شكرا من القلب الناقد السوري سعد الله بركات
- * ( كتب سعدالله بركات – في ،، نفحات القلم ،، دمشق)
ناصر رمضان عبد الحميد .. أديب قيم ..وشاعر رؤى
*بقلم سعد الله بركات .
كلّما زرت القاهرة ،منذ زيارتي الأولى، مطالع 1990،على أوّل طائرة سورية تحطّ في مينائها الجوي بعد انقطاع لعقد ونيّف، كنت استحضر، أهازيج اليفاع “الوحدة ما يغلبها غلاّب”، بما يغبطني من شعور أنّي في” الإقليم الثاني” .
وما مرّت ذكرى الوحدة ، إلاّ واستحضرت معها وجع الانفصال وجريمته الموصوفة باغتيالها ذلك الوليد ، الذي لو قيّض له الحياة ، لكانت حال العرب على غير ما هي اليوم ، وبكل تأكيد .
حين تكرّم الأديب ناصر رمضان ، بمبادرته المشكورة، ومن دون سابق معرفة ، بدعوتي للكتابة في مجلّة “أزهار الحرف ” الإلكترونية التي يرأس تحريرها في مصر، عاودني ذاك الشعور الخاص ، وانتابني فرح غامر بأني أطلّ على” الإقليم الجنوبي ” ،، أمّ الدنيا ،، الواسعة بمداها وناسها والقراء.
” ناصر” المبدعين ونصيرهم ، سرعان ماجسّد تحفيزه المتواصل ، في مسلك غيّري ، بما يشي أنّه ينطلق من رؤاه الموائمة مع كونه شاعرا وأديبا يأخذ بيد مواهب وزملاء القلم ، وكرئيس تحريرأنشأ المجلة فجعل صفحاتها شتلات ورد لغير بستانيّ أدب ،فراح يتضوّع من زهر حروفها ، عبق روائع الشعر والنثر ، مثلما أضاء “شعلة الإبداع ” في ملتقى ” الشعراء العرب ” الذي أسسه ويديره بمعاونة غادة الحسيني وفريق عمل ، يحاور بمهارة الواثق وهو ينقب عن كنوز الفكر والأدب في غير ساح ،و لغير مبدع ومشرب .
وفي رصيده أكثر من 55 إصدارا ما بين الشعر والنثر والنقد، كما صدرت له المجموعة الكاملة (شعر) في 5 أجزاء وتضم 17 ديوانا ، وهو عضو فاعل ونشط في عديد الملتقيات الأدبية على الساحتين العربية والعالمية . ومن بعض رؤاه الخاصة : “أن الشعر يقوم على العفوية بدون تكلّف، وأن يكون مشبع بالإحساس وغلبة المعاني”.
(( الشعر
هو الصمت
الناطق
الهارب من الحقيقة إلى
المجاز
هو الفارس بلا سيف
هو الحب الذي لا يعرف
الزيف
هو الحنين في ضلوعنا
….
هو الأمل في وحشة الزمن
الكئيب )).
وماذا غير الشعر زاد الأديب في هذا الزمن الصعب :
((سأكون نفسي
نائيا بالروح
عن غبش المشاكل
والروح عصفور
أغانيه مشاعل
احتاج ان ابقى وحيدا
املأ الدنيا عنادل
وأعود نورا
ساطعا في الليل
ترمقه المنازل
والشعر زادي
حين تسلمني
المليحة للقوافل )).
يطيب ل،،ناصر رمضان ،، أن يعرّف عن نفسه بأنه ” شاعر وكفى إنسان حالم محب للناس “
والشعر عنده لحن وطقوس وزمان وسكينة :
((أحب الليل
إذ يأتي
وتأتي فيه
أشجاني
فلا خل
يعاتبني
ولا حزن
بوجداني
ويكفي أنني
فيه أبث
الشعر ألحاني))
………
((احتاج حضنك كي
أعود صغيرا
فأنا بقربك
أعشق التغييرا
وهواك قبلة
عاشق
فهم المراد
وعانق التحريرا
……
والشعر يشهد أنه
قد صار قلبي
في هواك أسيرا
في القاهرة كانت بداياته الحقيقة حيث تسنى له “الاستماع لكبار الشعراء أطوف معهم الأمسيات والندوات، وأترجم ما بداخلي شعرا.إنه مشوار جميل ، وهبني لحن الخلود، شدوتُ فيه مع الطيور، ورأيت آفاق الجمال، على جناح طائر، حلّقت في سماء الفرقد، وركبت المجد الممتع، كان كالحلم، ما زلت أملأ كفيّ منه، وأغذّي روحي من خياله، صحوت منه وأنا في حضن السكون، أردّد مع الأطيار في أفنانها، لحن الصفاء فينتشي وجداني)) هاهو يقول :.
((أدلل الحب
من ثغر
الصباحات
وقبلة الشوق
تحوي جل
آهاتي
في كل صبح
رفيف البوح
يوقظني
وبيت شعري
…….
مليءٍ
بانتصاراتي
….
وحدي اغرد في
الأسحار أغنيتي
والليل يرهق
تاريخ الحكايات))
والشعر عنده :(( لغة بالأساس، ثم يأتي دور الإحساس والتجربة الحياتية، فيملأن النص جمالا ومصداقية، ليس العيب في تعلم اللغات وإنما في إهمال لغتنا الأم )) إذن ثمة اللغة فالعاطفة فالحلم ، أركان القصيد :
((لي أن أحبك
وردة ومدينة
وقصيدة عصماء
يسكنها الأمل
……..
لي أن أحبك
قبلة فيها صلاة
الخاشعين
دموعهم بين
المقل
لي أن أحبك
حينما يحلو
اللقاء على
هنيهات
القبل ))
على أن العاطفة مركبة من وجد شخصي وشجن وطني ، كيف لا وهو” ناصري” الهوى عروبي الهوية :
(( كل المعاني
في هواك عناق
وأنا على بعد
اللقا أشتاق
يا نهر دجلة
والقلوب نقية
تهوى وتنسى
والعراق عراق ))…
ولعل ما يلفت القارئ العزيز ،تمكّن شاعرنا من لغته وأفكاره ،يصوغها بعيد عن عروض الفراهيدي غالبا لكن بجرس مموسق تأتيه القافية عفوا فلا يتكلّف جهد البحث عنها ولا عن موضوعاته فهي معاشة وراهنية :
((والغرب من يرعى
الدواعش كالفهود
…….
لبنان عانى منهم
والشام ما زالت
تناضل وحدها
الحرب الكؤود
صنعاء تبكي من معاناة
اليتامى والجدود))
وفي نتاج شاعرنا من القصيدة العمودية مايشي بتجربة ثرّة هاهو ينشد الهدف :
((حدّد لنفسك في حياتك مقصدا. واهدف إليه من طريق واحد
من أخطأت قدماه مبتدأ الخطى ضلّ الطريق إلى بلوغ المقصدِ))
** مضى على آخر زيارة للمحروسة 23 عاما ، فزيارتي الأخيرة ، كانت في مهمة إعلامية لمواكبة أعمال ” قمة الأقصى العربية الطارئة ” أوكتوبر 2000 ، وما بين ” قمة الأقصى “.. و”طوفان الأقصى ” سنون ومتون ، بل شؤون وشجون ، و يراع المبدعين أقدر على التعبير عنها شعرا أو نثرا ، بما يجدي كونه أثرى .
*أراء الشاعر مقتبسة من حواره مع مجلة معارج الفكر اللبنانية .
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي