جمال عبيد بين الانا والوطن
إن أول ما يلفت انتباه القارئ أو يشده الى أي كتاب عنوانه ،فالعنوان دائما يغري المتلقي ويدفعه الى غوص أعماق الكاتب كيف لا ؟
وإن كان الكتاب عنوانه (مقالات على هامش الحياة) .
إن إختيار الكاتبة جمال عبيد للاسم المجرور هامش وإضافته إلى الحياة لم يكن عبثيا أبدا
فما معنى هامش؟
هامِش: (اسم)
الجمع : هوامشُ
والْهَامِشُ : حاشيةُ الكتاب ، جزء خالٍ من الكتاب حول النص في الكتاب المطبوع أو المخطوط
جمال عبيد بإضافة الاسم هامش الى كلمة حياة جعلت كل مقالاتها ،قصصها ، شعرها_ الذي زين بعض الصفحات- تعبيرا عن إضاءات او أفكار أرادت الكاتبة أن تشاركها مع القارئ لما لها من تأثير عميق في حياتها وقد تؤثر في حياة الآخرين …
الحياة مشوار طويل نبدأه ولا نعرف نهايته ،الحياة كلمة تختصر الوجود، وجمال عبيد اختصرت في مقالاتها حياة الإنسان ،فالإنسان الطبيعي السوي يرى والدته قرة عينه إمرأة جميلة ذكية يفتخر بها وهذا ما اشارت اليه جمال حين عنونة إحدى مقالاتها بقرة عيني وتحدثت ووصفت والدتها ولدقة الوصف تخيلناها فهي إمرأة جميلة تلفت النظر لها طلة ووقار ،ابتسامتها لا تفارق وجهها رغم الأحزان والألام فرغم وفاة زوجها وفقدان أبنها البصر كان تعمل لتحافظ على عائلتها وقدمت عين من عيونها لابنها ،هي الجارة الوفية ،هي المرأة الصامدة في وجه كل الصعاب …
وللمرأة دور كبير في المجتمع هي نصف المجتمع وبها ومعها يضيء المرء حياته ولذا نردد معها قول شكسبير المرأة كوكب يستنير به الرجل ومن غيرها يبيت في الظلام
وكما للنساء دور فللرجال أيضا دور في الحياة عامة وفي حياة المرأة خاصة ، فالرجال أنواع منهم من يمسح دمعة المرأة ومنهم من يكون سبب تلك الدمعة ،هذا وأكدت أن الدموع حق شرعي لكل إنسان إمرأة أو رجل …
وكما أن المرأة والرجل هما عامودا الحياة فللوطن وهو الحضن الذي نرتمي فيه بعض حضن العائلة حصة وافرة في مقالات عبيد ، فدمشق الياسمين ،السنديانة الراسخة رغم كل الأحزان ، صاحبة الثوب الأبيض الذي ترعرعت تحت جناحيها وابتعدت عنها وفارقتها قسرا وليس طوعا قائلة : “الغنى في الغربة وطن والفقر في الوطن غربة” ،فقريتها غالية عليها ،طيورها،طبيعتها؛اشجارها ،حمامها كل الوطن تحمله معها في شنطة سفر…
هذا واختصرت بعض مقالاتها لنماذج بشرية نختبرها ونعايشها فذكرت الأصدقاء الأوفياء اللاتي مررنا بحياتها مثل منى ،سمر وعلا ،
وعن بعض الصفات التي يشتهر بها الانسان الاصيل مثل:الوفاء، المحبة ،الحرية،الارادة والطموح
وعن صفات أخرى لنماذج تبتعد عن الانسانية وتمتع بالانانية ، النفاق،البخل ….
هذا واشارت الى أهمية التعليم باني الحضارات وانه بالارادة نحقق النجاح لذا جاءت جل مقالاتها مدعومة بأقوال مأثورة أو أبيات شعرية لتؤكد على فكرة العلم وأقرت أن الإفصاح عن الرأي مطلب للفرد والمجتمع لكن يبقى الصمت أبلغ من الكلام فهو مهارة وفن والندم يكون على الكلام ….
جمال عبيد في كتابها “مقالات على هامش الحياة” رسمت إطارا لحياة نعاركها ونعيشها بكل تفاصيلها …
تحياتي للكاتبة وأتمنى أن تكون قراءتي أنصفت الكاتبة أو لامست أهدافها …
زينة حمود …
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي