رحلة إلى (جزيرة السعادة)
على سفينة الحب والأمل، نبحر كل اليوم، و كل يوم في رحلات لا نملها، بل نحتاج أحيانا لتكرارها، خاصة إن كان من تحبه يرافقك بدماثته أو حسن حديثه أو صدقه في الكلام…
ها هي صديقتي سمر، عنوان للمحبة والسمر، رفيقة العمر، تصاحبني في رحلتي البحرية، و نحن على أمل الوصول إلى الشاطئ الآخر، (شاطئ جزيرة السعادة) مهما طال الإبحار، ففي سفينة الأمل نمخر عباب الحياة، وبعناد وكبرياء نحتضن أمواج البحر، علنا نخفف هدير الأمواج؟
وكان قبطاننا شابا بعمر الورد، ذو ابتسامة دافئة ودائمة والذي لفت نظري حيويته المستمرة طوال الرحلة، يسمعنا بصوته الجميل أناشيد الترحال منها القديمة وأخرى جديدة.
و نحن بدورنا، كنا نصفق له إعجابا….ونطالبه بإعادة بعض الأناشيد ثانية لجمالها.
لقد أسميته (حظ) و ياحظ من يلازمه في رحلاته، لأنه يروح عن النفس و يبعث الأمل، حتى مجدافه لونه أبيض، وأنا أحب هذا اللون لصفائه ووضوحه، إنه لون التفاؤل لسفينة لا تعرف غير العناد و بقوة الإرادة تريد الوصول.
هذ السفينة تعاكس الأمواج دون تردد، و كلما اختل توازنها، تسألني صديقتي سمر، هل أنت خائفة مثلي؟ أجيبها و بثقة.. يا غالية، لو أنني بنيت جبلا و هجرته قبل أن أضع الحجر الأخير، لاعتبرت نفسي فاشلة… لا بد أن نصل. تبتسم سمر وتربت على كتفي قائلة: ألغيت فزعي، وأيقظت إرادتي.
أجبتها، أتعلمين يا سمر؟ هذا كبير الملاحين، هو المسؤول الأول عن توجيه الرحلة وتحديد مسارها، مع ذلك لم يرضخ للصمت، و كان طوال الرحلة، يتمتم تارة و تارة يعلن مسؤوليته عن تحسين مسارالسفية ويقوم ببث السرور بين أفرادها، و لكن للبحر مزاجيته تجبر المرء أن يبتسم أو يعبس في آن واحد.
كذلك الأمواج لا تعرف الرحمة خاصة إن طال الإبحار. مما دعا أحد أفراد السفينة أن ينادي كبير الملاحين قائلا : أين نحن الآن؟ و هل جزيرة السعادة بعيدة من هنا ؟ أجابه بابتسامته المعهودة و ببديهية شديدة طبع عليها..
يا أخي…. الجزيرة ها هي أصبحت قريبة جدا منا .. ألم تَرَ أن أشجارها قد لاحت خضراء ؟ و صوت زقزقة العصافير يعانق السماء؟
ولكن السعادة !!! البعض منا لا يراها حتى لو كان قريبا منها.
و الآخر يراها و لا يتمتع بها مبررا أن للحظ دورا في هذا.
أما الثالث فيلقي اللوم علي (كبير الملاحين) وأنا ملئي التفاؤل وأومن تماما بأن السعادة كالجمال إن كانت بداخلنا استطعنا أن نعكس روعتها على الآخرين، و كما قيل من قبل … كن جميلا تر الوجود جميلا.
لحظاتنا السارة كثيرة، و قد تكون دفينه لكنها مليئة بالحبور. فلا تغمض عينيك عنها عندما تطرق بابك، فالفرصة لا تتكرر.
واعلم أن لكل يوم جماله وتألقه ولا تدع الماضي يثقل كاهلك أو يعكر صفوك، وعش يومك ليومك وليكن رب العالمين معك … و هو المعين.
الروائية العراقية ساهرة سعيد تعدّ من الأصوات الأدبية المميزة في الأدب العراقي المعاصر. تمتاز كتاباتها بالغوص في عمق التجربة الإنسانية،...
اقرأ المزيد
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي