أوليس الغائب وبحر الظلمات
رحيل
رسا يومًا
بمركبه
على شواطئِها
لوّن مرافئَها
هدأتِ العواصفُ
توهّجتِ الأحلامُ
وفي غفلةٍ منها
عَلا موجُ الرّحيل
خطف معه
المركبَ
والبحّار
فلملم الحبُّ خيبتَهُ
… ورحل.
( ثريا فيّاض)
رحيل عنوان نكرة يقود القارئ إلی اللا عنوان.
إنه رحيلُ مجهولٍ، إلی بلاد السندباد.
إنه اللقاء / الوداع بينه وبينها.
من هو؟ ما صفاتها؟ لماذا”رسا”، ذات عمر، “علی شواطئها”، وكان رسوّ مركبه بداية الرحيل؟
تجمع قصيدة “رحيل” للشاعرة ثريا فيّاض، في بنيتها ثنائيّة الحضور الغياب. حضر البحّار الغائب، إلی شاطئ الحبيبة الغائبة، وكان رسوّه إبحاراً، نحو عالم مجهول.
والرحيل هو البداية والنهاية، في لقاء الحبيبين.
من هو البحّار؟ وما سرّ رحيله المفاجئ؟
أيكون رحيله موتاً، أم هو عبور، إلی الضفّة المقابلة؟
عادة، يكون الرحيل/الموت نتيجة إبحار في بحر هائج، متلاطم الأمواج، وسط العواصف والأنواء.
ولكن الرحيل في القصيدة إطاره هدوء العواصف، وسكون غريب. لعلّه سلام القلب والضمير.
وأتی المدّ بعد جزر السلام، حمل معه المركب والبحّار.
ويسأل القارئ: هل الرحيل/الموت نهاية الحياة؟
وهل يعترف الحبّ بهزيمته، بعد انفصال الحبيبين؟
أليس من صفات الحب الخلود؟
الحبّ باب مفتاحه الأمل والوصال. وحين يتم الفراق يعلن الحبّ عصيانه علی القدر. هذا في الواقع، أما في القصيدة/الحلم، فيستسلم الحبّ لخيبته ويرحل، إلی عالم ٱخر، بلا ندم.
حضور الحب ألوان مزخرفة وغيابه ظلمات.
وبين ألوان الحلم وظلمة الواقع استشراف لإبحار قسريّ جديد، إلی عالم الظلمات والظلال، بعيداً من أنوار القلب.
ثريا فيّاض، أيّتها الشاعرة الغارقة في تيه الأحلام، لِمَ هذا التشاؤم؟
أيّ قدر أطفأ في ذاتك العاشقة قنديل الحب والحياة؟
غفلتك احتضار الأنا المحاصرة بالموت والغياب.
خيبة حبّك بداية إبحار إلی تخوم اللانهاية.
وفي خبايا روحك استسلام لبحر أعمی البصر والبصيرة.
فمتی يتحوّل الشعر، في إحباط المشاعر، وتأججها، إلی ثورة؟ ومتی يرجع أوليس الغائب إلی بينلوبي الوطن، متجاوزاً بوسيدون البحر والحوريات؟
وهل يخرج طائر الفينيق، من رماده، من جديد؟
إنها مأساة البحر / الغربة التي وصفها الأديب اللبناني فؤاد سليمان، وحذرت منها الشاعرة ثريا فيّاض. فمتی تنتهي هذه المسرحيّة/المأساة، وتسدل الستائر؟
د. جوزاف ياغي الجميل
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي