ثلاثية الشعر والتربية والإعلام ….
” منيرة أحمد ” مثالا…
*كتب سعدالله بركات
كثيرا ما يسأل المبدعون ،عمّن تأثروا من أدباء وشعراء ، أو ماهي قراءاتهم الأولية قبل أن يباشروا نتاجهم النثري أو الشعري ، ولكن قلّما ما يلحظ محاور أو ناقد أثرساحة العمل أو وبيئته المعاشة بعشق ، وما تمدّ المبدع من طاقة ومسارب عطاء.
منذ نحو عام ، توقفت في دراسات ثلاث[ ضمن مخطوطي ” إبداع ومبدعون ” ]،عند ثنائيات ” الصحافة والإبداع ” و ” التربية والشعر ” و” الطب والأدب ” ، لكن عندما صادفني في محرك البحث ،، نفحات القلم ،، ولفحتني نسمات من قصائد مديرته،، منيرة حيدر،، ،لفتني أنها قادمة من عالم التربية ، عالم الطفولة، قبل أن تلج عالم الإعلام في عصره الرقمي ، فتغدو تجربتها تراكمية مثلّة الأبعاد تكوينا ونتاجا .
في عالم البراءة ، ومن منبع الأمل ، انطلقت ،،منيرة ،، اسما ومعنى ومبنى ، لترفرف بجناحي حمامة في سماء الإبداع :
((انثرني على بيادر الأيام
حبة … فكرة …
وردة تغسل بعبيرها
وسن الأيام
اجمعني في غلال
الواقفين على بوابات الحلم
وعدا
قف على قارعة الحلم
وانده بصوت الفرح
ها السنابل تنحني
عطاء
حبا
فالعمر طفل
والحب زاده )).
هي التي ترى :((العمل التربوي وخصيصا مع الأطفال ،عالما مليئا بالمتعة والفائدة ،فيه تكتشف المعنى الحقيقي للنقاء حيث تستمد كل يوم طاقة روحية خلاقة )).. كيف لا تستمد القوة الدافعة من(( عملي الميداني مع الأطفال ولمدة طويلة وبمعايشة يومية وبأدق تفاصيلها .. هذه التجربة أثرت ثقافتي العملية لجهة التعاطي مع الطفولة ورصد حاجاتها وطرق التعاطي معها من هنا كانت معظم محاضراتي وكتاباتي وحواراتي المتلفزة حول الطفولة وحمايتها في عصر العولمة..)) تراها مفعمة بالحب ،بالأمل:
((وكي لا يهرب الصباح بطلته الندية
وروحه المسكونة بالخير
مني
ليس قصدي سيد النور
حزنا
إنما القول بالقول فرض
هبني منك بعضا من مساحات الفرح
لتكون للناس
على مرمى الفؤاد
هديتي
علهم منها على مسارات النهار البكر
يطرقون أبوابا
تدخلهم
جنان الخير
ومرايا تعكس
النور المخبأ في القلوب
هدية تمحي ظلامات
وتصنع للقادم من أيامهم
هطل السلام
هم أخوتي
هم أسرتي
فيا صبح
أرجو منك ومني
هبهم
ما حملت
من بشائر)).
،،منيرة،، الشعر والتربية ، لم تتكفل على العمل الإعلامي :(( يستهويني الإعلام منذ طفولتي، وكان حلمي أن أعمل في الإعلام المسموع، لكن ظروفا خارجة عن إرادتي حالت دون تحقيق ذلك … هناك الكثيرون في الوسط الإعلامي السوري والعربي كنت اتابعهم صوتا وأداء برامجيا بشغف ))…………. شغف مارسته كتابة :(( الإعلام ،عالمي الذي يعطيني مع كل مادة انشرها موعدا جديدا وجميلا مع الحياة … كانت في البداية رغبة ، و لكنها تحولت إلى مجموعة من الدوافع بعد اكتشافي لمقدرات وهبني الله إياها في مجال العمل الإعلامي وتحديدا الإلكتروني لعدم تمكني من العمل في الإعلام المرئي أو المسموع .. لدي الثقافة – والحب لهذا العمل .. )).
ولعل هذا الشغف ما قادها إلى تسمية منصتها ب،، نفحات القلم ،، نفحات تراها (( من طيب ما ينتجه القلب وما تحيطه الروح … نفحات توحي بالجمال ورائحة الحبق وعطر الياسمين ….. والقلم ليس فقط حبرا، إنما يعني حروفا من معين الروح، وفيض الوجدان )). وها هي تبوح بما تضمر :
((لكم من القلب حبي… معتق في خزائن الفرح
قصصا على أصابعي
قصة الحروف التي قامت
حروف العشق
….
لم تدعني أكمل بقية الحكاية
متسارعة متلهفة
فردت أجنحتها الوردية
جمعت ..حروف الوصل
والضمائر
من بينها
شممت عطر
لا يليق إلاّ به
وله …..
ٱه ما أجملك! رأيت حبيبي ..)).
مانفع الشعر إذا لم ينشد لجمهور ؟ وما نفع المثقف إذا لم يحتك بناس ؟ شاعرتنا ال،، منيرة ،، ما انفكت تتواصل وجها لوجه مع ناس تراهم بوصلتها والهدف . تراها في عديد الملتقيات والمنتديات ، تعتلي المنابر ، تنشد الشعر شلالات عطر من محابر ، أو تنثر الوعي وهي تحاضر ، وبين هذا وذاك تطل على ناسها عبر شاشة أو سطور ، تتلمس عبرها الصدى كما الهموم ، فهي معلّمة منبر ، شاعرة منبر وإعلامية منبر
وعنها تقول الأديبة والمترجمة “لبانة الجندي”: «منيرة صاحبة حضور جميل، وصوت إعلامي رخيم لا يستأذن الدخول إلى مسامعنا،جريئة القلم وانتقائية، وهي من الأيادي البيضاء في حقل الثقافة محليا وعربيا ،خاصة النساء والشباب >>.
في مشاركتها بافتتاح نادي الكسوة الثقافي قالت :
((لملمي غُرةَ الدمعِ
ونامي
فلا ُصبحَ ينتظرُ
غطاء
ولا للمساءاتِ
اختماراتُ ضوء
أغلقي الجفنينِ
ُصبي من صبابتها
خدا من سلام
وأخرَ من وجع
………..
ناوري
ما بينَ احتراقٍ واحتراق
وارسمي الجداولَ في حقولٍ
…
وقولي أمامَ الجمعِ
هكذا الضحكُ يكون
فالمسافاتُ ما بينَ عينٍ وعين
فاصلُ ما بينَ ملح ٍوملح
والسبيلُ مسارٌ جميلُ الوفادة)).
بعض قصائد الشاعرة السورية منيرة أحمد ،نقل معانيها إلى الإنكليزية محمد عبد الكريم يوسف منها :((للموج — لذرات الشوق —
لقمر ما أضاء
إلا بحروفك
لروح –أسرجت عناقها
للحياة
ما بين نور وجهك
و ضوء الحياة
لابتهال الكلمات
ما بين حروفك والنبض
للدمع يسكب على محياك
عطره
لعينيك
إن صمت الكلام
رسائل البوح كانت أجمل…)).
بوح ولا أجمل ..لاتكلّف ، ولا تصنّع ، تتركه ينساب دون أن تلزم شاعرتنا نفسه بقوانين الفراهيدي ، وإن كانت تحبّذها وتعشق الشعر العمودي ، فالقافية قد تتسلل عفوا لإيقاع أو معنى :
(( لا بأس
أقرع قليلّا على شباكِ الروح
فها الوقتُ يرسمُ على الذاكرةِ
بعضا من حكاياه
ها الزمنُ يقفُ خجلا
أمامَ احتراقِ الوردِ
على أبوابِ صحبةٍ ناكرة
هي جدائلُ تلفها شرائطُ
مزقتها أظافُر الخراب
وعلى خصلاتِ الغياب
المزّنر بالسوادِ تركتها
تهمةُ انفصامِ الفرح
لا بأس ….
بل بئسَ وقتٍ ضاعَ فيه
طعمُ التينِ على فمِ النحلِ
حينَ غادره الرحيق
بئسَ ذاكرةٍ هَرمت قبلَ اكتمالِ
الزهرِ على فمِ الورق
……………..
أعد بسملةَ البوحِ سيرتها الأولى
فالمزنُ يهمسُ في أذنِ الفرح))
** الأديبة والإعلامية منيرة أحمد
مديرة موقع نفحات القلم، رئيس لجنة الاعلام والعلاقات العامة في الأمانة العامة لمدرسة النهضة الأدبية الحديثة، عضو مشارك باتحاد الصحفيين السوريين.
عضو [جمعية بانياس الثقافية ، جمعية انسانيون، المؤسسة السورية الحضارية،جمعية بالميرا للعناية بالمرأة والطفل ،مديرة الاعلام في ملتقى عشتار الأدبي وملتقى أصدقاء الشعر والموسيقا.
محاضرة وكاتبة في المجالات التربوية – الثقافية – الإعلامية ، لها مشاركات في في برنامج نوافذ ثقافية، وبرنامج دوت نت انترنيت على الفضائية السورية.
كرّمت من : جمعية العاديات في السلمية -جمعية بانياس الثقافية– ملتقى القرداحة – ملتقى جبلة الادبي –مهرجان ومعرض الكتاب الدولي في القاهرة – مؤسسة السلام العالمية –
*بعض أراء الشاعرة مقتبسة من حوارات موقعي (مدونة وطن السوري …و سحر الحياة المصري ) وبعضها عبر استيضاحاتي منها .
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي