The Path to The south
By Alexandre Kabishev
Translated into Arabic by Taghrid Bou Merhi
الذهاب إلى الجنوب
قصة قصيرة جدًا بقلم الشاعر ألكسندر كابيشبف وترجمة الشاعرة تغريد بو مرعي
حسنًا، سهلة، بسيطة .. حسنًا. كنت هناك … لا، من هناك.. لا، لا أتذكر ، لا أتذكر … سأفحص هاتفي … لا! لا توجد شبكة! لا تقلق … لا لست ضائع، لقد أضعت الطريق فقط، علي أن أدرك من أي جانب الطريق .. أف ..لقد نفذ صبري ولم أسمع أي صوت .. صوت واحد على الأقل ،،سيارة، شخص .
الرياح تهز الأغصان الشائكة لأشجار الصنوبر فوق رأسي، وفي مكان ما خلفي ، لا أعرف مَن تنادي.
إنها الطبيعة تأتي في سلام وصفاء. لا يوجد أي صوت ، ولا صوتِ واحد ، ولا حتى جزء مِن الديسيبل، ولا حتى لثانية واحدة ، أشعر أنني الشخص الوحيد على وجه الأرض. ” نعم. ليس من المنطقي البقاء هنا . لقد حان وقت الظهيرة، ما زال لدي ست أو سبع ساعات من ضوء النهار. عليّ أن أتحرك! لٰكن إلى أين؟ كي لا أتوه في دوائر، سأمشي في أجزاء صغيرة، من شجرة إلى شجرة.”
توقف،ساأتوقف ، وفي نفس الوقت عليّ أن أفكر في خطة عملية. لقد اخترت مساحة صغيرة محددة بالنقاط….لقد مرّت حوالي ساعة.
السير في غابة بين أشجار الصنوبر ممتعًا، لكنه مرهق للغاية. قررت أن أستريح بين شجيرات التوت والعنب. حقيقة، إنّ طبيعة هذه الأماكن مذهلة. كلّها محاطة بأشجار الصنوبر التي تبدو بطولها كأعمدة عمرها قرونًا .. والأرض مغطّاة بسجادة مخملية وسميكة من الطحالب. جو يخلق إحساسًا بالفراغ الطفيف، فلا يوجد شيء حيّ باستثناء عدد قليل مِن الحشرات العشوائية ، لا شيء يزعج سلام الوجود هنا. الهواء برائحة الطحالب المنعشة، والتوت والصنوبر ،كلّ شيء يبدو هادئًا ويبعث على النعاس قليلاً.
ومع ذلك! أنا لست على قدم المساواة الآن ، ولم أقترب خطوة واحدة مِن الحضارة.
خلال ساعة من المسير. لا طرق، لا أصوات، لا أشخاص – لا شيء. لذلك، إما أنني كنت أسير بالتوازي مع ذلك العالم البشري أو كنت أقوم بالدوران أو ما هو أسوأ من ذلك، لقد ذهبت إلى أبعد من ذلك في الغابة… لا توجد شبكة… فماذا أفعل؟ هناك طريقة واحدة فقط للخروج من هنا والذهاب إلى الجنوب!
الحقيقة هي أنّه في الإتجاه من الشمال إلى الجنوب ، تزداد كثافة المستوطنات الأرضية بشكل كبير، ناهيك عن الطرق السريعة العديدة التي تمتدّ من الشرق إلى الغرب أو من الغرب إلى الشرق. ورغم ذلك تمّ كلّ شيء ، وذهبتُ إلى الجنوب.
لا يمكنني أنْ أقول أنّ هذا القرار لم يضيف لي الثقة ، قبل كل شيء إنّ اتجاه الحركة في الغابة محدّد ودقيق جدًا. يمكن تحديد الموقع الجنوبي مِن خلال عدد مِن الميّزات المستقلة. إضافة إلى ذلك، هناك هدفٌ محدد . فمجرد وجود هذا الهدف يعطيني الثّقة… حتّى الطبيعة نفسها كانت تعمل مِن أجلي، أتمنّى أن أتحرر بسرعةِ مِن أسرِ هذه الغابة.
