قراءة في ديوان (نزيف الغربة) لرئيس ملتقى الشعراء العرب الشاعر المصري/ ناصر رمضان عبد الحميد.
صدرَ الديوان عن دار اسكرايب للتوزيع والنشر بالتعاون مع ملتقى الشعراء العرب، في ١٠٥ صفحات.
صدَرَ للكاتب والصحافي والناقد والروائي والمحاضر قبل ذالك ثمانية عشر ديوانا في خمسة أجزاء تحت عنوان الأعمال الكاملة كما أن له رواية ونصوص نقديّة، وومضات بالإضافة إلى مقالات ودراسات وحوارات، بما في ذلك كتابات عن شعراء عرفهم في خمسة أجزاء تُرجِمَت كتبه إلى عدّة لغّات.
نزيف الغُربة : صورة الغلاف للفنّانة اللبنانية/ إيمان إبراهيم النابوش.
تصميم الغلاف للكاتبة اللبنانية/ منى دوغان جمال الدين.
بعد الإهداء، يتوقّف الكاتب في المقدّمة أمام أهمية كتابة الشعر وأسباب كتابته.
يعتبر الشعر لغّة فكرية لا تُدِرّ المال على صاحبها، وهي مشوار بحثٍ عن الذات بما فيها من جماليّات أو حزن وغضب. يعتبر أن الشعر هو طريقة للتعبير عمَا يجري في القلب.
يسأل لماذا نكتب؟
في المقدمة نجد الأسباب التي تجعله يضع ما في القلب على جدران الورق. يُعلّلُ ويُفتّش فيجد أن الكتابة هي طريق حياة لا يستطيع الشاعر التخلّي عنها ولو لم تجلب له المردود المادي.
تتنوّع عناوين نصوص الديوان ال ١٧ وتختلف باختلاف مضامينها. تتمحور حول الأحلام العذبة تحت أستار الكلمات من غزلٍ أحيانًا جريء وأشعارٍ نابعةٍ من قلبٍ مليء بالحبّ.
تبدأ بفتح نوافذ الظلمة في بدء عامٍ جديد ثم إلى كتابة الفرح بترانيم من الجنّة يتمناها كي يستفيق على عالمٍ سعيد. كتبَ نزيف الغربة “كغربة الماء حين السيلُ يأتيه ” ص١٤.
من هو الشاعر ؟
- هو الحالم الذي يُشبِه عوداً لا يشيب من الفناء ” ص ١٥.
- هو عاشقٌ طوّاف قبّلَ خدّ محبوبته تحت السماء العارية، يحلمُ بالنور والحب كالحالمين.
-هو من يكتب بعواطف ترفض تلهّي الشاعر بالقشور. يعتبر أنّ “الشعراء تُعساء حين يسافرون إلى الدياجر دون نور” ص٣٠.
إحتسى شاعرنا لبن الحياة وهو يرفع الصوت جهراً نحو السماء.
من أجمل ما كتبَ قصيدة “أمّي ” ص ٣٦. يعتبر أمّه على قلبه أحبّ من الشذا، حين يجيء ذكرها تبكي عيونه. كيف لا وهو ما زال يسمع صوتها تُناديه صبحًا ومساء، تحمل له الحب والحنان وهو يحتفظ بكلّ ذلك في قلبه. كيف لا وهو حين ينطق باسمها تَخْضَرُّ بين أبياتِهِ الرُّبا ؟ يكُنُّ لها الكثير من العاطفة، هي الأمّ الحاضرة دومًا في الفؤاد.
كتبَ لصديقةٍ قصيدةً فروى حبّها في المنام لكنّ القلب ضلَّ في حبّها وندِمَ في الحقيقة.
كتبَ لعينيها اللؤلؤتين أجمل القصائد ص ٤٢، لأنّه ما شاهدَ أجمل منها في عالم الأشواق. أهداها قصيدة عصماء، هي التي تقتلُ العُشّاق. ص ٤٦
كتبَ للحبّ الذي يرفع منزلتَهُ، لمصرَ التي يفديها بالدماء الذاكية، وهو على مثالها ستظلّ رأسه عالية كالنخيل.
في صمتِهِ دعاءٌ ودمعٌ حائر لأنّ الحبّ فعَلَ بهِ ما يشاء ص ٥٠.
يُؤمنُ بأنّ الله يرفع عنهُ الضّير، ولو أنّ الليل يُشبِهُ صمتَ القبور، ففي قلبِهِ الحُرّ الطليق ألف قصيدة تنتظرُ الصعود.
قالَ لها أحبُّكِ سِرّاً، هواها يُلْهِبُ فيضَ أفكارِهِ، هي التي تُعذّبُهُ وتحاصره، ولو بنى للحبّ بيتاً من عِشقٍ وهمسٍ فلم يجِد أجمل من عينيها ليكتب لتلك التي رمتْهُ بسهام الحبّ السّقيم، أجمل قصّة تُروَى على مرّ الفصول ص ٧٦.
الشاعر الكاتب وضَعَ قلبها في قلبِه عبر خريطة أشعار الحبّ التي يُغَلّفُها الجنون، هو الذي يُمسي دون الحبّ تراباً.
يعيش الشاعر الوحدة ويرنو إلى العِشق الذي يُشعِلُ قلبَه فينتصر. كيف لا وهو شاعر مرهف الإحساس؟
أفرَغَ الشاعر في قصائده حبّه وشوقه ووحدته وعذاب الحبّ المستحيل بالسّواد على الورق وجعل الشوق يجري عبر شرايينه فشعرنا معه بالحزن والأسى على حبّ غير موجود إلّا بحروفٍ من غزل الكلمات الراقية.
في الخاتمة نقرأ ” لا روح تواسيني ” أمّا أنا القارئة فأقول للشاعر ألا تعتقد بأنّ كتابة الشعر هي بحدّ ذاتها مواساة للرّوح العاشقة عبر الحبر على الورق ؟
وهل من لديه لبَن الحياة يحتاج لغير العشق كي يُواسيه ؟
رنا سمير عَلَم
١٩/٠٢/٢٠٢٣
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي