شاشة صغيرة
أحدثت الهواتفُ الجوّالة ثورةً عصرية
في الحياة البشرية على الكرةِ الأرضيّة
نهضةٌ في عالمِ الحركة الإلكترونيّة
إنْ توقّفتْ دقائقَ، اهتزّتْ لها الكرةُ الأرضيّة
وانهارتْ أسهمُها في البورصةِ العالميّة
بقبضةِ إبهامٍ على شاشةٍ صغيرة
صارتْ عيونُنا محدّقةً
على جهازٍ من مواد جامدة
بين البشر، قصّرَت المسافة .
البعضُ رآها جميلةً،
نعمةٌ هي هذه الوسيلة،
وراحَ يستخدِمُها للحبّ والعقيدة
ولها حسناتٌ كثيرةٌ مفيدة
منها لقاءُ الاحباءِ في أماكنَ بعيدة
تغيّرت الايامُ وسادَ التواصلُ الوهمي، خلال أعوام
صار الحب والعلم والتواصل حتى عبر وسائل الإعلام
عبر صفحات على فايسبوك وانستغرام
أصبحت هذه الوسائل وسائدَ النوم في هذه الايام
نتّكىء عليها كي نسهر نأمل نسافر وننام
ونستيقظُ وكأنها شواطىء حروفٍ وحلول لمشاكل الحبّ والصداقة والغرام!
هي مرايا أنفسنا، نتشاركُ فيها الأفراحَ والأحزان
حتى الذكريات صارت لنا فيها من مرّ أو حلاوة الأيام
نكتبُ عبر أسلاكٍ كهربائية
تمتدُّ في عمق البحار
قصة حياة حقيقية نضع عليها علامات حبّ وإعجاب ننشر ما في قلوبنا للأحباب
بعضنا اعتدلَ في الاستخدام
فحوّلتْ عتمةَ حياتهم الى النورِ الآن
والبعضُ الآخر باستخدامها يُشعِرُنا بالغثيان
احياناً أقمنا معارك وهمية سيطرتْ على الشاشاتِ الإلكترونية
في العائلة الواحدة، لا نتشاركُ في الأمورِ الجوهرية
نقضي ساعاتٍ نُقلّب صفحاتٍ وهميّة
ولا ننظرُ للآخر على بعد أمتارٍ أرضية
صرنا بالهاتفِ نتباهى ونتألّقُ
ودولارات ثمنه نحرقُ
تصرفاتنا هذه كسرتْ علاقاتنا الأسريّة
في انشغالنا عبر أجهزة الكترونية، عن الحياة العائلية الطبيعية
حتى عن مشاركاتنا في الاحتفالات الاجتماعية والدينية والإنسانية
فتورٌ في الأُسر
عزلةٌ
وحدةٌ
وضجرٌ
لا احترام للفرد ولا للذات الإنسانية
ولا للقيام بالواجبات العائلية والمسؤولية
ومشاكل انفصال في الحياة الزوجية !
قبل أن نلتقي في العالمِ الوهمي
علينا الاهتمام بالمقربين
بالأولاد
بالزوج أو الزوجة
والاصغاء لهم يجب أن يكون أولويّة.
اصبحنا نعيش في عالمٍ فيه الكثير من الأصدقاء الوهميين المهمّين
والقليل من الأصدقاء الحقيقيّن
نقتربُ من الغريب
ونبتعدُ عن القريب !
رنا سمير عَلَم
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي