قراءة في كتاب
شوينغ- غوم للكاتب الجزائري أمين زاوي الصادر في بيروت والجزائر عام ٢٠٢١
دخلتُ في عالم الكاتب أمين زاوي، في رحلةٍ فكريّة، أطلعنا فيها على أفكارٍ ونفسياتٍ من خلالِ أشخاصِ الروايةِ المُعَنْوَنةِ بالعِلكة.
لماذا العلكة ؟
أدخلنا من خلال الرواية في بحرٍ من خلال صراعاتٍ تُواجه حياتَنا منذ الطفولة مروراً بالمراهقة الى سن النضوج.
إنتقلنا معه من شواطىء وهران الجزائريّة، في العام ١٩٤٢، الى عالم قريتِه المُصغّر، والى دهاليز الفكر القُرَوي، وعالم الأنوثة، بما فيه من مسموحٍ ومُحرّم، والى عالم الحبّ والعشق الذي لا يُنسى ولو مرّ الزمن، كحبّهِ لابنةِ عمّه، التي كانت تكبُرُه بثلاث سنوات وحُرِمَ منه، لانّ الزواج يُبْنى على سنّ البنت، لا على ما في قلبَيْهِما!
تعرّفنا الى ثقافةِ الكاتبِ، القارىء النّهِم، والى حبّهِ للعديد من كبار الكُتّاب العرب والفرنسيين والعالميين. حضورُ كلِّ كاتبٍ أضفى رونقاً شعريّا، وصوت فيروز وكبار الفنانين العرب والفرنسيين والعالميين
أدخلَنا في موسيقى العبارات والحبّ الصوفيّ.
دخلَ في دهاليز السياسةِ والخوفِ من الاحتلال، والاستعمار وكلِّ التغيرات التي طرأتْ على مجتمعهِ، إبّان الانزالِ الامريكيّ على شواطىءِ وهران !
خُضنا معه أحداثاً متعددةً، وتحولاتٍ في التربيةِ والدينِ، وحقوقِ المرأة والممنوعات والمحرّماتِ والعاداتِ والتقاليد، والإشاعات، وما نتجَ عنها، بين الماضي والحاضر، والخوف من المستقبل، بين الخطأ والصواب، بين الحبّ المسموح والعشقِ الممنوع. بين الشعورِ بالذنب والعذاب الداخلي.
واجهه موقفٌ صعبٌ، هو ذبحُ الديك على يدِ خالته صفيّة عمران، بطلة الذبح والاستقلال، والذي حوّله من خلال احداث الرواية بقلمٍ مُبدِع الى عالمٍ يتصارعُ فيه الألمُ والأمل ، الحبُّ والحقد ، الخوف والثقة بالنفس ، الاخطاء والغدر ، الندم والخيبة وحبّ الانتقام والغدر والرغبة بالقتل.
خوفه على المستقبل من خلال المسرحية التي حضرَ كلَّ عروضها، هامان بن زياد ودوره ودور أبويه وخالته الشهيرة بذبح الديك
ودور شقيقه، الاكبر منه بعشر سنوات،ودور الحبيبة التي اصبحت زوجة ثم افترق قلباهُما على خشبة المسرح. ثم دور شقيقهِ في زواج ابنة عمّه، التي أحبّها حبّاً برئياً لا تشوبُهُ شائبة، لكنّه ممنوعٌ. دور الوالدة التي تُميّز بين ابنائها
ودور الاب الذي يختفي امام دور الابن الأكبر !
كتبَ كلَّ ما يجري في روحهِ من حبِّ الثأر والانتقام وكتبَ جروحًا ألمتْ روحَهُ قبل جسدِه ولم تُفارقْهُ.
حاولَ الهروبَ من ذكرياتٍ آلمتْهُ كموتِ شقيقهِ التوأم، ابنُ السادسة دون أن نعرفَ سبب وفاتِهِ.
هذا الغموض اضفى نكهةً خاصةً على تكرار الحادثة عدة مرات في الرواية.
عالمٌ من الانانية والأطماعِ الانسانيةِ الكثيرة والماديّات والثقافة القليلة والنّادرة في القرية التي تغيّرتْ جذريًا في نهاية الرواية والعوائق الدينية الكثيرة التي غيّرَتْ مجرى حياتِهِ.
تناولت الرواية مواضيع متعدّدة دينية اجتماعية سياسية ثقافية ادبية راقية جدا، جريئة مبنيّة على العلم والثقافة الواسعة التي يتمتّع بها.
رواية عميقة أدهشتني بكل تفاصيلها، بشخصياتها الرئسية والفرعية.
هل اراد الكاتب أن يقول لنا بأنّ الحياة كالعلكة نمضغُ منها ما يُزعِجُنا لكي نفقد نكهته؟
رنا سمير عَلَم
٢٣/٠٩/٢٠٢٢
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي