من العراق بلد الفن والجمال والشعر والروح المفعمة بالأمل
وسط الاهوال والحروب يطل علينا الإبداع والتميز ويفتح لنا آفاقا رحبة لحب الحياة والأمل والتفاؤل
والفن العراقي ضارب في عمق التاريخ وعريق عراقة العراق وأهله
من هنا كان لمجلة أزهار الحرف أن تحاور الدكتور عدنان عباس أحد المبدعين العراقيين والأكاديمي الفذ في عالم الفن التشكيلي
حوار مع الدكتور عدنان عباس من العراق لمجلة ازهار الحرف حاورته من لبنان/
نجوى الغزال
١_لماذا اخترت الفن التشكيلي دون سواه من الفنون الاخرى؟
ج س ١:- تلعب الاحداث أحياناً دور ها الأكبر في اختيار الطموح أو المشروع الموجه .كنت في الثانية عشر من عمري ارغب في أن أكون مهندساً معمارياً أو مدنياً ،وكنت ارسم المباني على الورق البياني (المخطط) والذي كنا نستخدمه لتعلم الخط الكوفي.لكن قسوة الحصار الاقتصادي وانعكاساته الخطيرة في تلك الفترة كان لها الدور الأكبر في تغيير طموحي باتجاه الرسم وبعد تخرجي من الدراسة الثانوية دخلت معهد الفنون الجميلة في بغداد عندها انصرفت كل المفاهيم في شبابي باتجاه الفن التشكيلي .
٢هل الفنان ينقل ما تراه عينه أم ما يحب ان تراه عيونه الفنية؟ ج س٢: لا أرسم ما أرى أرسم ما أعرف …هكذا قالها بابلو بيكاسو والفن في نظري لا يكتمل إلا عندما يكون مشروعاً معرفياً والتشكيل بحد ذاته كمنظومة بصرية يدخل ضمن مقتضيات المعرفة والتلقي وهو في النهاية يشكل الاغتراب والوجود الخاص به عن أي من منظومات الفكر والعلم في عالمنا المعاصر .
٣_هل الفنان يرسم بروحه فقط ؟
ج س ٣/ أن روحية الفنان ليس وحدها اللاعب الأكبر فهي لم تكتمل ما لم تحمل الغطاء التقني والأكاديمي ،عندها يمكن أن تسوق نتاجها الجمالي الروحي والتقني معاً.
٤_كيف يوظف الدكتور عدنان عباس الفن في خدمة القضايا الإنسانية والوطنية؟
ج س ٤/ اغلب أعمالي لا تنأى عن الأحداث والبيئات التي مر بها بلدي العراق .فالبعض من اصدقائي التشكيليين قد صنفوا أعمالي بأنها إعلاماً بصرياً ،وقد تركزت أعمالي في بحث قضايا المجتمع العراقي منذ ضروف الحصار وحتى التغيير بعد عام ٢٠٠٣م . مروراً بالاحداث والعنف الذي عصف بالبلاد ،وحتى السلام كنت اجسده خائفاً من عتمة ما رئيته عقب تلك السنين .
٥_هل يستطيع الرسام أن يفرّغ كل أفكاره من خلال أعماله أم هناك أشياء لا يستطيع أن يجسدها بالرسم ؟
ج س٥/ بالضبط…هذا ما يقف عليه فن التشكيل فقد تنوعت الأساليب والاتجاهات في حركة الفن المعاصر بأنها غير مكتفية بفضاء فن الرسم فقط .بل جاء التشكيل متداخلاً من حيث التجنيس البصري فأصبحت الفنون الكبرى كالرسم والنحت والخزف تدخل بعضها في مجالات التوظيف ،كما تغيرت التراكيب البصرية لتأخذ تنوع الخامات والوسائط في مختلف مجالات العرض فجاء فن الجسد وفن التجميع وفن البوب وفن الجرافيك الرقمي وصولا إلى حركة الفن الرقمي والذكاء الاصطناعي السائدة الان عالمياً.
٦_ما الذي يميز الفن التشكيلي لبلاد ما بين النهرين عن سواهم وهل الموروث الثقافي له تأثير قوي؟
ج س ٦/ لم يكن هناك تمييز بقدر ما هي الفرادة في تاريخ فن كل من الشعوب وهويتها في التعبير عن الأحداث وتوثيق سجلاتها التاريخية من خلال الفن .الفن في العراق له بصمته التاريخية عبر السنين فالحضارة العراقية اكتشفت الفنون الجدارية بكل مقتضايتها التقنية والكيميائية والجمالية فعند النظر لجدار بوابة عشتار تجد هوية فن البلاط المزجج واكتشافه الرصين في الحضارة البابلية ،وكذلك الفسيفساء في عهد بلورات الوركاء في حضارة سومر فالعراق اكتشف من الطين الٓاجر وتعامل من خلاله في بناء المباني لمدن كبيرة بل ذهب ابعد من ذلك عندما ابتكر تقنية صب البرونز لتمثال سرجون في العصر الاكدي ذلك الاكتشاف الكبير الذي لازال مستمراً في فنون النحت العالمية .
٧_الى اي حد المشاركة في المعارض الفنية تغني مخزون الفنان وتفتح له آفاق جديدة في الفن؟
ج س ٧/ الفنان هنا يقع بين منعطفين الاول مجاله التقني الخاص في عمله الفني ،والثاني مجال عرضه في المعارض الفنية ،فمجالات العرض الان هي ما يقوم عليه تسويق الفنان لنتاجه سواء كان ذلك في اقتناء عمله أو عرضه من أجل مواكبته لمشروع التشكيل الجمالي ،وتبقى حالة تصدير النتاج الثقافي شائكة في عصرنا الراهن بسبب قوة ضغط العولمة على مجالات الآداب والفنون وهيمنتها على تغريب الخطاب الثقافي.
٨_ما هي الرسالة التي يود الدكتور عدنان عباس إيصالها لمحبي الفن التشكيلي في العالمين العربي والغربي؟
ج س ٨/ لا توجد في زمننا المعاصر رسالة يوجهها الفنان ،لاننا تخطينا خطاب الايديولوجيات ولكن يبقى الفنان معبراً عن سائر الأحداث والبيئات التي ينتج من خلالها خطابه الجمالي والمؤثر في الذات والمهيمن فيه المفاهيم سواء كان فنه محلياً ام عربياً أو عالمياً.
٩_هل الخلفية العلمية للفنان تلعب دورا في عمله الفني أم الموهبة هي اللاعب الأبرز؟
ج س ٩/ الفن التشكيلي أنا شخصيا اعتبره نتاجاً علمياً ..فالرسم والتعرف على الألوان ونسبها وكذلك التزجيج في فن السيراميك والصب في مجال فن النحت ومختلف التراكيب المعمارية التي تجاور الفن هي خامات منشؤها العلم وليست الموهبة فقط .ففي مجال الفن التشكيلي يحتاج الفنان لمعرفة الكثير من التقنيات وصقلها لدعم نتاجه الفني ،فيما بعد ذلك ستكون الموهبة لاعباً ابداعيا صرفاً بسبب قوة المهارة والتجربة التي صقلت عبر حقل التجارب الفنية .
١٠_ما هو رأيك في إنتشار المنتديات الثقافية بشكل كبير على ساحة الوطن العربي وخاصة ملتقى الشعراء العرب الذي يرأسه الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد ؟
ج س ١٠/اتمنى أن اكون قد اغنيت إفاضاتكم الجميلة ،وشكراً لمنتداكم الجميل وكل هذا الانتشار عربياً هو لجعل منظومات الفكر والجمال متلاقحة عربياً وتعزيز دورنا الثقافي في مجالات الفكر والجمال تواصلية ومباشرة في حل مقتضيات عصرنا الراهن ..شكري وتقديري للاستاذ ناصر رمضان عبد الحميد على اتاحته هذه الفرصة .تحياتي الكبيرة ..
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي