السفر
سافروا تتجدَّدوا…. حقيقة أن السفر مجال واسع للتطور والتقدم ولتوسيع المدارك الفكرية ، حيث إن لكل شعب مقومات سواء في العادات أو التقاليد أو المفاهيم الخاصة به.. ولكي تتعارف وتتآلف الحضارات لا بدَّ لها من الإختلاط والتبادل العلمي والثقافي والتربوي.
في سنة (1994) تلقيت دعوة لزيارة ابنتي الأخيرة ترتيباً… إلى المملكة المتحدة، وكنت بشوقٍ كبير لأراهم… حفيدتي عمرها خمس سنوات كنت أرافقها رحلتها الصباحية الى الروضة أحياناً، وبعض الأحيان أكتفي بوداعها عند باب البيت، ذات صباح وبعد أن حملت حقيبتها لتتجه إلى الروضة… رجعت مسرعة .. تناديني: تيتة… تيتة … ملهوفة، مرتبكة وبصوت خافت واضعةً إصبعها على فمها تنويهاً لي على ألاَّ أتكلم بل أسمع فقط…
تيتة… أنظري في الحديقة كلب نائم… لا يكاد صوتها يسمع … ابتسمتُ ورافقتها مودعة إيّاها (الله معك تيتة) إلى حين العودة، في الساعة الثانية ظهراً . في هذا الوقت أكون وراء الباب أنتظرها، جاءت مهرولة تحمل حذاءها كي لا تصدر صوتاً، استقبلتها بصمت، أردفت قائلة تيتة مازال الكلب نائماً ! مسكت يدها واقتربت منه … فإذ هو مازال على نفس الوضعية… وحفيدتي تصر أن أجلب له طعاماً وماءً… حسناً، حبيبتي أدخلي وغيري ملابسك، اتصلتُ (بصهري) زوج ابنتي وحدثته … وأكدت له أن الكلب قد وافته المنية في الحديقة
هل لي أن أطلب عامل النفايات ليأخذه ؟!!
ضحك …وردّد … لا … لا … أرجوك لا يدفن قبل أن تقوم لجنة طبية متخصصة بإعطاء تقريراً فيه سبب الوفاة … وقد يكون له أصحاب يطالبون به؛ ليقوموا بالواجب حسب الأصول … كالدفن … والتعزية … ومرافقة الجنازة …
ذهلت … وبسخرية تكلمت مع صهري … أرجوك اتركني في الحديقة …. حتى نهاية المطاف .. .علّني أحظى بتكريم معين بعد الممات ….
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي