قراءة في كتاب جمال عبيد : على هامش الحياة.
بعد موسوعة ومضات نابضة الصادرة عام ٢٠٢٢ عن دار اسكرايب، أصدرت الكاتبة السورية جمال عبيد كتابها تحت عنوان :على هامش الحياة.
لوحة الغلاف للفنّانة اللبنانية لينا أيدانيان.
صمّمت الغلاف الكاتبة اللبنانية منى دوغان جمال الدين.
قدّمَ للكتاب رئيس ملتقى الشعراء العرب، الشاعر الأستاذ ناصر رمضان عبد الحميد من مصر.
يتألّف الكتاب من ١٥٠ صفحة، تضمّنت ٤٢ عنوانًا.
جمال عبيد ابنة سوريا والتي توفي والدها في ساحة القدس، فقامت والدتها بجمع الأزهار وبيعها من أجل إعالة أبنائها. هي الأمّ نفسها التي طلبت من الطبيب إعطاء عينيها لولدها الذي أصيب بالعمى، كي يرى.
كتبتْ جمال عبيد ما في قلبها على الورق بأسلوبٍ بارع وسهل، بكلماتٍ نابعة من فكرٍ عميق.
برهنتِ الكاتبةُ في محتواه، عن عمقِ التفكير في معاني الحياة، عن ثقافةٍ واسعةٍ وقراءاتٍ متعددة، إذ ذكرتْ على ما يزيد عن ٢٦ كاتب وشاعر عربي وعالمي.
أمّا المضمون فمنوّع والعناوين تدور حول إرادةِ الحياة التي يتطلّبُها النّجاحُ عبر نصيحةٍ أسدتْها لابنتها لأنّ “الحياة حرب ” ص ١٨.
نادتْ بالمحبة لأنّها ” لغة السلام” ص ١٩، واعتبرتْ أنّ القوة تكمُن باتّساعِ الثقافة.
عبّرتْ بالقلم عن الألمِ والسعادةِ والشقاء، عن الخيرِ والشّر. وجدتْ أنّنا لا نعلم عن أنفسنا سوى وقت المصاعب ص ٢٠.
وضعت مقياساً للأنانية عبر صفاتٍ حدّدتْ نوعها وقرأتْ في السعادةِ التي ترفعُ الإنسانَ واعتبرتْ ما يُسقِطُهُ هو الأنانية بالإضافة إلى المالِ وحبِّ السيطرة.
الحياةُ بالنسبةِ لها هي عطاءٌ وأخذ، هي التي سئمَتِ السفرَ وكتبتِ الحنينَ والشوقَ للأرضِ وللوطن / مرتع الأوفياء.
اعتمدتْ على التعليم عبر مهنتها، وهو ما يبني الحضارات. تعلّمتْ أنّ التعليم ينقصُ دون المعرفة وأنّ الجهلَ يذلُّ.
كتبتْ حبّها وعِشقها لدمشق وفسّرتْ مفهومها للجمالِ ولحبّ الطبيعةِ التي تعشقها لأنّها من إبداع الخالق. تطالبُ بالمحافظة عليها بما فيها من كائنات ونباتات وحيوانات وطيورٍ تغنّت بها وطالبتِ البشرَ بأن يتركوها تعيشُ بحريّةٍ والتي تعتبرها شمسَ الحياة.
جمال عبيد هي المرأةُ التي تذرفُ الدموعَ وتعتبرُ المرأةَ والرجلَ مكمّلين لبعضهما.
لا تخجلُ من الشيبِ بل تكتبُ فيه قصّةً روَتْها بسوادِ الحرفِ على جدارِ الورقِ.
تنظرُ للمرآة وتصمتُ لأنّ الصمتَ أبلغُ من الكلام.
تطرّقت للكتابةً عن مواضيعَ متعددةٍ منها قصّة صديقتها عن الفوبيا.
كتبتْ عن نزيفِ النزوح من القرى إلى المدن عبر قصّة شيخٍ ، مؤثّرة جدّاً كما تأثّرتُ بكتابتها عن الغربة.
كتبت عن الصداقة، هي التي لا تُحِبّ العتاب، وتقول أنّ المحبة هي عِطرٌ نادر الوجود ص ٩٦.
أوصَتْ إبنها بعملِ الخيرِ الذي لا يموتُ ص ١.٣.
جمال عبيد تُحِبّ الربيع سيّد الفصول. في الربيع تتجدّدُ الحياةُ بالرغم من أهميّة كل الفصولِ في دورةِ السنة ص ١١٤.
تعلّمتْ الكاتبةُ كيفيّةَ التعاملِ مع الجار عبر دروسٍ من حياةِ وتصرّفاتِ وتربيةِ والدتها التي كان لها الحصّةُ الأكبر في محتوى الكتاب.
جمال عبيد وفيّةٌ للأصدقاءِ منذ الصغر، تُحِبّ ولا تنسى، تتعلّمُ من أسفارها وفي النهاية تعطينا درساً في أنّ السعادةَ طريقُ وصولٍ وحياة، لا يراها إلّا مَن يُبحِرُ عبر سفينةِ الحبِّ والمحبّة.
لا تتأخّري يا جمال عبيد في أسفارِك، في رحلاتِ حروفكِ إلى الورق. إحملينا معكِ في رحلةٍ جديدة من الكلماتِ النابضةِ بالمحبّة والخيرِ والفرح والأمل والسعادة.
ألا تعتقدي أنّ عليكِ إكمالَ وصيّةِ الوالد بأنّ العلمَ هو السبيلُ الوحيد للحياة في الصميم، لا على هامشها ؟
وهل أجمل من الكتابةِ على هامشِ الحرية، بضعة حروفٍ وأدبٍ يليقُ بنا كما كتبتِ على هامش الحياة ؟
رنا سمير عَلَم
١٨/٠٢/٢٠٢٣
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي