ملحمة جلجامش
بقلم الشاعرة والأديبة اللبنانية تـغـريـد بـو مـرعـي
ملحمة “جلجامش” : ما بين الحقائق التاريخية والخرافة والأسطورة ، والصراع من أجل البقاء !
ما بين الأسطورة و الخرافة فوارق هامة ، فالأسطورة تلتزم بمكان وزمان وبقوانين المرحلة الزمنية التي تتحدث عنها، لذلك تعدّ الأسطورة وثيقة تاريخية وعادة ما تكون الشخصيات فيها حقيقية تقوم على حقيقة ما، وهذه الحقيقة قد تكون تاريخية أو علمية أو اجتماعية أو دينية أو غيرها :فهي التاريخ لأنها تحكي قصة كائنات علوية مقدسة وأحداث تاريخية وقعت بالفعل ،كما أنها المعرفة لأنها تخبر بأصل الموجودات بدءًا من الكون إلى التأمل والتفكير ، وهي الأخلاق إذ هي تقدم من خلال التاريخ والدين والمعرفة مُثلًا أعلى للتصرف والسلوك يتم إحياؤه وإخراجه إلى حيّز الوجود من خلال حفظ الأسطورة قولًا وفعلًا .
فالأسطورة إذن قصة حقيقية عند بداية ظهورها ثم تضاف إليها بعض التفاصيل فتبدو بعد ذلك خيالية في نظر الأجيال التالية لذلك كانت الخرافة قصة إفتراضية لا نجد سوى اختلاف واحد بينها وبين الأسطورة ألا وهو (الحقائق التاريخية)، يُعرّف فيكتور هوجو الملحمة بقوله :(هي التاريخ ينشد على باب الأسطورة) .
فمصطلح “ملحمة” يعبّر عن أعمال عسكرية كبرى ويُعبر أيضًا عن الأدب الذي يضم هذا النوع الأدبي. حيث تحتفي الملحمة وتخلّد أعمال البطل وتجعل منه أسطورة، قد تحتوي الملحمة على أساطير ، وقد تدخل الأسطورة في نسيج الملحمة ولكن لا تتداخل الملحمة مع الأسطورة فالفرق الجوهري بينهما هو أن أبطال الأسطورة من الآلهة أما أبطال الملحمة فهم من البشر.
إذن الملحمة هي قصة شعرية طويلة أو حكاية بطولية مليئة بالأحداث غالبًا ما تقص حكايات شعب من الشعوب في بداية تاريخه تصل أحيانًا لدرجة أن تكون نموذج يُحتذى به، وكذلك جعل البطل نفسه النموذج الفرد الذى يمكن لأيّة شخصية في الجماعة أن تتشكل وفقه وتسير على منواله، ليغدو المجتمع فريقًا من الأحرار، والبطل بتطوره الشخصي من الفردية الفوضوية إلى الجماعية المنظمة إنّما يحدد المسار الذى يجب اتباعه من أجل حرية الفرد في مسيرته الإنسانية والإجتماعية والعقائدية ، ومن أجل الوصول إلى المعرفة ( معرفة الذات ومعرفة الكون ومعرفة الإله ) .
بالرغم من اتخاذ مواضيع الملحمة من التاريخ، إلا أنّ العلاقة بين الحقاىق التاريخية والملحمة تبقى متغيرة بشكل كبير لدرجة أنّ القصيدة الملحمية تتضمن أحيانًا بعدًا ساخرًا فينتقل من التاريخ إلى الأسطورة ومن الأسطورة إلى التاريخ بطريقة يظهر فيها البطل بصورة مثالية مبالغ فيها .
قال هيغل الذي تكلم عن “إنجيل الشعب” أنّ الملحمة تملك بعدًا تأسيسيًا قويًا وتحكي “حلقة متصلة بالعالم الكامل لبلد أو لفترة من الزمن “فتكون” الأسس الحقيقية للوعي”.
ملحمة جلجامش والتي صنفت على أنها ملحمة سومرية مكتوبة باللغة الأكادية ويحمل في نهايتها توقيعًا لشخص اسمه شين ئيقي ئونيني، تُعد ثاني أقدم النصوص المتبقية من تلك الفترة بعد نصوص الأهرام الدينية، فوفقًا لعالم الكتاب المقدّس وعالم الآشوريات ألكسندر هايدل، إن تأثير الملحمة في الكتاب المقدّس معترف بهِ ومقبول أكاديميًا، والعديد من المواضيع وعناصر الحبكة والشخصيات في الملحمة لها نظائر في الكتاب المقدس العبري— ولا سيما مواضيع جنّات عدن، النصيحة في سفر الجامعة، الطوفان في سفر التكوين.
إن هذا التصنيف لهذا النوع الأدبي ( ملحمة) لم يكن إلا بسبب الأبعاد التأسيسية وأهميتها الكبرى في ثقافة شعب أوروك وارتباط الأحداث بالحقائق التاريخية.
فبطل هذه الملحمة، يختلف عن أبطال الملاحم الأغريقية، فهو ليس شخص خيالي بل كان وجوده حقيقي في التاريخ ، إذ تشير سجلات السلالات الحاكمة لممالك ما بين النهرين، إلى أن جلجامش حكم أوروك حوالي عام 2700 قبل الميلاد، فهو من سلالة الوركاء الأولى، وهي السلالة الثانية التي حكمت من بعد الطوفان، وكانت سلالة “كيش” أول سلالة حكمت بعد حادثة الطوفان مباشرة، ويأتي ترتيب حكمه في سلالة الوركاء الأولى خامس ملك وقد حكم 126 عامًا, وفقًا لـ “إثبات الملوك”، وبقي صيته ذائعًا حتى بعد وفاته كبطل شجاع وفارس لا يهاب، وكذلك كمشيّد للأعمال الهندسية، أما أوروك فقد كانت من أشهر مدن ما بين النهرين، وقد عثر على بعض آثارها بالقرب من بلدة الوركاء جنوب العراق بين البصرة وبغداد.
وتأتي أهميتها التاريخية، احتواء الملحمة على قصة الطوفان وتأكيد هذا الحدث وحجم السفينة وأقسامها وعدد الأيام التي استمر فيها الطوفان ورسوخها على الجبل وإطلاق الحمامة والغراب في التوراة القديمة والقرآن الكريم حيث نجد التشابه الكبير بين هذه الأحداث برغم أن الأسطورة الملحمية هي السابقة بأكثر من ألف وخمس مئة عام.
الملحمة بالرغم من أنها مؤلفة من عدة أجزاء مختلفة المواضيع ،لكنها تعتبر وحدة متكاملة من حيث السرد القصصي خاصة النسخة الآشورية وهي من خزانة الملك آشور بانيبال ، وتعتبر الأجزاء المهمة القصص الدائرة حول بطولات جلجامش ومغامراته مع صديقه أنكيدو ، وقصة الطوفان وأيضًا قصة وصف العالم السفلي أو عالم الأرواح كما شاهده أنكيدو .
“جلجامش” ملك أوروك كان ملكًا جائرًا ، متباهيًا بقوته وجبروته، مارس لهوه وعبثه فاتكًا برجالها وشبابها، مغتصبًا فتياتها، فهو الملك المفوّض من الإله “أنليل” بالحكم، فاستنجد أهل أوروك بالآلهة من أجل قمعه ، فخلقت الآلهة ندًا له وهو أنكيدو فتصارعا وكانت الغلبة لجلجامش الذي تركه يمضي في سبيله، غير أنّ “أنكيدو”ناداه بكلمات وقعت في نفسه حسنًا، وكانت بداية صداقة دائمة بين الطرفين، أدرك خلالها جلجامش أنّ الحرية الفردية لا معنى لها إن لم تتعاون مع حريات أولئك الآخرين وتتحدّد من خلالها، ومع تلاشي أحلام الحرية المطلقة أتى التفكير في مسألة الحياة والموت والخلود .
إن صراع “جلجامش” مع الآلهة “عشتار”, هو صراع بين الديانة الأمومية الأنثوية القديمة وبين الجندرية الذكرية أو السلطة الشمسية الذكرية ، فثورته على الطقوس وما فعله بالثور المقدس السحري, تُمثّل انهيارًا للثقافات الأنثوية وصعود الثقافات الذكرية، فغلبت الشمس القمر، فهو الذي يبني ويأمر ويشيّد وهو الذي يتغلّب على الطبيعة ولا يستسلم للآلهة ،
فينتصر على “عشتار” و”ثور السماء” بمساعدة صديقه “أنكيدو” الذي كان خلق شخصيته واتصاله الشهوي المعرفي قد حدث من خلال سلطة الألوهية الأنثوية، تلك السلطة التي استطاعت أن تجد لها نصيرًا في صراعها مع السلطة الشمسية الذكرية الممثل لها بالملك “جلجامش” ليتغير مسار الصراع بين “أنكيدو” و “جلجامش” بعد ذلك ويتحوّل إلى علاقة شمسية بعد نمو الصداقة بينهما، ليفجع بعد ذلك بنهاية مأساوية لـصديقه “انكيدو” الذي تقرّر باجتماع الآلهة هيمن عليه الإله “أنليل” بإنزال العقوبة عليه واغتياله، فتنهار عوالم “جلجامش” ليبدأ رحلته في البحث عن معنى الحياة والخلود، وفي كل مرحلة من مراحل رحلته كان يكتسب معرفة وحكمة، فهل موت صديقه هو السبب الرئيسي لقيامه بمغامرات البحث عن سر الخلود ومحاولة هزيمة الموت، أم أن هذه الرغبة كانت كامنة في نفس البطل الأسطوري الذي كان ثلثاه من الآلهة وثلثه الآخر من البشر ؟! وهل خلقه على هذه الصورة القوية المقدامة وتوسده سدّة الحكم جعله يرفض الموت الذي يدفنه في الأرض؟!
وفي الواقع أنّ الجشع الذي جُبل عليه الإنسان هو الذي يدفعه إلى التشبث بالحياة ومحاولة إبعاد شبح الموت عن مصيره ، الذي لن يفلت منه لا محالة ، من هنا نجد جلجامش يسعى لامتلاك سر الخلود ولعل الدافع الأقوى كان رؤيته صديقه أنكيدو وهو ينازع ويلفظ أنفاسه الأخيرة دون أن يستطيع دفع المرض والألم عنه، فكانت صدمة له وما أتبعه من ألم الفراق فقرر البحث عن عشبة الحياة وهو يقول :
إذا ما مت ألا يكون مصيري مثل أنكيدو ؟
ملك الحزن والأسى روحي
وهل أنا أهيم في القفار والبراري
خائفا من الموت
إن فكرة الخوف من الموت ورفض الموت قد لازمت الإنسان منذ بدء الخليقة، وما بناء الهياكل الضخمة والإهرامات الشاهقة والتماثيل العملاقة سوى محاولة لإبقاء الإنسان حيًا او مستعدًا لقيامه مرة أخرى في هذه الحياة ، لكن “جلجامش” بعدما سُرقت منه عشبة الحياة تيقّن أنّ الأمل في الخلود قد تبدّد، وأنّ الموت قدر مقدور على بني الإنسان، وعليه ألا يتطلع إلى محاكاة خلود الآلهة الذين لا يموتون أبدًا ، ليعود بعدها إلى مدينته كبشر يخضع لقانون الحياة والموت.
الملحمة تؤكد المسار الرافض الذي لا يمكن أن يسلم للأفكار التقليدية السائدة، وتطرح فكرة التمرد، وتطالبنا برفض اعتناق واحترام المقدسات إذا خالفت وتعارضت مع فكر الإنسان، فهي تسعى إلى كشف الغموض وجعل الإنسان بمستوى القدسية يحارب الظلام ، من هنا تخبرنا الملحمة بأنه لا يوجد من هو أعظم من الإنسان الذي يبحث عن التغير بكل عزيمة وإصرار للحصول على الحرية والانطلاق نحو الفضاء الرحب، متخطيًا الصعاب والمعيقات ومتجاوزًا التحديات.
،الفكر الإنساني يكمل بعضه بعضًا، والأفكار النيرة تُطرح في كافة العصور والأزمنة، والاستمرارية التاريخية التي فرضتها الملحمة على مرّ العصور كانت نتيجة تناولها للهموم والأفكار التي تؤرق الإنسان ولحتتوائها على المغامرة والكائنات الأسطورية ، ومن هنا مرة أخرى تقربنا الملحمة من الأزمنة الغابرة وتجعلها معاصرة وقريبة زمنيًا وفكريًا منا.
المصادر:
الجنس في العالم القديم، بول فريشاور، دار الكندي، دمشق، 1988.
هو الذي رأى، عبد الحق فاضل، دار الرشيد، بغداد، 1981.
جلجامش، الحاشية ، فراس السواح، سومر للدراسات والنشر، نيقوسيا، قبرص، 1987.
ملاحم وأساطير، أنيس فريحة، دار النهار، بيروت، 1979.
بقلم تغريد بو مرعي
EPIC OF GILGAMESH
The Epic of Gilgamesh: Amid historical facts, mythology, and legend, and the struggle for survival!
Between myth and legend, there are significant differences. Myth adheres to a specific place, time, and the laws of the historical period it discusses. Therefore, mythology is a historical document, often with characters based on some truth. This truth can be historical, scientific, social, religious, or other aspects. Mythology serves as history by narrating the stories of divine beings and actual historical events. It is also knowledge, providing insight from the origin of existence to contemplation and reflection. Additionally, mythology imparts morality, offering a higher example of behavior through history, religion, and knowledge—a model that is revived and brought into existence by preserving mythology in both word and deed.
Mythology, therefore, begins as a true story and acquires additional details over time, making it appear fantastical to future generations. The key difference between mythology and legend lies in historical facts. Victor Hugo defines the epic by stating, “(It is history knocking at the door of mythology).
So the term “epic” refers to major military campaigns and also denotes literature encompassing this genre. Epics celebrate and immortalize the deeds of heroes, turning them into legends. An epic may contain myths, and while mythology can be woven into the fabric of an epic, the two do not intertwine fundamentally because mythological heroes are gods, whereas epic heroes are human.
Therefore, an epic is a long poetic narrative or heroic tale filled with events. It often recounts the stories of a people at the beginning of their history, sometimes to the extent of becoming an exemplary model. The hero himself becomes the individual model that any character in the community can emulate, guiding them toward freedom. The hero’s personal evolution from chaotic individuality to organized collectivism determines the path to be followed for the individual’s freedom in their human, social, and religious journey, and for the attainment of knowledge (self-awareness, understanding the universe, and knowing the divine).
Despite the epic drawing its themes from history, the relationship between historical facts and the epic remains highly variable. Occasionally, the epic poem includes a satirical element, transitioning from history to myth and from myth to history in a way that portrays the hero in an idealized and exaggerated manner. As Hegel, who spoke about the “Gospel of the People,” asserted, the epic has a strong foundational dimension, narrating “a connected ring to the whole world of a country or a period of time,” serving as the “real foundations of consciousness.
The Epic of Gilgamesh, classified as a Sumerian epic written in Akkadian language and signed by a person named Shin-eqi-unninni at its end, is considered the second oldest surviving text from that period after the religious pyramid texts. According to the biblical scholar and Assyriologist Alexander Heidel, the influence of the epic in the Bible is academically recognized. Many themes, plot elements, and characters from the epic have parallels in the Hebrew Bible—especially themes like the Garden of Eden, advice in the Book of Ecclesiastes, and the flood in the Book of Genesis.
The classification of this literary genre (epic) was due to its foundational dimensions and significant importance in the culture of the people of Uruk, closely tied to historical realities.
The hero of this epic differs from Greek epic heroes as he is not a fictional character but had a real historical existence. Records of ruling dynasties in the Mesopotamian kingdoms indicate that Gilgamesh ruled Uruk around 2700 BCE, part of the first Ur dynasty. He belonged to the fifth position in the order of kingship of the first Ur dynasty, reigning for 126 years according to the “Sumerian King List.” His reputation endured after his death as a brave and fearless hero, renowned for his engineering feats. Uruk was one of the most famous cities in Mesopotamia, with some of its remains discovered near the town of Warka in southern Iraq, between Basra and Baghdad.
Its historical significance lies in the epic containing the story of the flood, confirming this event, detailing the size of the ark, its compartments, the duration of the flood, its grounding on the mountain, the release of the dove and the raven. These elements resonate in the Old Testament and the Quran. Despite the epic predating them by over fifteen hundred years, there’s a significant resemblance between these events.
While the epic is composed of various parts covering diverse topics, it is considered a cohesive narrative, particularly in the Assyrian version found in the library of King Ashurbanipal. The crucial sections revolve around the exploits and adventures of Gilgamesh and his friend Enkidu, the flood story, and the description of the underworld or the spirit world as witnessed by Enkidu.
Gilgamesh, the king of Uruk, was a tyrant, boasting about his strength and might. Indulging in his pleasures, he oppressed the people and violated their rights. The gods, distressed by his behavior, created Enkidu to challenge him. They engaged in a fierce battle, and Gilgamesh emerged victorious, leaving Enkidu to pursue his own path. However, Enkidu’s words resonated in Gilgamesh’s heart, initiating a lasting friendship between them. Gilgamesh realized that individual freedom holds no meaning unless it collaborates with the liberties of others. With fading dreams of absolute freedom, he began contemplating life, death, and immortality.
The struggle of Gilgamesh with the goddess Ishtar represents a conflict between ancient feminine maternal religion and the masculine gender or solar masculine authority. His rebellion against rituals and his actions against the sacred magical bull signify the collapse of feminine cultures and the rise of masculine cultures. The sun, representing construction, command, and dominance over nature, triumphs over the moon. It is the force that builds and orders, overcoming the natural world and not surrendering to the gods.
He prevails over Ishtar and the Bull of Heaven with the help of his friend Enkidu. Enkidu, whose creation and connection were shaped through the power of feminine divinity, symbolizing the triumph of feminine authority in the struggle against solar masculine authority represented by King Gilgamesh. The conflict between Enkidu and Gilgamesh transforms into a solar relationship as their friendship grows. However, it takes a tragic turn when, during a divine council meeting, the god Anu decides to punish and assassinate Enkidu. This event shatters Gilgamesh’s world, prompting his journey in search of the meaning of life and immortality.
At each stage of his journey, Gilgamesh acquires knowledge and wisdom. Was the death of his friend the main reason for embarking on adventures to uncover the secret of immortality and attempt to defeat death? Or was this desire inherent in the legendary hero, two-thirds divine and one-third human? Did his creation in this strong and courageous image, coupled with the mantle of rulership, lead him to reject death, which buries him in the earth?
In reality, it’s human greed that compels one to cling to life and attempt to ward off the specter of death, an inevitable fate. Here, we find Gilgamesh seeking to possess the secret of immortality. Perhaps the strongest motivation was witnessing his friend Enkidu struggling and taking his last breath, unable to fend off illness and pain. It was a shock to him, followed by the pain of separation, prompting him to search for the herb of life, saying:
“If I die, shall I not be like Enkidu?
A king of sorrow and my spirit grieved.
Shall I wander through the wilderness,
Fearful of death?”
The idea of fearing death and rejecting it has accompanied humanity since the beginning. The construction of massive structures, towering pyramids, and giant statues has been an attempt to keep humans alive or prepared for a resurrection. However, after the herb of life was stolen from him, Gilgamesh realized that hope for immortality had faded. He understood that death is an inevitable fate for humankind. He learned not to aspire to emulate the immortality of the gods who never die. After this realization, he returned to his city as a mortal, subject to the laws of life and death.
The epic affirms a rebellious path that cannot submit to prevailing traditional ideas. It introduces the concept of rebellion and urges us to reject embracing and respecting sacred beliefs if they contradict human thought. It seeks to unveil mysteries, portraying humans at a level of sanctity fighting against darkness. The epic tells us that there is no one greater than the human who seeks change with determination, striving for freedom and launching into the vast space, overcoming obstacles and surpassing challenges.
Human thought complements itself, and insightful ideas are presented in all ages. The historical continuity imposed by the epic throughout the ages is a result of its engagement with the concerns and thoughts that trouble humans. It embodies adventure and mythical beings. Thus, the epic once again brings us closer to bygone eras, making it contemporary and temporally and intellectually proximate to us.
Sources:
- “Al-Jins fil Alam Al-Qadeem” (Sex in the Ancient World), Paul Faucher, Dar Al-Kindi, Damascus, 1988.
- “Huwa Al-Lathi Ra’a” (He Who Saw), Abdul Hakeem Fadel, Dar Al-Rasheed, Baghdad, 1981.
- “Gilgamesh, Al-Hashiya” (Gilgamesh, The Commentary), Firas Al-Sawah, Sumer for Studies and Publishing, Nicosia, Cyprus, 1987.
- “Malahim wa Asatir” (Epics and Myths), Anis Farha, Dar Al-Nahar, Beirut, 1979.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي