أمّي
أُمِّي،
تُذَوِّبُ فِي لَيَالِي الْبَرْدِ سُكَّرَ عُمْرِهَا
دِفْئًا يُهَدْهِدُنِي،
يُؤَرْجِحُنِي عَلَى أَنْغَامِ أَضْلُعِهَا،
وَيَزْرَعُنِي كَبُرْعُمٍ وَرْدَةٍ فِي حُضْنِهَا…
يَا حُضْنَ أُمِّي!
كَمْ أَتِيهِ وَأَنْتَ تَرْقِينِي
بِفَيْضٍ مِنْ حَنَانٍ يَقْطِفُ الْأَحْلاَمِ مِنْ أَقْصَى الرُّؤَى،
لِفَرَاشَةٍ طَافَتْ بِعَيْنَيْ أُمِّهَا.
أُمِّي،
يَدَاهَا مَرْكَبِي،
مِنْ ضِفَّةِ الْمَعْنَى إِلَى مَرْسَى الْمَجَازِ،
وَرَاحَتَاهَا بَحْرُ أَشْعَارٍ،
تُبَلِّلُ فِي جَفَافِ الْحَرْفِ وَجْهَ قَصِيدَتِي حُبًّا،
وَتَعْصِرُ مِنْ شِفَاهِي مَوْجَهَا قُبَلًا
فَأَرْقُصُ فِي مَوَانِئِ سِحْرِهَا
وَشِرَاعُ مَرْكَبِهَا يَهِيمُ بِبَحْرِهَا…
يَا بَحْرَهَا!
رِفْقًا بِمَرْكَبِ شِعْرِهَا،
هَدِّئْ جِمَاحَ الْمَوْجِ،
أَسْمِعْنِي نَشِيدَ الْحُورِ،
كَيْ أَرْقَى إِلَى الْحُلْمِ الْمُطَرَّزِ فِي قَصَائِدِ قَلْبِهَا.
أُمِّي،
نَشِيدُ الْفَجْرِ، إِنْ هَمَسَتْ،
وَمِسْبَحَةٌ تُرَتِّلُ فِي خُشُوعِ دُعَائِهَا لَحْنًا سَمَاوِيًّا،
وَفِي مِحْرَابِهَا، مِثْلَ الْمَلَاكِ،
يَطُوفُ طَائِفُ قَلْبِهَا…
وَتَصِيرُ نَايًا يَعْزِفُ التِّحْنَانَ فِي نَبْضِي، وَآيَةَ حُبِّهَا.
قُدُسِيَّةٌ أَنْغَامُ أُمِّي كَالصَّلاَةِ بِجُنْحِ لَيْلِي وَالدُّجَى…
يَا نَايَ قَلْبِي!
أَوْقِدِ التَّسْبِيحَ فِي قَصَبِي،
سِرَاجًا لاَ ذُبُولَ يُصِيبُ شُعْلَةَ شَدْوِهِ،
وَاحْفُرْ صَلاَتَكَ فِي سَمَاءِ الْوَجْدِ،
اِرْفَعْنِي دُعَاءً فِي مَآذِنِ طُهْرِهَا.
وهيبة قويّة/ تونس
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي