“كبرياء أنثى” لنجوى سليم الغزال وصوت المرأة ثورة
بقلم/ ناصر رمضان عبد الحميد
عضو اتحاد كتاب مصر ورئيس ملتقى الشعراء العرب
تعرفت على نجوى الغزال عن قرب وعملت معنا محررة صحفية بمجلة أزهار الحرف منذ بدايتها، وقدمت لديوانها الأول (مرايا الروح).
ولاحظت أنها تطورت وصارت تعرف ماذا تريد، وصار لها انتشار واسع في المواقع والمجلات، ناهيك عن نشاطها الثقافي والاجتماعي وتأسيسها لصالون العروة الوثقى، لتثبت أنها تسير بخطى واثقة.
في ديوانها الجديد نجد ذلك واضحًا، بداية من العنوان “كبرياء أنثى”، فهو مرآة تعكس صوت المرأة القوية، الحنونة، والمتأملة في عمق ذاتها ومجتمعها. يحمل الديوان في طياته تجربة شعرية تنبض بالحياة والحب والوجع والوعي الإنساني، إذ يجمع بين البوح الشخصي والرؤية الكونية. يعكس عنوان الديوان “كبرياء أنثى” تمسك الشاعرة بهويتها كامرأة مفعمة بالعزة، الاستقلالية، والجمال الداخلي.
يعكس العنوان ثنائية مهمة:
الكبرياء بوصفه شعورًا بالاعتزاز والكرامة، والأنوثة بما تحمله من دلالات الرقة والجمال والقوة. يوحي العنوان بتجربة شعرية تعكس صراعًا داخليًا وخارجيًا بين الحفاظ على الكبرياء والتمسك بالأنوثة في عالم متغير، مما يفتح المجال للتعبير عن هوية نسائية فريدة.
ثم أنك تلحظ أن الديوان يدور في سياق واحد ووحدة موضوعية واحدة، فتجد أن ديوان “كبرياء أنثى” ينسجم في وحدته الموضوعية من خلال عدة محاور رئيسية:
1. الهوية الأنثوية:
يظهر بوضوح في قصائد مثل “أربعينية أنا” و”للنساء قدسيتهن”. فالشاعرة تحتفي بأنوثتها وتجعلها محورًا مركزيًا لتجربتها الحياتية، حيث تصف قوتها وتفردها في مواجهة التحديات.
• أربعينية أنا:
فالشاعرة هنا تحتفي بعمرها كرمز للنضج والقوة، فتقول:
“أصارع الحياة بين مد وجزر… لا أهادن ولا أسمح بأن أنكسر”.
يظهر الكبرياء في قدرتها على مقاومة التحديات وتحقيق الذات.
2. المرأة في علاقتها بالمجتمع:
نصوص مثل “قالت السمراء يومًا” و”مدللتي” تعكس تفاعل المرأة مع محيطها.
• في “للنساء قدسيتهن”، تقدم الشاعرة وصفًا مثاليًا للمرأة التي تستحق الاحترام، مستخدمة صورًا غنية ومجازات جمالية:
“إن أردت أن تصف النساء، عليك أن تكحل عينيك بألوان قوس قزح.”
3. الحب والجمال:
نصوص مثل “مدللتي” تتغنى بجمال المرأة، لكن الجمال هنا ليس سطحيًا، بل يحمل دلالات عميقة مرتبطة بالعذوبة والنقاء:
“يفيض النهر عذوبة من نقاء مدمعها.”
4. الاغتراب والتأمل الوجودي:
قصيدة “التائهة” تعبر عن مشاعر الوحدة والغربة النفسية:
“هل أنا تائهة في وطني؟ هل غادرتني نفسي؟”
يتجلى هنا بعد وجودي يتساءل عن الهوية والمكان والانتماء.
هذه المحاور تدور حول المرأة العربية وما تعانيه، ويظهر الكبرياء كحائط صد للمعاناة.
وقد جعلت نجوى الغزال من “كبرياء أنثى” لغة عذبة معبرة عن حالتها، فعبرت من خلال اللغة والأسلوب والصور الفنية والإيقاع الموسيقي والرمزية أحيانًا وبلاغة الديوان، مستخدمة تارة التكرار والتوكيد والصورة الشعرية المعبرة.
ومن خلال النصوص أرسلت رسائلها وقالت كلمتها في كبرياء، وأوضحت أن المرأة لديها إرادة قوية وإثبات للذات بل والقدرة على تصحيح المسار.
1. اللغة والأسلوب:
• تتميز لغة الديوان بالبساطة المتألقة التي تمزج بين السرد الشعري والتعبير العاطفي العميق.
• الصور الفنية مليئة بالإيحاءات، كما في:
“يكحل الليل ظلمته من سواد شعرها.”
2. الإيقاع الموسيقي:
• تعتمد الشاعرة على أسلوب الشعر الحر، مما يتيح لها حرية في التعبير عن المشاعر دون التقيد الكامل بالوزن والقافية.
• الموسيقى الداخلية للنصوص تتولد من تكرار الكلمات والعبارات والصور.
3. الرمزية:
• تظهر الرمزية بشكل جلي في نصوص مثل “طوق اللؤلؤ”، حيث يصبح الطوق رمزًا للمرأة وعلاقتها بالزينة والمجتمع.
4. التكرار والتوكيد:
• التكرار أداة رئيسية في الديوان لتأكيد المشاعر، كما في “أربعينية أنا”، حيث يتكرر التركيب لإبراز الكبرياء.
5. الصورة الشعرية:
• الشاعرة تستخدم الصور الحسية التي تستحضر الطبيعة والمشاعر بمهارة.
مثال:
“أسافر إلى عالمي المنسي.”
تعبير مجازي يرمز للهروب إلى الذات.
الرسائل والدلالات:
1. تمجيد الأنوثة:
الشاعرة تجعل من المرأة محور الكون، مصدرًا للجمال، ومركزًا للروحانية.
• في “للنساء قدسيتهن”: المرأة هي مصدر الحب والإلهام.
2. قوة الإرادة:
نصوص مثل “أربعينية أنا” تمثل احتفاءً بالقوة الداخلية والإرادة التي تتحدى الزمن.
3. النقد المجتمعي:
تظهر ملامح نقد خفي للمجتمع الذكوري الذي يقلل من شأن المرأة، كما في “قالت السمراء يومًا”.
4. البحث عن الذات:
نصوص مثل “التائهة” تعكس رحلة الشاعرة في البحث عن هويتها وسط التحديات.
في النهاية:
ديوان “كبرياء أنثى” يمثل تجربة شعرية غنية تحتفي بالمرأة بكل أبعادها. يجمع بين البوح الشخصي والرؤية المجتمعية، مع توظيف أسلوب شعري سلس يحمل عمقًا فلسفيًا وشعورًا إنسانيًا عميقًا.
الشاعرة نجوى سليم الغزال تُثبت في هذا الديوان أنها صوت أنثوي قوي ومتفرد، قادر على أن يكون مرآة لمشاعر المرأة وهمومها وطموحاتها في عالم مليء بالتحديات.
أتمنى للصديقة المبدعة نجوى الغزال دوام التوفيق والإبداع وأن تظل مخلصة لإبداعها ولمشروعها الأدبي حتى تتطور وتحقق ما تريد
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي