…اني أشعر بآلام في صدري وكتفي وجأت من الهنشير الى المدينة خوفا من تعكر صحتي أكثر وخاصة في الليل يشتد بي الوجع أكثر …
وسألتني عن أحوال عائلتي وبلغتهم السلام والتحايا والقبلات وحدثتني قليلا عن حزنها العميق الذي يسكن قلبها فيفتت شرايينه وينتشر في كل جزء من جسمها فيبعث اليأس والسقم….كانت آخر كلمات زرقة الوشام التي بقيت ترن في أذني ومن المحال أن أنساها….مر اليوم كئيبا ثقيلا وسدل الليل ستائره ليركن كل واحد منا الى الراحة بعد يوم متعب مرهق…الساعة تشير الى الثانية ليلا عندما رن صوت الهاتف ليرد عليه زوجي فيهاتفه خالي ويخبره بموت أمي التي لم تلدني ! تلعثم زوجي في الكلام وأخبرني وأن المكالمة من زميل له في العمل ولكن الخبر الصاعق تركه لا يستطيع اكمال المسرحية فأجهش بالبكاء وأخبرني بالأمر…
فيالها من رحلة طويلة وكئيبة في الظلام الدامس والبكاء المر في دروب طويلة نشق الفجاج والأودية والصحاري…
نامي يا أمي العزيزة ما أجمل الحولي الذي غطوا به نعشك البارد فأذكر وأني ارتديته في سهرات عرسي وغنيت وكلماتك مازالت محفورة في ذاكرتي”هزي حرامك وخامريك على الواشمتين هبلتني لا مال ولا باش نشريك غير كلمتي حصلتني….” قبلتك بحرارة وهمست لك أنا ابنتك التي أحببتيها ودللتيها وفضلتيها عن كل جيلها وفي هذه الغفوة مع الحبيبة الراحلة مر شريط صغير أمام عيني وجدتي تحمل ” المقرون” في غياب جدي وتخرج الى الفجاج الخالية وتطلق الرصاص حماية لحيواناتها، قومي حبيبتي فالأرض تنتظر عطاءك والحيوانات في حاجة لعطفك وناسك وعشيرتك تأبى فراقك وابنتك تذرف الدموع الحارة وترفض الرحيل…انت اخترت السفر الى ابنك الوحيد وقرة عينك، أنت لم تستطيعي العيش دونه فقررت الالتحاق به…فبعد التشخيص الطبي أخبرونا وأنك أصبت بمرض القلب تحسرا على فقيدك فكانت النهاية ويا لها من نهاية…سكت صوت جدتي في الهنشير وانقطعت خطواتها المرسومة على لوحات الثلج البيضاء ورمال النهر الصفراء وعلى وجه الربيع الجميل … ولكن أريج أفعالها ينتشر في كل زمان ومكان وبين سنابل القمح الذهبية وحقول اللوز والزياتين على ضفاف النهر وبين الجداول…نامي أمي العزيزة فأعمالك الخيرية درعك وابنتك لا ولن تنساك وستبقى تدعو لك بالرحمة والغفران…هكذا كانت نهاية زرقة الوشام….ولكن كل ماضيها وأعمالها ستوثق في الكتاب الخاص بها “نا بنت الزهرة زرقة الوشام”
بقلم سامية نصراوي
رحاب هاني /صمت
اعدو وراء الصمت، اتعثر بظله .عجباً به كيف يختفي!كيف يلتحف ضباب الأحلام و يستقي من رذاذ الأوهام؟خانتني الرؤية من جديد...
اقرأ المزيد
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي