فاطمة حسين الساحلي
من أنصار في قضاء النّبطيّة (جنوب لبنان)
شاعرة ومدرّسة لغة عربيّة في ثانويّة الشّهيد مصطفى شمران.
قدّمت برنامجًا إذاعيًّا يُعنى باللّعة العربيّة بعنوان لؤلؤة اللّغات عبر أثير إذاعة الرّسالة.
وتقدّم برنامجًا تلفزيونيًّا بعنوان شاعرات فاطميّات وهو برنامج خاصّ بالشاعرات اللبنانيّات.
شاركت في العديد من المهرجانات الشّعريّة في لبنان وخارجه
لها ديوانان شعريان
مهلًا أيها القدر و همسات في أذن الزمان.
عضو ملتقى الشعراء العرب
شاركت مؤخّرًا في موسوعة قصائد في العدالة الإنسانيّة تتمحور حول طوفان الأقصى.
ومن هنا كان لمجلّة أزهار الحرف معها هذا الحوار.
حاورتها جميلة بندر
1.كيف بدأت رحلتك في عالم الشّعر؟ وما هو الأمر الّذي يلهمك للكتابة؟
وكيف يمكنك ان توازني بين عملك كمدرّسة وشغفك بالشعر؟
اسمحوا لي أوّلُا أن أوجّه تحيّة لك وللشّاعر الأستاذ ناصر رمضان عبد الحميد. بدأت في كتابة الشّعر منذ أن كنتُ جنينًا في رحم أمّي رحمها اللّٰه .. وهذا حال كلّ شاعر حيث يولد شاعرًا بالفطرة. كلّ ما يخالج روحي ويدغدغ وجداني يلهمني للكتابة .. سواء أكان الأمر محزنًا أو مفرحًا أو أيّ شيء آخر .. وكما تعلمين أنّ الكتابة شغف وتعبير عمّا يجول في الخاطر.. عملي كمدرّسة لا يقف حائلًا بيني وبين شغفي بالشّعر على الإطلاق .. كوني مدرّسة لغة عربيّة فهذا حافز آخر وقيمة مضافة لكتاباتي الشّعريّة .. حيث إنّني أقوم بالبحث الدّائم في طيّات اللّغة ومضامينها فيضفي ذلك على قاموسي الشّعريّ لغة طيّعة تجعلني ملمّة أكثر بالكتابة .. وبالمناسبة وبما أنّ الشّعر وحي وهذا لا يختلف عليه اثنان أحيانًا تتساقط عليّ زخّات الحرف وأنا أشرح الدّرس في الصّفّ .. حينها أقوم بتدوين ذلك الوحي مباشرة دون أن يؤثّر ذلك على عطائي أو على تركيز تلامذتي والحمد للّٰه.
2.كيف يمكن للشّعر أن يلعب دورًا في تعزيز الوعي الثّقافيّ والاجتماعيّ؟
وما هي الرّسالة الّتي تحاولين توصيلها من خلال قصائدك؟
إذا كان الشّاعر مثقّفًا ومتمكّنًا ولديه مدركات ودرجة كاملة من الوعي والحسّ الفنّيّ في انتقاء الكلمة الهادفة .. ولديه هدف يريد الوصول به إلى قلوب النّاس وعقولهم بطريقة ذكيّة وناضجة .. حينها يكون شخصًا مؤثّرًا ويلعب دورًا مهمًّا في تعزيز الوعي الثّقافيّ والاجتماعيّ. أمّا بالنّسبة للرّسالة الّتي أحاول توصيلها للنّاس .. الشّعر بحدّ ذاته رسالة يكتبها الشّاعر ليعبر من خلالها إلى أذهان النّاس .. فالقصيدة جسر عبور بين الشّاعر والمتلقّي .. كذلك هو قضيّة إنسانيّة يقولبها الشّاعر بما يقتضيه الحال.
3.ما هي أمنيّتك كشاعرة للمستقبل؟
وكيف يمكن للشّعر أن يساهم في نقل رسالتك الثقافيّة والإنسانيّة؟
على الصّعيد الشّخصيّ أصبو إلى الارتقاء والتّحليق في فضاء الشّعر بجناحين قويّين لا تكسرهما أيدي الزّمن الغدّار .. أمّا على الصّعيد العام .. أتمنّى ألّا يشوب القصيدة أيّ شائبة من المتسلّقين عليها للوصول إلى مآرب شخصيّة. بالنّسبة للشّقّ الثّاني من السّؤال .. القيمة الشّعريّة هي الّتي تساهم في نقل هذه الرّسالة السّامية.
4.ما المواضيع الّتي تجذبك أكثر عندما تكتبين قصائدك؟ وكيف يمكن للشّعر أن يكون وسيلة للتّعبير عن الهوية الثقافية اللّبنانيّة لديك؟
ليس هناك موضوع محدّد .. فالفكرة تأتي وحدها دون سابق إنذار .. ثمّ تنضج هذه الفكرة لتكوّن القصيدة سواء كانت وطنيّة أو غزلًا أو دينيًّا وما إلى هنالك من مواضيع. كوني امرأة لبنانيّة .. من الجنوب بالتّحديد .. تأخذني القصيدة مباشرة إلى الفخر والاعتزاز بهذا البلد الجميل .. فالانتماء والهويّة هنا الرّكيزتان الأساسيّتان للتّعبير عمّا يخالج روحي من عشق وهيام ببلدي الحبيب لبنان.. لذلك الشّعر ليس وسيلة للتّعبير عن الهويّة اللّبنانيّة بل هو كتلة مشاعر وأحاسيس تعبّر عن هذه الهويّة لديّ.
5.ما هي اللّحظة الّتي شعرتِ فيها بأكبر فخر بسبب إنجازك كشاعرة؟
لستُ فخورةً بنفسي كثيرًا .. فالجمهور هو من يقيّمني .. ولكن الشّعور بالفخر أشعر فيه حين يطلب إليّ أحد الشّعراء أو الشّواعر المساعدة والإرشاد والتّوجبه خصوصًا المبتدئين منهم .. فحين يرسل لي قصيدته الّتي كتبها وتكون غاية في الرّوعة والإبداع أعبّر له عن فخري به كشاعر أو كشاعرة.
وما النّصيحة الّتي تودين أن تقدّميها للشّباب الطّموح الّذين يرغبون في دخول عالم الشعر؟
أنصحهم بعدم التّسرّع والكتابة بتأنٍّ وإتقان .. فأنا ممّن يشجّع هؤلاء الشّباب على المضيّ قُدُمًا في عالم الشّعر . فهم المستقبل الّذي نصبو إليه.
6.ما هي أبرز التّأثيرات الثّقافيّة والأدبيْة الّتي تؤثّر في عملك الشّعريّ؟ وهل تعتبرين أن هناك روابط بين الشّعر والسّياسة أو الاجتماع في أعمالك؟
الحوادث والمجريات الّتي تمرّ في حياتي سواء أكانت وطنيّة أو اجتماعيّة أو عاطفيّة .. بصراحة الصّدمات العاطفيّة كان لها التّأتير الأكبر وقد كتبت في ذلك قصائد عديدة. بالتّأكيد هناك روابط بين الشّعر والسّياسة في أعمالي الشّعريّة خصوصًا فيما يتعلّق بالجنوب وما تعرّض له من احتلال ومواجع .. فلا بدّ أن يكون هناك تعبير عن تلك المواضيع بقصائد لها وقع كبير عليّ وفي قلوب الجمهور الحبيب .. كوني مقدّمة برامج إذاعيٍة وتلفزيونيّة لا بدّ وأن يلعب ذلك دورًا كبيرًا في أعمالي الشّعريّة والأدبيّة.
7.كيف تقيّمين دور المرأة في عالم الشعر والأدب في المجتمع العربي؟
وهل تؤثّر التّجارب الشّخصيّة في كتابة قصائدك؟
في الفترة الأخيرة برزت المرأة الشّاعرة في العالم العربيّ بشكل كبير ولافت أيضًا
فأصبح للشّاعرة دور هامّ وبارز .. وهنّ يتمتّعن بحسّ شعريّ وثقافة عالية وحضور فعّال جدًّا. بالطّبع تؤثّر التّجارب الشّخصيّة في كتاباتي .. فالشّعر بحدّ ذاته تجربة شعوريّة وتعبير عمّا يدور في فلك الشّاعر.
8.ديوانك “مهلًا أيّها القدر”؟ ما هي الرّسالة التي تحملها قصائد هذا الديوان؟
مهلًا أيّها القدر هو التّجربة الشّعريّة الأولى في حياتي.. بالمناسبة أنا إنسانة عصاميّة .. اعتمدت على نفسي في كلّ شيء .. لم أجد أحدًا إلى جانبي سوى قلمي والورقة الّتي أدوّن فيها حروفي .. وكم مزّقتها ورميتها ثمّ لملمتها وأكملت القصيدة .. بالعودة إلى الدّيوان مهلًا أيّها القدر هو عنوان قصيدة كتبتها لأمّي رحمها الّتي افتفدتها وأنا بعدُ طفلة صغيرة لا أعي معنى الموت.. وهي كانت في عزّ شبابها لم يمهلها مرض السّرطان إذ اختطفها سريعًا .. لذا ناشدت القدر وقلت له مهلًا .. وكلّ قصيدة في هذا الديوان تشكو من ضربات القدر.
9.ديوانك الثّاني”همسات في أذن الزمان”، ما هي المواضيع التي تركز عليها في هذا الديوان؟
وما الرسالة التي تودّين توصيلها من خلال قصائده؟
وهل هناك تطور في أسلوبك بين الديوان الأول والثاني؟
سأجيبك عن الشّقّ الأخير من السّؤال .. بالتّأكيد هناك تطوّر أكثر كونه الدّيوان الثّاني الّذي كنت أطلّ على الجمهور مباشرة من خلال قصائده .. والاستماع إلى إسداء النّصائح والملاحظات.. حين أصدرته بدا هذا التّطوّر جليًّا .. أمّا المواضيع فهي تتراوح بين الوطنيّات والوجدانيّات كما يحتوي على قصائد دينيّة وسياسيّة نوعًا ما. أمّا العنوان فهو أيضا مستلّ من قصيدة كتبتها في بلدتي أنصار .. حيث أستيقظ صباحًا على زقزقة العصافير الّتي تقف على شجرة الزّيتون قرب نافذتي .. فتهمس في أذن الزّمان لتقول له .. انظر إلى جمال هذه البلدة الجنوبيّة الّتي أنجبت شاعرة تعشق بلدتها كثيرًا.. وفي كلّ قصيدة في هذا الدّيوان همسة تهمس في أذن الزّمان.
10.كيف كانت تجربتك في المشاركة في موسوعة قصائد في رحاب القدس؟وكيف ساهمت هذه التّجربة في تعزيز الوعي بقضيّة القدس وتأكيد الهويّة الفلسطينية؟
لا بدّ من توجيه تحيّة ألى د. كاظم نور الدّين رئيس هيئة تكريم العطاء المميّز الّذي ينظّم كلّ عام في شهر رمضان أمسيّات شعريّة بمواضيع مختلفة ففي العام الماضي وهذا العام خصّص قصائد للقدس .. وكانت تجربة رائعة .. ومميّزة فالقدس قضيّتنا الكبرى وهي إحدى القبلتين.. ساهمت مساهمة كبرى مع القصائد الأخرى لشعراء مبدعين من كافّة أرجاء الوطن .. حيث أدلى كلّ شاعر دلوه في رحاب القدس الشّريف .. لاقت تلك القصائد تفاعلًا كبيرًا من الجماهير المؤمنة بالقدس وقضّيّتها.
11.يُعتبر لقب “شاعرة جبل عامل” تكريمًا كبيرًا.
لماذا تعتقدين أنّه منح لك هذا اللّقب؟ وما التّأثير الّذي يحمله بالنّسبة لك ولأعمالك الشّعريّة؟
بالفعل إنّه أعظم تكريم .. سأروي لكِ لماذا مُنحْتُ هذا اللّقب المشرّف جدًّا .. كنت في أمسيّة شعريّة في ندوة علّيّة جبل عامل الثّقافيّة الّتي يرأسها السيّد مصباح الأمين بإدارة الشّاعر حسن سعد تحيّاتي لهما ..وقد كان هناك أيضًا ثلاثة من الشّعراء العمالقة وكان حاضرًا حينها المرحوم القاضي السيّد محمّد حسن الأمين وهو شاعر وناقد أدبيّ معروف .. ألقيت قصيدة بعنوان أنوثتي وهي حوار بين الحجاب والأنوثة .. توسّط سماحة السيّد رحمه القاعة الحافلة بجمهور على مستوًى رفيع من الذوق والأدب .. خاطبني أمام الجميع وقال لي: أنتِ شاعرة جبل عامل مستقبلًا .. فانتابني شعوران.. الأوّل شعور الفرح بهذا اللّقب والثّاني المسؤوليٍة الكبيرة الّتي حملتها فهذا اللّقب كبير جدًّا .. فمن أنا كي أكون شاعرة جبل عامل جبل العلماء والحكماء مثال السيّد عبد الحسين شرف الدين .. والإمام السيد موسى الصدر .. والمخترع الكبير حسن كامل الصبّاح والعالم الكبير رمّال رمّال وغيرهم كثيرون .. لذلك عزيزتي هذا اللّقب على شدّة أهمّيّته حمّلني مسؤوليّة كبيرة وأمانة أكبر .. علّني أكون جديرة بهذا اللّقب.
12.يبدو أنّ دواوينك القادمة ستتنوّع في المواضيع بين الوطنيّة والوجدانيّة والغزل، ما الّذي دفعك لاختيار هذا التنوّع؟ وما الرّسالة الّتي تأملين في نقلها من خلال هذه الأعمال الشعريّة؟
نعم أنا بصدد تحضير ثلاثة دواوين الأوّل يحتوي على قصائد متنوّعة بين الوجدان والغزل والوطنيّات تحت عنوان والروح فيها لأوّل مرّة أفصح عن عنوانه .. للوهلة الأولى سوف تعتقدين أنّه مقتبس من آية قرآنيّة .. وفي الحقيقة ليس كذلك بل لأنّ كلّ قصيدة فيه تدخل الروح .. فالكلمة الموضوع في هذا الديوان هي الروح .. والروح فيها يعني الروح وهي روحي في كلّ قصيدة .. والديوان الثّاني هو ديوان دينيّ بعنوان غرس لا شبيه له وهو يحتوي على قصائد في النبيّ محمّد (ص) وآل بيته الأطهار فهم غرس لا شبيه له وفي الوقت عينه هو عنوان قصيدة أيضًا .. أمّا الديوان الثالث فهو بعنوان لؤلؤةٌ اللّغات ويحتوي على أكثر من مئة قصيدة كلّها عن اللّغة العربيّة.. وهي عبارة عن مقدِّمات لبرنامج إذاعيّ قدّمته عبر أثير إذاعة الرسالة على مدى ثلاث سنوات وهو يُعنى باللّغة العربيّة.. وهو اسم البرنامج لذلك أطلقت عليه هذا العنوان.
13.كيف يمكن أن تؤثّر هذه الدواوين على مشوارك الشعريّ؟ وما النّقاط الّتي ترغبين في أن يلاحظها القرّاء عند قراءة أعمالك الجديدة؟
هذه الدواوين بالنّسبة لي هي نقلة نوعيّة في حياتي الشعريّة وهي استمرار لمشواري الشعريّ .. لاحتوائها على مواضيع عديدة ومختلفة .. وهي أكثر نضجًا من دواويني السابقة.. وسوف تبصر النور قريبًا بإذن اللّٰه.
14.ما رأيك بالملتقيات الشعريّة وخصوصًا ملتقى الشعراء العرب الّذي يرأسه الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد ؟
الملتقيات تلعب دورًا كبيرًا في إحياء الثقافة .. ونشر القصيدة .. وفي ارتقاء الشاعر .. كما تقرّبه من الجمهور أكثر ..
أسمى التحايا وأعطرها إلى الشاعر العربيّ المصريّ العريق .. ناصر رمضان عبد الحميد .. الذي يسعى دائمًا وجاهدًا في إعلاء الثقافة وفي نشر الكلمة الجميلة.. وبوقوفه إلى جانب الشعراء خصوصًا في ملتقى الشعراء العرب .. بالإضافة إلى تأسيسه المجلّة العريقة جدًّا مجلّة أزهار الحرف فهو شاعر مبدع إنسان مثقّف .. دينه الحبّ ومذهبه الشعر .. وانتماؤه الثّقافة.. يكفي أنّه استطاع أن يجمع الشعراء من العالم العربيّ تحت سقف ملتقى الشعراء العرب.
كما أشكركِ عزيزتي على هذا الحوار الشائق.. اسمحي لي أن أعبّر عن إعجابي بأسلوبك الراقي وثقافتك العالية جدًّا.
ألف شكر وتحيّة لكِ وللشاعر القدير ناصر عبد الحميد رمضان.
حاورتها من لبنان جميلة بندر
عضو بملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار الحرف
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي