الهضبة ” فروخ زاد “
بعد أربعٍ و ثلاثين شروقا
غربت للأبد
ماتت الزهرة ؛
ولمّا تتفتح بما يكفي عطرها ؛ كي تتاوج
…
تفوهّت بالسياسة والدّين
ابتكرت في الأدب
بعد أن تشرّبت روحُها ماءَ الهضبة
تألّمت للمجذومين
و تلمسّت ما بقي من وجوههم
…
اخترعوا العلل لقدميها
فأسقطوا المهرة الجامحة
لاذت من تسرّب سقف البيت
إلى ما تحت الشرفات
فانصبّت على رأسها الميازيب
هربت من فخّ الأب
وقعت في فخ الزوج
دخلت معتقل الزوجية مفردة
خرجت مُثناّة بطفل
إنّه ( كاميار) *
حين صار شابّا
كانت أمّه الأسطورة
قد تقادمت بالموت
جُنّ جنون الأمكنة لفقدها
ثكلتها الحروف
بكى الشعر
وارتمى في حضن الكلمات
…
عشقت الحمى برودة قدميها
غارت الهضاب من ارتفاعها
في الأسر سامرت الجدران
تمردّت و وُلِدَت
ضاقت الجدران بتفتّحها
غارت الأشجار من ثمارها
رَمَتْ ” زادً ” النساءَ في لجّةٍ
ليشهدْنَ تحوّلات البحر
حياتُها أجملُ قصائِدها
وسنواتًها بين الميلاد و الموت،
أبدعُ ومضاتها
الشعر والنثر اشتقا من إحساسها
تفجّرت الأنوثة من كِعابِها
خلخالً يتيمٌ متداولٌ بين الرسغ والعنق
نهرَ عرفانٍ ينبع من عينيها
و على صدرها تغفو طيور الحكمة كلّ ليل ،
و عنه تستيقظً كلّ فجرٍ
…
بَكَتْ و تساءلَتْ : دنياي ليست لي
من يرسم لنا المصير؟
لماذا تلبسون الأقنعة في مواجهة الأطفال
ولا تأبهون باحتراق عيونهم ،
وحرارة الدموع ؟ّ
مَنْ ينقذهم ممّن يقرؤون ،
و ممّن لا يقرؤون
من ينجدهم ممّن لا يحبّون أحداً
كانوا أمواتاً، ويظلّون يموتون
تركوهم دون نورٍ وماء
صحبةَ ذكرياتٍ متلبّدة كسماءٍ في الشتاء
…
أنا غيري
أنا الفرحُ الذي يغدو حزناً بعدَ قليلٍ
أنا الضعفُ الذي يتقنّعُ بالقوةِ
أنا العِنَادً الذي يبين
أنا الإحساسُ الرقيقُ يتبلّد بعد حين
أنا الهنيهةُ في الإلهام
ماهيتي فكرٌ
بيتي اللغةً ،و عائلتي المفرداتُ
( الأسيرة ) ابنتي الأولى
…
هل تعرفون ما معنى زواجُ طفلةٍ
و عمرُ الزوجِ ضعفُ عمرِ الزوجة؟
متى كان الهروبُ عشقاً ؟
أو كان التعويضُ حبّاً ؟
و هل يصيرُ النقصُ اكتمالاً ؟
و هل بدايةٌ حزينةٌ تصلحُ للنهاياتِ السعيدة؟
لي كوني و عالمي
أعبدُ قلقي و جنوني
لكن واأسفاه
شغفُك لا يردأُ العواصف والأعاصير؛
تخطفكَ نحو النهايات
فكيف والحال أنّ شرطَ ترميمِ ذاتك
هو الانكسار
نصفُ عمري القصير لمْ أرك
يمّمتُ وجهي شطرَ الشعرِ
كي أُسكِنٌكَ في أبياته
و أُهدهدك بترنيماتِه
ثم أقسمُ بكَ غلى صدقي
و أؤمنُ بوجودك
فظلالُنا تلتقي على السطورِ
…
( الجدار ) ابني الثاني بعد الأسيرة
الكتبُ أبناءٌ قريبةٌ
و ابنُ جسدي مُبعَدُ بعيد
وحدهم أبناءُ العقلِ لا يمكنُ إبعادُهم
( عصيان ) ابني الثالث
أبناءُ عقلي مثلي
بعناوين متمردة؛ وصرخاتٌ للجديد،
نداءاتٌ للحياة والرّوح
لم أعدْ أدري
أانا ابنةُ الزمان أم لقيطتُه؟
مِنْ سُلالةِ الأشجارِ أنا
أحبُّ انهمارَ النورِ من شروقِ الشمسِ
كي أدخلَ في الأتون
أغمسُ تجاربي المرّة في النثر؛
كي تحلو
يحلو النثر، وتثور غيرة الشعر
…
( ميلاد آخر ) هو ابني الأخير
هو ” حسين ” *القريب
أستعيد (كاميار ) و أستعيضه
كي أعودَ أمّاً … و أكبر
كي تنضج أشعاري
( لنؤمن ببداية فصلٍ قارسٍ)
قرّرتُ فجأة ؛
و بدأ القدر التنفيذ
…
الشعر رئتي ، و أحبه بوحشيّة
بدأ حبي هزلاً؛ و انتهى إلى الجدّية
في الماضي كانت القصيدةُ تعطيني
في الحاضر تأخذُ القصيدةُ مني
كانت تضيفُ زهواً
أصبحت تبري كياني
كنتُ أسخرُ من شعري
أصبحتُ أغضبُ من سخريةٍ الآخرين
أصبح شعري مثل ( كاميار)
و امتزجنا ؛ وليس ثمة فصلٌ بعد الوصل
بالشعر أحيا بعد الموت ،
و أستمرّ في الحبّ
…
أحبّ الحياة
فيطلبني الموت ؛ لذواتِه
لا أدري كيف صارت الدموع
منافساً قويّاً في الحبِّ
للشعر و ” كاميار”
الماء المالح طعامي و شرابي؛
و عطرً وسادتي
رئتي الثانية
و كلّ ما له صلةُ بي
لا صلة لي به
فأيّ وهم ما نحلم
…
حان منتصفً الشتاء
فأين المدفأةُ
ها هو قلبُ الظلام
فأين النور ؟
ها هي الوحدةً المفترسة
فأين اللجوءُ
ها هو موعدُ الذبولِ
فأين ازهار العافية
هل البساطة آلهة حتى أعبدها ؟
…
لا أريد علبة سجائر
سيجارة واحدة الآن تكفيني
أحب البيوت التي أكرهها
أحببت ان أرسمَ
أعزفَ
أغنّي
أمثّل كل شيء
حتى أكثر الأدوار صعوبةً
…
( في مستهلّ فصلٍ قارس )
انطفأ العشّاق
تشظّت رؤاهم
اهتدت العاشقةُ
ارتدّت عن حُبٍّ مجنون
سحرَت الوحدةَ إلى امرأة
و لاذت بحضنِها
جلَستْ تحتَ مظلّتها
تنتظرً الأمطارَ والحريق
…
طلاقُ بائِن
بين حيواتي
و بين أذرعي
الذراع التي تكتب
و الذراع التي تمسح الغبار والصدأ
عن الأيام والقلوب ،
و تخيط الجروح
و تسقي ظما الزهور
أو تتقرّى شواهد القبور
لتؤمّ الحياةَ في صلواتِها
…
أسيرُ عكسَ التجاعيدِ،
و عكسَ المفاصلِ
وحدها الأذرع التي تصارعُ الموتَ خِفيةً
تسيرمعي
كلُّ لحظات الموت لحظاتُ ولادةٍ
لو ننتبه
…
“مَنْ ” و” ما ” نحبّ يقتلُنا
مثلً محاولة تجنّب الاصطدام بسيّارة ؛
تُقلّ أطفالاً إلى روضتهم
يا للهروب من لحظة قدر بفمٍ جميلٍ ؛واسعٍ؛
شرهٍ إلى تقبيل أجساد الجميلات
وهل أجمل من فروخ ؟
هي الأرض ؛
هي إيران ؛
هي فروخ و كل الأمهّات
بلا تورية ؛ بلا رمز
فلنُسم الأشياء بأسمائها
صرّحوا ،ولا تُلمّحوا
الحياة صادقة ،و حقيقية ،
وجريئة ،و حُرّة ؛ وحارّةٌ ايضاً
لا تحتمل أيَّ تلميحٍ
الحياة جسدٌ
بينما الموت روحٌ
و هذا طريقي حفرته بدقّة
عبّدته ؛ زرعت الأشجار على جانبيه
هذي نباتاتي
هذي حدائقي
عشبّتُ الضّار؛ أبقيتُ على النافعِ
خذوا ما تشاؤون من غاباتي
و أمطاري
و امنحوها للمستقبل
برّروا خطاياكم
بأحجارٍ ترمونها إلى صدري
آلهة الشعر لامبالية
آلهة الشعر تطلق العنان لللسان
تضع الألم في مكانه
و الكبرياء في مكانها
و كذلك الغضب ،و الحسرة ،والحب ،والنزق ،والنزوة و … و…و
و كلّ في فلك يسبحون . تموز 2021
- كاميار : الابن الحقيقي لفروخ زاد
- حسين : الابن المتبنى لفروخ
د. وضحى يونس
سوريا
…
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي