أبي وأمي
(إلى النورين اللذين أنارا طريقي)
أمي…
هي الوطن الأول،
هي من حملتني بين ضلوعها،
وربتني بالصبر والدموع.
كانت تستيقظ كل ليلة،
تراقب أنفاسي كأنها تخشى أن يأخذني الليل بعيدًا،
ترمي رأسها على وسادتي،
لا لتنام، بل لتخبرني أنها هنا،
تغمرني بدفء يديها،
وتنشر في قلبي الطمأنينة والحنين.
أراها تخفي عني دموعها،
تضع ابتسامة على شفتيها،
كأنها جدارٌ يحمي قلبي من قسوة الأيام.
هي من حول الخريف في حياتي إلى ربيع،
ومن صنع لي السعادة بعطائها الذي لا ينتهي.
لا أحد يشبهها،
لا أحد يملك هذا الكم من الحب والحنان.
أمي…
هي أغنيتي الأولى،
هي السعادة التي لا يسرقها الزمن.
وأبي…
ذاك الذي تعلمت منه معنى الحياة،
لبست من روحه الدلال،
ومن صمته الكمال.
ضحكته كانت شمسًا
تشرق في كل صباح،
وعيناه قمرًا
تنام فيه النجوم.
رأيته يكافح،
يثقل كاهله التعب،
لكن يده كانت دائمًا ممدودة لي،
تحملني فوق كل الصعاب.
ترك خلفه إرثًا من المحبة،
وأثرًا لا يُمحى في ذاكرتي.
رسمه لا يزال في مخيلتي،
وجراحه الخفية سكبت في قلبي شوقًا لا ينطفئ.
في الليل،
أتخيله إلى جواري،
نحكي، نغني، ونضحك كأن الغياب وهم.
أبي…
روح تسكن في جسدي،
ملاذٌ أبحث عنه في ظلمة الشوق،
ولو كان لي أمنية واحدة،
لكانت أن أراه مجددًا،
أن ألمس يديه،
أن أستعيد ضمة تغمرني بالأمان.
سافر أبي،
وطالت رحلته،
لكن صوته لا يزال ينبض في داخلي،
وحبه…
أبدي.
ياسمين فؤاد عنبتاوي
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي