يقين حمد جنود شاعرة وكاتبة
عضو مؤسس بملتقى الشعراء العرب
صوت أدبي مميز ونغم فريد
رغم الظروف التي مرت بها والغربة إلا أنها تبدع وتشارك وتحلق عاليا في ابداعها
من هنا كان لمجلة أزهار الحرف هذا الحوار معها
حاورتها من لبنان /جميلة بندر
1.ما هي أهم القيم والمبادئ التي تؤمنين بها كشاعرة ومدرسة ومحاسبة؟ كيف يمكن للشعر أن يكون وسيلة للتواصل الثقافي بين مختلف المجتمعات؟
مازلت أؤمن بالانسان وبعودته إلى انسانيته، إن القيم والمبادئ مثل معاني الجاحظ مطروحة في الطرق غير أن العمل بها والامتثال الى جواهرها يكاد يكون معدوما، ولو عرفنا حال الأمم وغالبية الدول حول العالم والتي تصرف ما يقارب 70% من ميزانيتها للدفاع، فأين الانسانية؟
هذا بعيدا عن من في السجون، وعن قراصنة الانترنت التي ولّدت الأمن السيبراني وغيرها … وهذا إن دل على شيء أن الحضارة مازالت عسكرية وهمجية بامتياز وأن الانسانية تتشيّأ كما الأشياء لا بل أرخص منها
من هنا غربة الشاعر نحو شعره صرخة نحو جوفه وجوف الأرض لعودة النبض للإنسان، وهو لسان حال الأمم والشعر أرقى وسائل التواصل بين النفس أولا ثم بين الناس والمجتماعات
2.كيف يمكن أن يلهمك مكان إقامتك الحالي في سلطنة عمان في إبداعك الشعري؟
عمان بلد نظيف مثل شعبه طيب ومحب وأصيل، الشعب العماني قديم وحديث في آن البلد العربي شبه الوحيد الذي يشعرك بأن العرب مازالوا عربا، غير منغلقة عن الأمم بالاضافة إلى أنها حاضنة للتطورات بحذر ودون فقدان هويتها، عمان تنمو ببطئ مزرعة صابرة على جني الثمر، لا تخرق مراحل كما أنها لا تقفز في الهواء مثل الدول التي بنت أبراج ثم اكتشفت أنها بحاجة للحياة الطبيعية أكثر من الاسفلت والاسمنت بعد أن ضيعت وقتها وجهدها ومادياتها على بناء الحجر لا البشر،وهذا ما أعطى عمان الأمن والأمان والسكينة، كما أن عمان منفتحة على المجتمعات تقبل الآخر ترحب به تحاول تضميد جرح غربته، وهذا بدوره يساعدني الى حد ما على متابعة كتاباتي
3.ما هي تجاربك وتحدياتك في مجال التدريس بين سوريا ولبنان ودبي ومسقط؟وهل تشعرين بأن تجربتك في دبي قد أثرت على تطور أسلوبك الشعري أو توجهاتك الأدبية؟
أعمق ما واجهته في حياتي وتعلمته من خلال ما عَلّمتُه، تجربتي مع الطلاب كانت دروسا لاتنسى وليس تجربة فقط
كنت ومازلت حين أقف أمام التلاميذ وأنظر في عيونهم البراقة أقاوم الدمعة، أحيانا كان صوت درويشنا العملاق يضرب في رأسي: من أنا لأقول لكم ما أقول.. لألزمكم بصف وكرسي كسيح ومنهاج مأطر.. أشعر بأن الحياة فيها ما يكفي لنطور التربية والتعليم الذي أصبح بمعظمه مؤسسات ربحية والطالب عملة نقدية فقط، نعلم الطالب الذكي وطالب التوحد والطالب الذي يعاني من فرط الحركة وطالب صعوبات التعلم وطالب الحرب في ذات الصف وعلى مقعد واحد، الفيل والرزافة والسلحفات ولأرنب … في ذات التحدي.. مع سطحية التشبيه ..
هنا بناء الشخصية للطفل وللطالب تدمير حقيقي لا بل أكثر من هذا فالمدرس يعطي شهادة الطالب المثالي للطالب الهادي والخجول الذي نادرا ما تسمعه يتكلم أو يشارك غير أن علاماته شبه تامة، في حين الطالب الذي يعاني من نقص في تقدير الذات تراه يسأل كثيرا يعارض يتحدى يقول لا ليؤكد ذاته وبدلا من مساعدته على أخذ الثقة وتغير طريقة تفكيره يتعرض للتنمر بدء من المدرس ثم التلاميذ تشبها بالمدرس فينكر هذ الطالب ويبقى خارج الحاضنة التي هي أهم من العلم له في هذه المرحلة لأن الحياة تعطي الدروس أكثر من المدارس والتلقين أقرب ما يكون لطريقة التعليم اليوم، والطالب قد يتعلم في مراحل لاحقة ولكن لا يبني شخصيته في مراحل لاحقة خاصة و معظم المدارس الخاصة تهتم بالترفيه بالماديات باللغات الأجنبية وكأنها وسيلة الحضارة أو التعليم عن طريق اللعب … وغيره
الهدف الاساسي بناء الانسان فينا تهذيب الروح والطبع لا صبغ لسان الضبع، تعليم التلاميذ أن تربية النفوس أكثر أهمية من إحراز الكؤوس وتعليم المحبة وتعليم تقبل الآخر للتعامل مع الحياة ومصاعبها بجدية لأن الحياة ليست قطعة حلوى تضعها والدتك كل صباح في حقيبتك
هذا غير التنمر الأكاديمي التي يتعرض له العديد من الطلاب بسبب دكتور أو معلم متمكن من مادته غير أنه يتقن فن السخرية دون لفظ، بمعنى يحطم الطالب الذي لاحول له ولاقوة دون دليل بابتسامة صفراء بتجاهل نقاش ما طرحه طالب معلم بالتعملق في اعطاء الدرس بطريقة معقدة حتى يشعر الطلاب بالعجز.. وحين نكبر ونعود للذكريات وحدنا نعرف كم أكل من شخصياتنا بعض معلمينا دون رقيب أو حسيب وهذا أمر بغاية الأسف..
فالطالب المثالي لا يعارض لا يناقش وكأنه آلة تسجيل والطالب المزعج يسأل يناقش يعارض يرفض .. والناس لا تحب من يحاول تأكيد ذاته ولا تتقبله لا بل تصفه بالمؤدب وعديم التربية ونصبح نصغر حدوده حتى نستطيع السيطرة عليه لأن قوي الشخصية صعب التربية وبالتالي قوي الذات وضعيف الشخصية سهل التربية وبالتالي ضعيف الذات …
والحديث يطول في هذا الأمر وقد أفرغ له مقالا مستقلا علَ وعسى يُقرأ
4.كيف يمكن أن تصفي تأثير شهادة المونتيسوري على أسلوب تدريسك؟
لن أنقص من مقدرتها وتجربتها المريرة حتى وصلت لما وصلت إليه لكنني أشبهها بقلب أم آمنت بأطفالها فأعطت بكل محبة علمت بمحبة عاقبت بمحبة آمنت بعاقبة المحبة.. لذا لاقت النتيجة التي ترضى بها كل أم عن ما قدمته وما حلمت به لأطفالها، وأكرر أن التطبيق يجب ألا يكون حرفي ومحدد بنظرية بسبب اختلاف المجتمعات والثقافات ولأن الطفل يبدع ويخترع أساليبه التي فطره الله عز وجل عليها وخلقت به حتى يقرأ هذا الكون على طريقته ويتفكّر به، نحن نوجه نساعد نصوب فقط. نحن لا نبني نساعدهم في البناء غير أننا نستطيع أن نهدم بكل سهولة
5.هل تستفيدين من شبكات التواصل الاجتماعي في نشر قصائدك والتواصل مع القراء؟
بالتأكيد إن صلة التواصل الوحيدة اليوم أصبحت عبر شاشات صغيرة تحملنا ونحملها، وبالنسبة لي هي من أنصفت الانسان فينا وليس تبعيته لأرض أو دين أو فكر فقد كان الاعلام يركز على اللون الذي يناسبه ويطمس معارضه، اليوم كل شيء على الطاولة أمامك في متناول يدك وعليك أن تختار ما يناسب توجهك، مع الانتباه للجانب السلبي منها صحيح أنها قلصت العالم لقرية صغيرة بتنا نعرف عن طائر في أقصى الصين تعرض لرصاصة طائشة أكثر ما نعرف عما يدور في رأس أطفالنا وهي تطحن وقتك وتقدم غالبا مواد سطحية لا تنفع هذه الشبكة العنكبوتية علينا أن نصطاد بها لا أن تصطادنا
7.كيف تختارين مواضيع قصائدك وما يلهمك لاختيار هذه المواضيع،ما هي طموحاتك المستقبلية في
مجال الشعر والتدريس والنشر الأدبي؟
في الحقيقة هي من تختارني لا أنا، فالظروف تشع فيك تنزف بحروفك ، مثل قضية فلسطين هذا الألم المزمن ليس وليد اللحظة غير انه يشتد فينا أحيانا لدرجة البكاء ، فتسيل بدلا عنا دموع أقلامنا، أكتب حين لا يصل سيفي لعنق ظالم أكتب حين تسد الآذان عن صوتي، أكتب حين تشيح العيون عن حقي، أكتب حين أتعرض للظلم أو يتعرض أي انسان أو حيوان للظلم أمامي ولا أجد لمساعدته سبيلا،
طموحاتي إكمال روايتي ونشرها إذا أمهلني الله بقاء
8.ما هي تجربتك كمحررة في مجلة “أزهار الحرف”؟وكيف تشعرين بالمشاركة في ملتقى الشعراء العرب ودورك كعضو فيه؟
مجلة أزهار الحرف المنبر الواعد والحافظ الأجمل للإبداع، ولا أقول هذا من جانب العاطفة أولتواجدي فيها، إن نشر الأعمال بشكل مكثف للكثير من الشعراء أو الأدباء أو الفنانين .. جعلها سجل أدبي موثق لحقبة زمنية معينة تشير الى الفن وجميع اتجاهاته في الوطن العربي من العادية إلى المبدعة من الهاوي إلى المتمرس وبالتالي سجل حضاري جمع تناثر الابداع من صفحات قد تطوى في مكان واحد يقصده كل قاصد،
وهي اليد التي تأخذ بيد المبدع ليسمع صوته وبيد الهاوي والمبتدئ لتشجعه على الابداع وقراءة الاعمال العظيمة حتى ينافس غيره مستقبلا من هنا يقرأ المجلة كافة الأعمار وهي ليست حكرا على النخبة وإنما لجميع الأعمار حتى تبقى عربيتنا محط اعتزاز أمام الجيل الناشىء
9.هل تجدين أن الشعر العامودي يوفر لك حرية أكبر في التعبير عن العواطف والرؤى الشخصية، وما هي المصادر التي تلهمك في كتابة الشعر العامودي، وهل لديك شعراء مفضلين في هذا النمط؟؟
أكتب الشعر العامودي والتفعيلة والشعبي حسب حالة ما لا أستطيع تفسيرها تختارني لا أختارها .. العديد من الشعراء على مساحة الوطن العربي منذ العصر الجاهلي وصولا ليومنا هذا
10.على الرغم من إنجازاتك المميزة، لماذا لم يطبع لك ديوان إلى الآن؟
كنت أحلم بطباعة رواية قبل الديوان والتردد مازال يعتريني ، فأكمل بها أيامنا لأتوقف أسابيع … وهكذا منذ عشر سنوات
أما الشعر أسهل للنشر والكتابة ووقتي وظروفي حالت دون طباعته وسؤالا دائما يجلد بي: هل فعلا ما أكتبه يستحق النشر؟
فأنا أنشر على مواقع التواصل الاجتماعي لأعبر عن موقفي تجاه أمر ما، وهذا حق طبيعي لكل فرد لا لأتسول الاعجاب كما يظن البعض، خاصة وأن إعجاب مثقف أو مثقفة أو أديب أو أديبة متمكنة تعادل عندي ألف إعجاب فالأمر نوعي لا كمي خاصة فيما يخص الأدب والأعمال الأدبية… ، ولا أهزأ بفتاة تعرض صورها ليلا نهارا فهي تؤكد ذاتها بطريقتها، وقد تتكلم أخرى مع الآخرين من خلال صورة طبق حلوى أعدته، مواقع التواصل أحيانا لا تبتعد عن جلسة عائلية نتسامر فيها ونضحك ونثرثر، وأحيانا أخرى جلسات ثقافية أو فكرية ونادرا فتحوحات عظيمة .. فأي محتوى تضع له إعجاب حسب حالته .. دعم تشجيع محبة مساندة .. من هنا أشكك أحيانا بشعري هل يستحق أن يطبع كمستند للأجيال تقتنيه؟
11.علاقتك بالشاعر ناصر رمضان عبد الحميد كصديق ماذا افادك على الجانب الأدبي؟
عرفته أخا قبل أن يصبح صديق ومدير مجلة، فالشاعر والكاتب ناصر رمضان عبد الحميد مرن بشكل لايوصف يستوعب الجميع يحل أي خلاف للرأي على حسابه الشخصي محب للخير للجميع يجاهد لنبقى داخل المجلة أسرة واحدة بذات الطريقة التي يكدح بها لينشر ويلاحق كل عمل أدبي ليطور في العمل وفي المستوى الأدبي له، أخي وأستاذي وصديقي ناصر قلبا مشرعا لكل صوت ويد ممدودة لكل يد ، شعلة تهدي ما استطاعت للفكر والأدب، أشكره فهو من حرضني على النشر خارج صفحتي فتوثيق ما أنشره عبر صفحة خاصة يختلف عن توثيقه بمجلة أو موقع أدبي وهذا كان له صدى ايجابي على كتابتي، أتمنى له كل جميل وأتمنى أن أعرفه بشكل شخصي ليس من خلال الهاتف والموقع فقط
12.هل للغربة دور في شعرك وماذا يمثل ألم الوطن وانت خارجه وماذا عن عمان التي تجدين فيها راحتك؟
لاغربة إلا في الروح، الغربة أن تكون بين أهلك وتفكر قبل أن تطلب منهم شيئا، الغربة أن تشعر بأنك بلا كرامة على أي أرض كنت، الغربة أن تذوق معنى الذل لا الفقر، الغربة أن تبكي دون أن توخز دمعتك أي قلب، فتعرف أنك بين دمى من البلاستيك لذا قلبها لا ينبض، الغربة أن تتألم وحدك وتموت وحدك وتجوع وحدك وتغنى وحدك فتستكثر في الآخر نعمة الله عليك، من هنا قد أسمي شارع نظيف أبي شجرة طيبة أمي بيت هادئ أخوتي قد أجد عاىلتي في كتاب على رصيف ويحدث أيضا أن تجد وطنك في قلب أحدهم. الغربة تستهدفك تلاحقك مثل عناصر الأمن، لذا تعلمت أن أتقن فن التخفي في قصيدة
13_شاركت مؤخرا في موسوعة قصائد في رحاب القدس، ماذا عن دورك في إخراج الموسوعة للنور؟
كان عملا موجعا غير متعب، فالتعب تمحيه بضعة ساعات من النوم وبضع حبات مسكن للآلام، غير أن هذه الموسوعة كانت بالنسبة لي غرفة عمليات عربية أشد فيها على أسناني وأخيط الحرف والجرح معا، في رحاب القدس نزف قديم جمع في وحدة دم من جميع الفصائل الدموية، في رحاب القدس وصية كل شخص لم يسعفه الوقت بل الصاروخ على قولها، في رحاب القدس امتزجت دموعنا وأمنياتنا ورحنا نجمل الموت ببعض مساحيق الحبر
عسى أن تجمعنا رحاب القدس في نصر مبين وفي شعر غرضه الوحيد الفخر والمجد
14_هل مارست النقد وهل الدراسة الأكاديمية تصقل النقد أم الموهبة، أم كلاهما معا؟
القليل جدا
نعم الدراسة الأكاديمية تدل على الطريق غير أن المسير والحركة والوصول مرتبط بك هناك العديد من المدارس النقدية والأساليب غير أني ما زلت في عمر الطفولة منها ولا أدعي التمرس بالنقد ومازلت أحاول المضي قدما
- * *
حاورتها من لبنان/ جميلة محمد بندر
_عضو ملتقى الشعراء العرب
_محررة بمجلة أزهار الحرف
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي