الفنّ هو الحياة، هو الصّوت النّاطق بالجمال المغرّد في سماء الوجود، هو الرّوح الّتي تسري في الكون فتشيع الأمل.
وفي ظلّ ظهور عالم التّكنولوجيا في حياتنا وما يُثار عن الحاسوب وقدرته على أن يرسم اللّوحات ويكتب الشّعر، كان لا بدّ لنا أن نلتقي بأهل الفنّ، نحاورهم ونستمدّ منهم المعرفة والجمال.
من هناك قريبًا من جبال الأرز حيث صوت فيروز يعانق الصّباح ونسمات الهواء العليل تنعش القلب، تطلّ علينا فنّانة تشكيليّة لها عالمها الخاصّ وطابعها الخاصّ، تعمل دون كلل ولا ملل تنشر الفرحة وتنثر الجمال وتبثّ الأمل. في ريشتها عصفور، وفي إبداعها زهور. هي الفنّانة التّشكيليّة اللّبنانيّة/ (غنى حليق).
وقد كان لمجلّة أزهار الحرف هذا اللّقاء معها.
حاورتها من مصر مي خالد
* * *
1) هل يمكن أن تعرّفينا بنفسك كفنّانة، وقبل الفنّ كصحفيّة و كاتبة لبنانيّة؟
* بدايةً أنا إنسانٌ أحبّ الفنّ وأتذوّقه في مختلف مجالاته. نشأت في بيت يتذوّق الفنّ ويعشق الكلمة واللّون، ولهذا ربّما هويت الفنّ التّشكيليّ وامتهنت الصّحافة. والدي رحمه اللّه كان يحبّ القراءة والاطّلاع ويقتني الكثير من الكتب ، ممّا حفّزني على القراءة والاطّلاع أيضًا، كما كان إخوتي وأخواتي يهوون فنّ الرّسم والموسيقى؛ وبما أنّني كنت صغيرة المنزل، اكتسبت منهم شتّى الفنون والمهارات والهوايات.
باختصار وبعد مسيرة نضال، حصلت على إجازة في العلوم السّياسيّة والإداريّة وإجازة ثمّ شهادة دراسات عُليا في الرّسم والتّصوير، فأصبحت صحفيّة وإعلاميّة وفنّانة تشكيليّة. وأنا حاليًّا مديرة مركز “إضاءات” للفنون والثّقافة والتّعليم .
عملت 13 سنة كمُعِدّة برامج في تلفزيون المستقبل، وكتبت في عشرات المجلّات والجرائد كجريدة “السّفير”، و”الكفاح العربي” اللّبنانيّة، وجريدة “القبس” الكويتيّة، ومجلّة “لها” و”حياة النّاس”… وغيرها من المجلّات والجرائد اللّبنانيّة والخليجيّة. وأنا حاليًّا عضو في نقابة المحرّرين اللّبنانيّين وفي جمعيّة الصّحافيّين الآسيويّين. وقد نُشرت لي عدّة مقالات بالإنجليزيّة تُرجمت إلى الكوريّة في مجلّة “آسيا إن”. إضافة إلى أنّني مستشارة فنّيّة لمجلّة “أزهار الحرف الإلكترونيّة”. كما كتبت في بداية حياتي الصّحافيّة سلسلة قصص للأطفال نُشرت في مجلّة “سامر” اللّبنانيّة وفي بعض الكتب التّربويّة.
2) حدّثينا عن زيارتك الأخيرة لمصر. ما هو سبب هذه الزّيارة الكريمة؟
* زيارتي الأخيرة إلى مصر أمّ الدّنيا، كان لها عدّة أهداف: أوّلها سياحة واستجمام لأنّني أحبّ مصر جدًّا وأهلها الطّيّبين، كما كان لها هدف ثقافيّ ومهنيّ إذ أجريت خلال وجودي عدّة لقاءات مع فنّانين وكتّاب وشعراء تباحثنا خلالها في موضوع الفنّ والثّقافة، وتبادلنا الآراء في ما يخصّ الفنّ التّشكيليّ، خصوصًا أنّني سبق وعرضت في دار الأوبرا مجموعة من اللّوحات، وربّما مستقبلًا أعيد هذه التّجربة مع مجموعة فنّيّة جديدة.
3) باعتبار أنّك رئيسة لجنة الفنّ التّشكيليّ في ملتقي الشعراء العرب، حدّثينا أكثر عن دورك في هذا الملتقى … ماذا قدّم لكِ الملتقى؟ وما فائدة هذه الملتقيات؟ ماذا عن علاقتك برئيس الملتقى الشّاعر ناصر رمضان عبد الحميد؟
* كَوني رئيسة اللّجنة الفنّيّة في ملتقى الشّعراء العرب، أقوم بالإشراف والتّنسيق مع باقي الأعضاء على الإخراج الفنّيّ للإصدارات ولوحات أغلفة الكتب الّتي تصدر عن الملتقى، كما أقوم برسم بعض منها. ونحرص مع الزّملاء على تقديم الأجمل والأفضل في كلّ إصدار .
لا شكّ في أنّ أيّ لقاء وتفاعل وحوار بين الفنّانين والشّعراء والأدباء يضفي غنًى ثقافيًّا كبيرًا للمتحاورين ويفتح أمامهم آفاقًا وأفكارًا جديدةً في مجالهم. وهذا ما يميّز ملتقى الشّعراء العرب وأعضاءَه.
أمّا بالنّسبة لعلاقتي بالشّاعر والأديب ناصر عبد الحميد، فقد بدأت مهنيّة أوّلًا، وصداقة ثانيًا، وأخوّة ثالثًا، خصوصًا بعدما تعرّفت إليه شخصيًّا في مصر. قدّمت له عدّة أغلفة لكتبه وعملنا سويًّا في “مجلّة أزهار الحرف” وتناقشنا في عدّة موضوعات تهمّ الشّأن الثّقافيّ والفنّيّ.
4) برأيك، ما الّذي يجمع بين الفنّ التّشكيليّ اللّبنانيّ والمصريّ؟ أو بصيغة أُخرى، ما الّذي يميّز الفنّ التّشكيليّ اللّبنانيّ عن الفنّ التّشكيليّ المصريّ؟
* لا شكّ في أنّ مختلف الفنون لها قاسم مشترك واحد، وأنّ الفنّ اللّبنانيّ والفنّ المصريّ يجمعهما الجمال والحضارة والتّاريخ العريق، علمًا أنّ لكلٍّ منهما خصوصيّة في تفاصيل الصّور والمشاهد والأسلوب في الطّرح ومعالجة المواضيع.
5) متى بدأتِ بتأسيس مركز “إضاءات” الخاصّ بكِ لتعليم الرّسم والفنون؟ وماهي خططك لتطويره والارتقاء به؟
* أسّست مركز “إضاءات” للفنون والثّقافة والتّعليم منذ عشر سنوات تقريبًا، وواجهت خلال تأسيسه عثرات عدّة أهمّها: الوضع الأمنيّ والاقتصاديّ في لبنان. ولكن وللّه الحمد استطعنا تجاوز كلّ العقبات، وأصبح لدينا مركز يضمّ شتّى الفنون ويستقبل مختلف الأعمار، وبات المركز مقصدًا لكلّ طالب علم وفنّ.
نحن نعمل دائما على تفعيل نشاطات المركز وتطويرها عبر إدخال برامج ووسائل خاصّة تسهّل على تلاميذنا عمليّة الدّراسة والتّعلّم. فنحن نحرص على تنمية مواهبهم ومهاراتهم الفكريّة واليدويّة عبر مختلف الأنشطة الّتي نقدمها من رسم على أنواعه و شطرنج ومهارات يدويّة كالخياطة والكروشيه وغيره…
6) هل يستطيع الفنّ التّغيير؟ وهل هناك ما يُسمّى التّربية بالفنّ والعلاج بالفنّ والتَّوعية بالفنّ؟
* الفنّ هو رسالة ذو ميزة مؤثّرة يعمل على تغيير كلّ ما حوله ويبثّ الطّاقة الإيجابيّة في أرجائه. هو العلاج لمختلف الحالات النّفسيّة منها والمرضيّة، وقد أصبح عالميًّا علاجًا مُتعارَفًا عليه لشتّى أنواع حالات الاكتئاب والزهايمر والتّوحّد وغيرها…
7) كإعلاميّة لبنانيّة، ما الّذي يميّز الإعلام اللّبنانيّ؟ ما ينقصه؟ وما الّذي طرأ عليه بعد ثورات الرّبيع العربيّ؟
* يمتاز الإعلام اللّبنانيّ بأنّه حرّ وغير خاضع للرّقابة ولسلطة الدّولة، ولذلك يستطيع الصّحفيّ في لبنان أن يبدي رأيه ويعبّر بكلّ شفافيّة عن مختلف الهواجس والموضوعات الّتي يريد معالجتها. ولكن وبعد الأزمات المتلاحقة من ثورات اقتصاديّة وشعبيّة وسياسيّة وبوجود ثورة التّكنولوجيا، يعاني الإعلام اللّبنانيّ كغيره من عدّة عقبات أدّت إلى إقفال العديد من المؤسّسات الصّحفيّة والتّلفزيونيّة.
8) الصّحافة هي السّلطة الرّابعة في المجتمع. من وجهة نظرك، ما هي المبادئ والأسس الّتي يجب أن يتحلّى بها الصّحفيّ ليكون تأثيره صادقًا وإيجابيًّا علينا؟
*من وجهة نظري، على الصّحفيّ والإعلاميّ أن يُحكّم عقله وضميره في الموضوعات الّتي يتكلّم عنها ويطرحها، وألّا يخضع لأيّ تأثيرات أو ضغوطات سياسيّة أو دينيّة أو عرقيّة.
9) كيف كانت عائلتك داعمة لكِ في مشوارك الفنّيّ والصّحفيّ؟
*لا شكّ في أنّ خلف كلّ إنسان ناجح مجموعة من المحبّين والدّاعمين والمؤثّرين الّذين يعملون على دعمه حتّى يصل إلى هدفه، والعائلة دائمًا هي الدّاعم الأكبر للفنّان لأنّها تفخر به وتسعى إلى أن يصل إلى أعلى المراتب. وعائلتي هي الدّاعم الأكبر لي وهذا فضل من اللّه.
10) برأيك، هل من الإيجابيّ أن يتزوّج الفنّان فنّانة مثله؟ أم هذا يعتبر عقبة في طريق كلّ منهما للوصول إلى أحلامه؟
*زواج الفنّانة بشاعر سيف ذو حدّين، له إيجابيّاته وسلبيّاته لأنّ كلًّا منهما يتمتّع بحسّ مرهف، له أجواؤه وطقوسه الخاصّة، كما له حرّيّته الشّخصيّة الّتي يعتبرها خطًّا أحمر. ولكن في الوقت نفسه تزاوُج الفنون فيما بينها يولّد تناغمًا مميّزًا ويكون مصدر دعم وإلهام لكلّ منهما.
غنى حليق
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي