّني أعكف حاليّا على إنجاز رواية أدبيّة جديدة، إلى جانب التزامي ببعض المشاريع التّوثيقيّة لنادي حيفا الثّقافيّ، وهو واجب وطنيّ وثقافيّ أعتزّ به وأتمسّك به، إضافة إلى مشاركاتي الثّقافيّة الدائمة في النّدوات الأدبيّة والثّقافيّة.

أتوقّع لتجربتي الإبداعيّة أن تشهد تطوّرا نحو العمق والتّكثيف؛ فالانغماس في التّوثيق والنّقد يمنحني أدوات بصريّة تحليليّة تثري السّرد، ويجعل لغتي الرّوائيّة أكثر دقّة وبلاغة. هذا التّناوب بين النّقد والإبداع يضمن لي نضوجا مضاعفا، حيث يصبح الإبداع أكثر وعيا، ويصبح النّقد أكثر حساسيّة لروح العمل الأدبيّ.

16. ما رأيك بالملتقيات الشّعريّة وخصوصا ملتقى الشّعراء العرب الّذي يرأسه الشّاعر ناصر رمضان عبد الحميد؟
صباح بشير: إنَّ الملتقيات الأدبيّة هي الرّئة الّتي يتنفّس بها الإبداع، وأرى دورها بالغ الأهمّيّة في إثراء السّاحة الثّقافيّة، فهي تشكّل جسرا للتّواصل وتبادل التّجارب بين الأدباء والشّعراء، وتحافظ على وهج الأدب في زمن التّشتت والضّياع.
أمّا فيما يخصّ ملتقى الشّعراء العرب الّذي يرأسه الشّاعر الفاضل ناصر رمضان عبد الحميد، فإني أقدّر جهوده أيّما تقدير، وأرى فيه منبرا فاعلا ومبادرة ثقافيّة تستحقّ كلّ الاحترام والدّعم.
هذه الملتقيات هي صمّام الأمان للشّعر العربيّ، ونتمنّى لها دوام التّوفيق والنّجاح.

مشاركةTweetPin

آخر ما نشرنا

الروائية الفلسطينية صباح بشير لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان جميلة بندر
حوارات

الروائية الفلسطينية صباح بشير لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان جميلة بندر

ديسمبر 6, 2025
4

أمّا اللّحظة الّتي تبلور فيها إدراكي أنّ الكتابة أصل من أصول كياني، فقد     حوار مع الرّوائيّة والنّاقدة صباح...

اقرأ المزيد
لا زلنا صغارا /سعيد إبراهيم زعلوك

لا زلنا صغارا /سعيد إبراهيم زعلوك

ديسمبر 6, 2025
1
الكاتبة اللبنانية زينب الحسيني لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان جميلة بندر

الكاتبة اللبنانية زينب الحسيني لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان جميلة بندر

ديسمبر 6, 2025
12
حين تمطر روحي بك /بري قرداغي

محراب الضوء في عينيك /بري قرداغي

ديسمبر 6, 2025
11
حين أكتب عن أبنائي /غادة الحسيني

حين أكتب عن أبنائي /غادة الحسيني

ديسمبر 6, 2025
9
  • الأكثر شعبية
  • تعليقات
  • الأخيرة

ليل القناديل /مريم كدر

يناير 15, 2024
ومضات /رنا سمير علم

رنا سمير علم /قصور الروح

أغسطس 11, 2022

ومضة /رنا سمير علم

أغسطس 11, 2022

الفنانة ليلى العطار وحوار مع أسرتهالمجلة أزهار الحرف /حوار مي خالد

أغسطس 23, 2023

ومضة

ومضات

زمن الشعر

عطش

الروائية الفلسطينية صباح بشير لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان جميلة بندر

الروائية الفلسطينية صباح بشير لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان جميلة بندر

ديسمبر 6, 2025
لا زلنا صغارا /سعيد إبراهيم زعلوك

لا زلنا صغارا /سعيد إبراهيم زعلوك

ديسمبر 6, 2025
الكاتبة اللبنانية زينب الحسيني لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان جميلة بندر

الكاتبة اللبنانية زينب الحسيني لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان جميلة بندر

ديسمبر 6, 2025
حين تمطر روحي بك /بري قرداغي

محراب الضوء في عينيك /بري قرداغي

ديسمبر 6, 2025

الأكثر مشاهدة خلال شهر

معرض الاستقلال برعاية مدرسة الشويفات
أخبار

معرض الاستقلال برعاية مدرسة الشويفات

نوفمبر 23, 2025
150

اقرأ المزيد
يا صاح هذي غزة /سامح محمود

يا صاح هذي غزة /سامح محمود

نوفمبر 15, 2025
110
الدكتورة الناقدة لورانس عجاقة لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان رحاب هاني

الدكتورة الناقدة لورانس عجاقة لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان رحاب هاني

نوفمبر 11, 2025
77
الشاعرة السورية سهام السعيد لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان د. جيهان الفغالي

الشاعرة السورية سهام السعيد لمجلة أزهار الحرف حاورتها من لبنان د. جيهان الفغالي

نوفمبر 27, 2025
72
الشاعر السعودي صالح الهنيدي لمجلة أزهار الحرف حاورته من السعودية نازك الخنيزي

الشاعر السعودي صالح الهنيدي لمجلة أزهار الحرف حاورته من السعودية نازك الخنيزي

ديسمبر 4, 2025
72
جميع الحقوق محفوظة @2022
لا نتيجة
أظهر جميع النتائج
  • الرئيسية
  • أسرة التحرير