لم يكن منظر الغابة على عجلة من أمره حتّى يتغير، أيضًا لم تكن هناك أيّ علامات تدلُّ على الحضارة أو حتّى على وجودِ بشر هنا من قبل. الأفكار تتوارد إلى رأسي واحدةً تلوَ الأخرى: ”رحلة غريبة استغرقت أكثر مِن ساعة، ولٰكن…”،سأتمسّك بالفكرة والحفاظ على توازني لأتجنّب السقوط، تسمّرتُ في مكاني. كنتُ أقف على حافةِ حفرةٍ صناعيةٍ ضخمة.
يبدو أنه في الخمسينيات مِن القرن الماضي،كانت هناك تدريبات عسكرية، ففي مثلِ هذه الخنادق كانوا يقومونَ بإخفاءِ الدبابات أو المركبات المدرّعة الأخرى.
أعتقدُ هذا المكان ليس بعيدًا عن المدينة! رغم أنّه لا توجد أيّ علامات تدلُّ على وجودِ شخصٍ دون سن السّبعين، ولا علامات أخرى تشير إلى اتجاهِ أيّ مستوطنة، وعليه، تجاوزت هذه الفجوة المصطنعة، وواصلتُ رحلتي.
لقد حلّ المساء. لا، لم يعد هناكَ الكثير من القوّة للذهاب، بل الرغبة. يبدو أنّ كلّ خطوة تسلبكَ الإرادة وتثير شكوكك بشأنِ نفسك: هل تهدر في قوتك وجهدك؟ في الغابة يسود المساء بسرعة. هل أسيرُ في الإتجاه الصحيح؟ هل كان خطأ؟ لقد سئمتُ بالفعلِ من فحصِ هاتفي المحمول لمعرفة ما إذا كانت الشبكة قد ظهرت. لم يعد الوقت يهمني، كلّ ما يهمني هو متابعة فكرة هذا الصباح بالذّهابِ إلى الجنوب .
عليَّ أنْ أصعد إلى التلة. خيّم الظلام في الغابة بسرعةٍ كبيرةٍ وأنا أتعثّر في تردّدي بطريقةٍ يُحسد عليها. ويبدو أنّ الغابة تغيرت. كانت في الصباح وبعد الظهر مشرقة ومرحبة، لكنّها الآن تبدو مجرد كتلة مظلمة، تحترق بهدوء، وبدت جذوع الأشجار رتيبة ومرتبة في صمت، وقصب جذوعها لا طعم له، مرتبّة في الغابة في شكلٍ هندسيٍ وتسلسلٍ مجنون. بالإضافة إلى ذلك، بدأ الطقس يبرد بسرعة كبيرة بعد حرارةِ النهار. كلّ الرطوبة التي تبخّرت خلال النهار تكثّفت الآن في ضبابٍ جليديّ في السهول ، وأيضًا على الأرض المرتفعة، لقد أخذت الرياح العرضية أنفاسهم، مما جعلهم يرتجفون في بعض الأحيان كما لو كانوا يعانون من الحمى. بالإضافة إلى ذلك، إنّه من المريح السير على الجبل، فهو في الظل تمامًا.
وهكذا، خرجتُ على منحدر الأنقاض، كانت أمامي قرية حضرية صغيرة. غروب الشمس من جانب، والشفق من الجانب الآخر ، كان هناك مئات من المنازل الصغيرة والمحلات التجارية متواحدة في الأسفل ، وخلفها إلى الغرب ارتفعت المداخن السوداء لإحدى المصانع. وفي وسط المدينة كان هناك برج مائيّ ضخم على شكل عش الغراب. وفجأة أدركت: أنّها إينيفو!
مشيتُ طوال اليوم، وسرتُ على الأقل عشرين كيلومترًا وخرجت إلى منطقة أخرى. كيف يمكنني العودة الآن؟ يبدو أنّ الخلاص، هو أنّ كلّ شيء قد انتهى بشكلٍ جيد، لديّ بعض الاستياء الداخلي والإنزعاج. ولٰكن لا يهم
الفكرة الوحيدة التي كانت تشغلني وتتردّد في رأسي:
” أنا هنا في الجنوب. وهذه لا تبدو فكرة سيئة..”
- Inevo إينيفو – اسم بلدة صغيرة
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي