بشر وحجر ….
الإنسان كائن ضعيف ،لا حيلة له في الحياة ،فمهما كان عمره أو مهما كانت وظيفته أو موقعه الاجتماعي ومهما تمتع بقوة خارجية تعكس بشكل غير مباشر على طبيعته وتصنفه أحيانا ،بأنه قوي فهو طفل صغير يحتاج الى عناية والى عطف وحنان ،يحتاج إلى حضن أمه يحتاج الى كف والده ليختبأ بهما من خوف الحياة …
الحياة مخيفة ،لها عدة وجوه ،لا يمكن أن تكون صافية معك ،فهي غادرة،دائما ما تطعنك بسكين او سهم أحيانا يأتيك على هيئة صديق أو زميل وأحيانا بقريب أو بعيد
فيجب أن تبقى دائما على حذر …
اما الطبيعة والتي هي ركن من أركان الحياة ايضا غادرة فهي مقسومة الى عدة فصول
الشتاء وأغلب الشتاءات قاسية تحمل معها الرعد والعواصف ،الثلوج ،الرياح فتقتلع الأشجار ، وتكسر الغصون …
الخريف ومعه تحارب الطبيعة ذاتها فتمرض الأشجار وتصفر أوراقها وتتساقط
أما الربيع فهو أجمل الفصول يحمل في طياته الهواء الناعم الذي يتسلل الى الروح وينعش الجسد،تفوح رائحة الياسمين والقرنفل ،تستعيد الطبيعة أنفاسها وتستقيم ،فصل الجد والعمل الممزوج بالفرح
ثم يأتي الصيف فتتحول الحرارة وتشرق الشمس الحادة لتصفع جبين الأرض والعامل الكادح ،ومعها تففد الأزهار عطرها وتنضج الفاكهة والتين والرطب ويزهر الجوز واللوز وتضج الحقول ببراعم المستقبل …
اما الأرض فهي المتلقي ،هي صاحبة الدار التي تستقبل الفصول كلها بكل شغف وعلى اختلاف طبائعها إلا أنها أيضا غادرة وغدرها مدمر مزلزل لكل البشر فهي بلحظة تتحول ،من الخير إلى الشر فتصبح المضيافة قاتلة وذلك حين تتحرك صفائحها الساكنة الساكتة لسنوات وسنوات ،فتفتح صدرها وتبتلع البنيان والبشر والأشجار تحت مسمى زلزال ….
ويكون ضحيتها الأولى الإنسان فهي تحصد الالاف والملايين ولا تميز بين طيب وشرير،بين غني وفقير،بين عالم ومشهور ،تحصد الكل بجنون …
وأمام الحياة والطبيعة والأرض يدفع الثمن الإنسان ،ومن بقي على قيد الحياة يتآكله كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة الخوف ؛الخوف يقتل الفرحة،يسرق الأمل ،يمزق المستقبل ، يشتت الأفكار ،هو مرض فتاك يتسلل إلى قلب الإنسان فيضعفه ،يسيطر على عقله الواعي وغير الواعي ،يحوله إلى مريض نفسي تتلاعب فيه الوساوس والقلق ويصبح كائن ضعيف على هيئة إنسان ينتظر قدره المحتوم وعيونه تفيض من الدمع خشية القدر ووحشيته ويموت وعيناه مفتوحتان مسمرتان في غرفة مضيئة ساعة سحر … zh
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي