خبيرة العلاج الإيحائي الدكتورة سميرة حداد لمجلة أزهار الحرف /حاورتها من لبنان نجوى الغزال

عرفتها عن قرب (رئيس التحرير) فوجدتها نعم الصديقة، فيها من الكرم والتواضع والمحبة ما يعجز قلمي عن شكرها.
لم أجد ما يوفيها حقها إلا أن نحاورها عبر مجلة أزهار الحرف، نستفيد ونفيد القارئ عبر رحلتها الجمالية والإنسانية في وقت عز فيه الجمال.
حاورتها من لبنان الصحفية :نجوى الغزال
إنها الدكتورة: سميرة حداد تخصص معالجة/ خبيرة إدارة مشاعر وضغوط/ تنمية بشرية

التنمية البشرية (العلاج الإيحائي)

١_ ما هو التعريف العلمي للعلاج الايحائي؟
_يتغير التّعريف من مدرسة لأخرى، كما وتتبلور فكرة ومعنى التنويم الإيحائي(hypnosis) و العلاج الإيحائي(hypnotherapy) كلما زادت الابحاث وتابعنا النتائج.
ولكن يبقى التعريف الموحد والمتفق عليه هو: انّه العلاج الذي من خلاله نساعد الاشخاص على تخطي المشاكل الصحية والنفسية عن طريق استعمال تقنية الانفصال عن العالم الخارجي وزيادة الوعي والتركيز في عالمهم الداخلي(hypnotic techniques).
وبمعنى آخر هو خلق حالة عقلية(mental state) معينة في الوقت المناسب ولسبب محدد.

٢_ هل التنويم الايحائي او ما يعرف بالتنويم المغناطيسي حالة طبيعية ويمكن لاي شخص تجربة _هذا النوع من التنويم؟
نحن كمعالجين ايحائيين نرفض تسمية التقنية بالتنويم ولكن البحث جاري لايجاد كلمة مناسبة لتبديلها. وذلك لأن الشخص الذي يخضع لتلك التقنية يكون بعيدا كل البعد عن حالة النوم.
أما بالنسبة لسؤالك فالإجابة نعم!
وذلك بعد التكلم عن التقنية بشكل واضح وإزالة كل المخاوف الموجودة عند الشخص. وكما أنني ساخبرك أننا كبشر عقلنا يمرّ غالباً في تلك الحالة(hypnotic state) دون أن نعلم اونتنبه لذلك.
على سبيل المثال كم من مرة نتعرض لاذية في يدنا ونحن نحضّر الطعام ونقوم بعمل ما في المطبخ ولا نكتشف او نتنبه لذلك إلا عند الخلود إلى النوم او بعد فترة من الزمن لا باس بها.
الجدير بالذكر أنّ هناك بعض الاشخاص هم اكثر تجاوبا او اكثر قبولا للتنويم الإيحائي وذلك بسبب حالتهم العاطفية ويتمتعون بقدرة كبيرة على التخيّل واغلبهم يضيعون في قراءة كتاب او مشاهدة التلفاز.

٣_ ما هي أسباب تطبيق التنويم الايحائي؟
_قبل الاجابة عن هذا السؤال علينا التفريق بين التنويم الايحائي (hypnosis) والعلاج الإيحائي(hypnotherapy).
التنويم الايحائي خلق حالة عقلية جاهزة للامتثال بشكل دقيق لاقتراحات او كلمات المرافق او انتقاء الافكار من الشخص نفسه في حالة التنويم الايحائي الذاتي(self- hypnosis). وذلك من خلال الاسترخاء والتركيز.
وفي هذه الحالة من الإمكان إحداث تغيير سريع ودائم عند المتلقي، على سبيل المثال تغيير بعض العادات(التدخين، قضم الاظافر)، التصرفات، المعتقدات.

اما بالنسبة للعلاج الايحائي هو مجموعة مراحل نتنقل بينها بعد خلق الحالة (hypnosis) وبطريقة مغايرة لنقل الشخص نحو حياة افضل على جميع الاصعدة وخاصة عند حالات التوتر، الاكتئاب، أو حالات الصدمة او ما بعدها.
حالات الرهاب، تحسين الاعراض النفس جسدية.. واللائحة تطول.
وذلك عن طريق اكتشاف الاسباب وعلاجها، واحداث تغيير في العقل الباطني من حيث الافكار، المشاعر السلبية، الذكريات، المعتقدات….
التي تؤثر على الحياة الحالية ودفعت هذا الانسان لطلب مساعدتنا.

٤_ هل خلال عملية العلاج الايحائي يمكن للمعالج التحكم بعقل المريض ؟
_فكرة السيطرة على العقول تسيء للعلاج الايحائي وذلك بسبب هوليوود والافلام المنتجة والتي تروّج لهذه المخاوف وتدعمها.
مع العلم أننا لا نقوم بتلك الخطوة إلا بعد النقاش والشرح المسهب للاشخاص والاجابة عن كل تساؤلاتهم ودحض جميع مخاوفهم، والأهم الحصول على موافقتهم وسماحهم لنا باتباع الخطوات وتطبيق العلاج الإيحائي.
ومن الضروري ان يعلم القارئ والمتلقي أنه بامكانه أن يُخرج عقله من تلك الحالة في أي وقتٍ يريده وفي أي مرحلة

٥_ ما هو دور العلاج الايحائي في حالات الاكتئاب والانفصام ؟
_العلاج الإيحائي بامكانه مساعدة من يعاني من حالات الاكتئاب عن طريق المساعدة في تخفيف او إدارة المشاعر التي ترافق تلك الحالة من حزن، توتر وقلق. وايضاً معالجة بعض السلوكيات
المضرة للمصاب المؤدية إلى تفاقم وضعه.
ومع ذلك إحيانا يكون العلاج الايحائي هو علاج مرافق في بعض الحالات حيث أن المكتئب يحتاج ايضا إلى علاج طبي.
أما بالنسبة للانفصام العلاج الإيحائي يترافق مع العلاجات الطبية في تحسين بعض الحالات حسب دراسات أقيمت على مدار سنوات في عيادات وجامعات دولية.

٦_ هل العلاج الإيحائي يلعب دور إيجابي في حالة فقدان الذاكرة او الزهايمر ؟
_هناك فرق بين الزهايمر وفقدان الذاكرة
الزهايمر هو مرض يصيب الدماغ ممكن أن يؤدي إلى تدهور حالة المصاب مع تطوره ويؤثر غالباً على الذاكرة القصيرة الأجل.
ا
أما بالنسبة لفقدان الذاكرة ممكن أن يكون عارضا لأحد الامراض الأخرى.
اذاً من الممكن أن نكون نشتكي من فقدان الذاكرة ولكن من دون أن نشتكي من مرض الزهايمر اوغيره. لذا علينا أن نعلم ماهية المرض وأسبابه وتطوره حتى نعرف كيفية التعامل معه وعلاجه وإمكانية مساعدة المريض عن طريق العلاج الايحائي او العلاجات المرافقة للعلاج الطبي.

٧_ أين ترين واقع هذا النوع من العلاج في المستقبل مع الثورة العلمية الحديثة ؟
_إن العلاج الايحائي او التنويم الايحائي هو من العلاجات التي انتشرت في الآونة الأخيرة وعلى نطاق واسع بسبب نتائجه السريعة والآمنة للمريض وعائلته. والجدير بالذكر أن التنويم الايحائي بات يستعمل في السيطرة على الاوجاع كما وبات يستعمل في التخدير في بعض آليات التشخيص او في الخصوع للعمليات البسيطة على سبيل المثال الولادة.
كما وحسب رايي الشخصي أن العلاج الايحائي وبالرغم من الثورة العلمية الحديثة يبقى على قدر كبير من الأهمية لأنه يُعنى بالإنسان في كل مكوناته من عقلٍ، روح وجسد.
ومع الازمات المتتالية في زماننا الحاضر بات الاعتناء بانفسنا من اساسيات هذا العصر وألا نسمح للتطور والذكاء الاصطناعي أن يلغي عقولنا ويقتل اصرارنا على الوجود والتقدم والحفاظ على كينونتنا.
خاصة وأن الله وهبنا نعمة الشفاء الذاتي التي من الممكن تفعيلها بطرق كثيرة ومن أهمها التنويم الايحائي الذاتي (self- hypnosis)

٨_ ما هو السبب المباشر وراء إنتقالك من العمل كممرضة بالعناية للاطفال إلى العمل في التنمية البشرية ؟
_منذ الصغر وأنا أحلم بإن أصبح ممرضة لمساعدة المرضى وخاصة أننا عشنا في زمن الحروب والآلام.
تحقق الحلم وبدأت العمل كمسؤولة في أحد الاقسام إلا أنني اصريت على العناية بالإطفال لأنهم هم مستقبل الاوطان وأمانه تخصصت واستلمت القسم وعملت به بحب وفرح وفخر.
ومرت الأيام واكتشفت أن هذا الطفل يعيش في مجتمعه الضيّق أعني العائلة التي تنتمي إلى مجتمع اكبر. وما لبث أن اكتشفت أنه لا ينبغي فقط أن أعتني بالطفل المريض بل واجبنا الاعتناء بإهله وبالتالي بالمجتمع ككل.
تنقلت بين الرعاية الصحية الأولية التي تعنى بشكل مباشر بالطفل والأم ومن ثم العناية بالعائلة ككل حتى انتقلت إلى الاهتمام بالتنمية البشرية التي تهتم بكل ما ذكرته سابقا بشكلٍ وثيق وهادف.
الفرد ومجتمعه بجميع مكوناته وإهتماماته في سبيل تطوير الفرد والحفاظ على صحته النفسية والجسدية وتعليمه واكسابه المهارات للحفاظ على نفسه وتطوير ذاته ومن ثم النهوض بمجتمعه.
جمعت خبراتي وإهتماماتي ودراساتي ووظفتها في خدمة الفرد ومجتمعه والمساعدة في تطويرهما.

٩_ هل إختصاصك كممرضة للعناية بالاطفال ساعدك في تطوري ساسيات التربية البيتية مع أولادك أم أنك آثرتي إعتماد التربية التقليدية الموروثة من الاهل؟ ما ساعدني في تطوير اساسيات التربية البيتية مع أولادي هو دراسة العلاج الإيحائي لأنه يساعدنا على إدراك مشاعر الإنسان وقوة عقله وكيفية التعامل مع الطفل الذي لا يفارقنا طوال أيام حياتنا وبالتالي التعامل مع إطفالنا لخلق أشخاص أسوياء على الصعيد العاطفي، النفسي والجسدي (قدر الامكان).
بالرغم من ذلك لا يمكننا إنكار أن التربية التقليدية كما والتربية الحديثة يكمن في تفاصيلها بعض نقاط الضعف لذا من الطبيعي علينا أن نحاول أن نكون دائما كأهل فعّالين وواقعيين وألا نسعى للمثالية.

١٠_ ما هو الهدف من المؤتمر الذي انعقد في دولة مصر وكنت من المشاركين فيه ؟
:المؤتمر الدولي لخبراء تطوير الاداء، هو اجتماع دولي ضم العديد من الجنسيات من الاخصائيين، الكوتش والمدربين الذين يعنون في تطوير اداء الافراد في المؤسسات والوظائف على صعيد العمل الفردي او الفريقي لاكتساب المهارات وتطويرها في سبيل التقدم الفردي والمؤسساتي وبالتالي المجتمعي.
والهدف من هذا المؤتمر هو العصف الذهني وتبادل الخبرات وتكافل الاستراتجيات في سبيل تحسين وتطوير آداء كل مشارك واكتسابه مهارات جديدة في تطوير آدائه الشخصي كمدرب او كوتش او ناشط على صعيد التنمية البشرية.

١١_ ما رأيك في إنتشار المنتديات الثقافية على مساحة الوطن العربي وخاصة فيما يتعلف ب ملتقي الشعراء العرب الذي أسسه الشاعر والناقد ناصر رمضان ؟
_أن انتشار المتتديات الثقافية على مساحة الوطن العربي دليل واضح على حاجتنا الى إعادة تأهيل وتفعيل ثقافة الكتاب والكتابة اللذين غابوا عن مجتمعنا مع طفرة وسائل التواصل الاجتماعي الذي استحوذ على جميع نواحي حياتنا وخاصة عقولنا للاسف.
اما بالنسبة ل ملتقى الشعراء الذي اسسه الشاعر والناقد الصديق ناصر رمضان المشكور على جهوده وتفانيه في خلق مجموعة من الاشخاص الموهوبين دليل على تعافي ذلك القطاع الذي ينمو بالمثابرة والصبر والاصرار.
وانا من السعداء لانتمائي لهذا الملتقى المتنوّع في كوادره واختصاصاته آملة أن يستمر هذا الملتقى بالتقدم والنجاح بانضمام المزيد من أصحاب المواهب إلى كوادره وخاصة الشباب.