كيف انت اليوم ؟
هل تشعر بالضجر مثلي …
لان السماء لم تغير لونها الأزرق ؟
و لأن العصافير تكرر ألحانها ؟
أم لأن النمل بذات الرتابة يبحث عن حبوب السكر و ذرات الطحين في مطابخنا البائسة ؟
أأصابك الضجر من أصوات البشر الباحثة عن الحياة ؟
و الأطفال يركضون فرحين لا يعلمون لمَ ؟
دعهم يكملون فرحهم الفقير فعندما يكبرون قليلاً سيصبح من ذكريات الزمن الجميل .
لماذا أنت ضَجِرْ ؟
هل تحسّرتَ أولاً ؟
نعم … إنها الحسرة تودي للضجر …و انتبه ..
انتبه جيدا فالضجر سيودي إلى البؤس …
الشمس لا تملّ و لا تضجر رغم أنها صفراء
لا تحلم و لاتبتئس و تبكي إذا لم يتحقق حلمها
تبتسم دائما .. و لا تفكّر بأن تغير مكانها ..
تحرقنا ببطء … و تهزأ بمحاولاتنا تفادي الاحتراق ..
لا تفكّر بنا و لا تشعر بالحزن لأجلنا …
تعرف أن لها مهمة الإحراق و كفى …
مطمئنة هادئة هانئة … تدرك أن لا أحد يفكر بزحزحتها أو حتى بتخفيف حدة إحراقها لما حولها…
في زمن قديم قديم جداً حاولوا الوصول إليها
فذابت اجتحتهم و ذابوا هم ومحاولاتهم البائسة . ؟
تنمو الأشجار ببطء ….لا تغار من النباتات الصغيرة ؟
لماذا تغار !!!؟ دعنا نفكّر كالأشجار …حقاً لماذا تغار !!!!؟
النباتات الصغيرة التي تركض في نموها تركض أيضا إلى حتفها …
لماذا ؟ لأنها تبذل كل ما لديها في سبيل نموها الهش السريع
و هكذا تموت بأسرع مما تتخيل و هي تحرق مراحل حياتها
و تبقى الأشجار ظليلةً مُظِلَّةً … تستمتع باخضرارها الذي قد يُضْجِرْ أحياناً …. فتحرقه الشمس .
راقب الأزهار تتمايل بنفس الغنج و الدلال و تراقص كل نسمة تمد يدها لها ؟
تحلم بحديقة أوسع و تربة أخصب و ماءٍ أعذب …
تسعى للونٍ أبهى و عطرٍ أحلى …
و في غمرة محاولاتها تلك يغرِقها الماء
تلفظ آخر عطورها في محاولتها للحياة …
و يذوي بهاء لونها فتسرقه الأسماك …. عفواً أخطأت …
تسرقه الديدان …
آهٍ يا صديقي دعنا ننسى ضجرنا الآن …
حدّثني عن عنصرٍ آخر من عناصر الحياة …
آمالك … أحلامك … حدّثني عنهما …
ماذا فعلت بآمالك ؟
هل زوّجتها لتنجب أطفالاً ؟ أم أن الحياة نصبت لها المشانق ؟
و أحلامك هل صنعتَ لها أجنحة لتبتعد من هنا ؟
احذَر … لا تكن أجنحة شمعية حتى لا تذوب أو تتجمّد إذا ما تمادت في الابتعاد .
* * *
كم نحن بؤساء … و كم يتآكلنا الضجر ….
نحن محروقون أو متجمدّدون …. إذا حاولنا الابتعاد
و إذا بقينا هنا في أحواضنا و تربتنا … فنحن مخنوقون
افعل كفعلي أنا …
انصب مشانق متشابهة لكل آمالك و أحلامك حتى لا يعتقد احدها انك تفضله هلى الآخر …
انصبها و اجعلها جميعاً تتدلّى متأرجحة حتى تسكن لوحدها معلنة أنها ما عادت على قيد الوجود
استمتع بلحظة وفاتها …
فقد أعتقتها من بؤسها حرّرتها من موتها الآني
الآن فقط لن تشعر بالحسرة … و لا الضجر و من ثم البؤس
لن تحترق أو تتجمّد … ستضحك فقط
الآن اصنع لنفسك كوب شاي بالقرفة … اشعل لفافة تبغك و اضحك … اضحك … اضحك فقد تحرّرتَ أنت أيضا من موتك الآني و أصبحت ميّتاً حيّ يضحك على الأحياء الأموات…
………………
٢٠ تمّوز ٢٠٢٣
خلود انيس
تغريد بو مرعي.. وفلسفات على حافة الروح/ بقلم الكاتب محمود قنديل
تغريد بو مرعي.. وفلسفات على حافة الروحبقلم/ محـمـود قـنديـلكاتب مصري في كتابها النثري "فلسفات على حافة الروح" تذهب بنا الأديبة...
اقرأ المزيد
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي