تاريخ الكورد القديم للأجيال
الجزء التاسع
مقتطف من كتابة خالص مسرور (١)
كلنا يعلم من خلال التاريخ القديم، أن السومريين هم أقدم الشعوب المعروفة التي سكنت بلاد مابين النهرين جنوب خط عرض بغداد- بابل
أي المنطقة التي تسمى اليوم بأرض السواد في العراق من أشهر مدنهم أور، و أوروك، ولاغاش… رغم أن إسم أوروك ذاتها اسم غير سومري .
وما نعلمه أيضاً هو وجود أقوام أخرى غير سامية جاورت السومريين إلى الشمال والشرق منهم تحديداً، وهم الشعوب الهندو- أوربية كالحوريين، والميتانيين، والحثيين، والكاشيين، والكوتيين، ثم العيلاميين في جنوب شرق إيران…إلخ .
أي يمكننا القول هنا بوجود جبهتين أو ثلاث جبهات كانت تتواجه فيها شعوب مختلفة ليس من الناحية الحربية دائماً وإنما من حيث المكان والموطن أيضاً، ففي شمالي العراق القديم حتى جنوبي الموصل وشمالي سورية كانت هناك الجبهة الجنوبية للشعوب الهندو- أوربية من حوريين وميتانيين على سبيل المثال هذه الجبهة كانت تمتد حتى ما بعد منطقة تل براك قرب الحسكة في سورية .
وإلى الجنوب من هذا الخط في سورية اليوم، كانت هناك الشعوب السامية من بابليين، وأكاديين، وآراميين، وسريان، وعموريين..الخ
وفي جنوبي الموصل كانت هناك الجبهة السومرية أو دول المدن السومرية
هؤلاء السومريون في جنوبي العراق يعود تاريخ تواجدهم هناك إلى الألف الرابع قبل الميلاد أي إلى عصر العبيد وربما قبله.
وتضاربت الروايات بين العلماء حتى الآن حول الأصل السومري وموطنهم الأصلي الذي جاؤا منه. لكن في الحقيقة أن السومريين لم يهاجروا من أي مكان آخر من العالم، وأنهم انحدروا من كهوفهم الجبلية الشمالية والشمالية الشرقية من جبال زاغروس وطوروس تحديداً إلى سهول بلاد الرافدين من الجبال المجاورة، حينما حل الجفاف والقحط في المنطقة هبطوا نحو ضفاف الأنهار لممارسة الزراعة والإستفادة من مياه الأنهار في الري وسقاية المزروعات وحيواناتهم المدجنة.
وحول هذا يقول المصدر (٢) (صموئيل هنري هووك) في كتابه الموسوم
بـ(منعطف المخيلة البشرية) – بحث في الأساطير- ترجمة صبحي حديدي صفحة- 18 مايلي:
١ – يمكن العثور على السبب المحتمل للتغيير الذي طرأ على الشكل الأصلي من إسطورة (دوموزي وإنانا) السومرية، في حقيقة إنتقال السومريين من اقتصاد رعوي إلى نمط زراعي من الحياة (عند قدومهم الدلتا)
أي أن السومريين هنا وحسب كلامه لم يكونوا من السكان الأصليين لجنوب العراق، بل أنهم قدموا إليه من مناطق أخرى
٢ – وهذا ماوضحه أيضاً في قوله الآتي
في طقوس القرابين يتم تمثيل تموزاو (دوموزي)، وعشتار في هيئة شجرة تنوب مذكر وأخرى مؤنثة، بينما لاتوجد أشجار التنوب في دلتا دجلة – الفرات، بل في المنطقة الجبلية التي هبط منها السومريون. ٣ – ثم يذهب أيضاً إلى القول
إضافة إلى ذلك حقيقة الزقورات البرجية كانت سمة لعمارة المعبد السومري، وهي تساق لإثبات الإتجاه ذاته بخلق أجواء شبيهة بمناطقهم الجبلية
٤ – وهكذا قد يكون الشكل الأصلي من الإسطورة قد انبعث تحت وطأة ظروف حياتية مغايرة تماماً، لنمط الحياة الزراعية الذي اضطر السومريون للأخذ بها حين استقروا في الدلتا.
ثم يتابع كلامه بالقول: ويظهر أنهم قد هبطوا إلى الدلتا من المنطقة الجبلية.
الكرد الفيليين اليوم وبالأخص في جنوبي العراق يشكلون بقايا السومريين ونقول هذا بالإعتماد على عدة قرائن هامة منها
١ – تواجد الكرد الفيليين في نفس مناطق تواجد السومريين وهي جنوبي العراق ومنطقة عيلام الإيرانية
٢ – اليوم ومنذ عصور موغلة في القدم
وجود كلمات كردية فيلية في اللغة السومرية وبشكل واضح لالبس فيه
٣ – وجود قرائن جسدية تشير إلى التقارب مع الصفات الجسدية السومرية مثل الرأس المدور والقامة الدحداحة والأنف الطويل، وهذه الصفات موجودة بين الكثير من الفيليين الكرد الذين يقطنون جنوبي العراق وإيران اليوم.
الأسئلة التي تفرض نفسها بقوة هنا
أين كان موطن الأكراد في المنطقة حينئذ ؟
ومن أين جاء الأكراد الحاليون إلى المنطقة ياترى ؟
الجواب بسيط وبمنتهى البساطة، هوأن قسماً كبيراً من الكُرد لم يهاجروا من أي مكان آخرمن العالم، بل كانت كُردستان آهلة بالسكان منذ فجر البشرية أي منذ مرحلة إنسان كهوف (شانيدير) و(زرزى هزار) وغيرها من كهوف إنسان ماقبل التاريخ التي اكتشفها علماء الحفريات في كُردستان العراق والتي يعود سكن الإنسان العاقل فيها إلى ماقبل عام (6000) ق.م بل وأقدم من ذلك بكثير حسب مصادر أخرى.
لذا قسم كبير من كُرد اليوم هم بقايا إنسان هذه الكهوف، الذين امتزجوا مع الميديين والشعوب الهندو- أوربية العريقة في المنطقة، حيث اختلطت دماء هذه الشعوب جميعها في بطائح كُردستان ووديانها وجبالها، لتبقى في أماكنها منذ ذلك الوقت وتشكلت منها جميعاً الشعب الآري العريق والذي يدعى اليوم بالشعب الكُردي .
يرى الباحث والمؤرّخ الكُردي محمد أمين زكي (1880 – 1948) (٣) في مؤلّفه “خلاصة تاريخ الكٌرد وكٌردستان” أن أصول الكُرد تشكّلت من طبقتين، الطبقة الأولى كانت بالأصل تسكن جبال زاگروس طوروس وهم : لولو، كوتي، كورتي، جوتي، جودي، كاسي، سوباري، خالدي، هوري، ميتاني. والطبقة الثانية، هم الشعوب الهندو – اوروبيّة التي أتت فيما بعد واستقرّت في المنطقة، كالميديين والكاردوخيين، واندمجت بشعوبها ليتشكّل منها فيما بعد الكٌرد.
هؤلاء الكُرد هم الذين ذكرهم السلطان السلجوقي (سنجر) وأطلق على موطنهم أسم كردستان في العام 1005هـ.
وذٌكروا قبل هذا السلطان بفترة طويلة بأسمهم الصريح /الكُرد/ منذ العهد الأموي.
ولم يذكرهم التاريخ بهذا الأسم – ما عدا الكُرد الميديين- فما هو السر في عدم ذكرهم بهذا الإسم قبل العهد الأموي أو السلطان سنجر السلجوقي ياترى؟
في الحقيقة الإجابة في غاية البساطة
وهو أن الكُرد لم يكن اسمهم كُرداً حينذاك ، بل كانت لكل قبيلة من قبائلهم تسمية معينة وكان حالهم حال العشب الذي يظهر من تحت الثلج بعد ذوبانه ، وهم الشعوب الذين أتينا على ذكرهم من ميتانيين، وحوريين، ولولوبيين، وجوتيين، وكاشيين، وهم تلك الشعوب الجبلية العريقة في تاريخ بلاد مابين النهرين ، انكشف محل هذه الشعوب أو بالأحرى هذه القبائل التي تشكل جميعها قبائل أسلاف الكٌرد الحاليين ،
وهو ماذهب إليه العالم الروسي المصدر(٤)(مينورسكي) أيضاً، الذي يرى بأن الشعب الكُردي يتشكل من خليط من القبائل الآرية التي أتينا على ذكرها من كاشيين ، وميديين، ولولوبيين، وحوريين، وميتانيين…الخ.
بينما يقول المستشرق الروسي المصدر (٥)(مار) الذي يرى بأن الكرد شعب أصيل سكن موطنه الحالي منذ آلاف السنين. وعلى أية حال فالشيء الذي نستخلصه من كل ذلك هو شيء مهم جداً ألا وهو أن الكُرد أو أسلاف الكُرد كانوا متواجدين بقوة في السحنة النهرينية أي (بلاد مابين النهرين) ولم يكونوا يوماً ما دخلاء على المنطقة، فهم ليسوا ضيوفاً على أحد ولم يغتصبوا أرض أحد، والذي يقول خلاف ذلك عليه أن يبرهن لماذا يتحدث الكُرد حتى اليوم بكلمات كُردية دخلت اللغة السومرية منذ آلاف السنين، فمن أين جاءت تلك الكلمات ياترى ؟ وهذا السؤال يطرح نفسه اليوم بقوة على ساحة التاريخ الكُردي قبل أي شيء آخر غيره .
مقتطف من كتاب : آريا القديمة و كوردستان الأبدية
الكورد من أقدم الشعوب )المصدر (٦) المؤرخ الروسي صلوات كولياموف و ترجمة الدكتور إسماعيل حصاف
.. يبين بكل بساطة الشعب الكوردي يعد من أعرق شعوب المنطقة و أكثرها أصالة في المنطقة على
خلاف مجموعات بشرية أخرى تسكن المنطقة اليوم
المصادر
١- مقتطف من كتابة خالص مسرور
٢- (صموئيل هنري هووك) في كتابه الموسوم
بـ(منعطف المخيلة البشرية) – بحث في الأساطير- ترجمة صبحي حديدي صفحة- 18
٣- الباحث والمؤرّخ الكُردي محمد أمين زكي في مؤلّفه “خلاصة تاريخ الكٌرد وكٌردستان”
٤- العالم الروسي (مينورسكي)
٥- المستشرق الروسي (مار)
٦ – مقتطف من كتاب :
آريا القديمة و كوردستان الأبدية
( الكورد من أقدم الشعوب )
للمؤرخ الروسي صلوات كولياموف
وترجمة الدكتور إسماعيل حصاف
الكاتبة والدكتورة ڤیان نجار
٦ / ١١ / ٢٠٢٢ …. يتبع
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي