السمفونية التاسعة
المقطع الأول
“الوديعة”
في آخر المغيب
وفي ظل الخبايا
أودعت بعضاً من أحاسيسٍ
وكلماتٍ منمّقةٍ ….لحين لقاء
تجاوزت هدأة الليل
هجرتُ فحولةَ السريرِ
وستائراً مدادها الشغب
تستر عورة القلوب المتعبة
من شهوةٍ قتلها
سطوع الضوء المفاجئ
فانطفأت ببطء
المقطع الثاني
“ترنيمة”
أدندن للصباح ترانيم أغنيةٍ لفيروز
“بكرا انتَ وجاية..”
وأنا أعدّ فنجان قهوتنا
أحاول رفوَ أحلامٍ …
غير مسرجةٍ
غادرتني
لتسرح في الفضاءِ
وتركتني وحيدة.
المقطع الثالث
“يقظة”
يأخدني النورُ
يسرقُ وهج أغنيتي
ليطبعها
على جبينِ الفجرِ .. قُبلة
فيسكنني الأمل.
المقطع الرابع
“الصراط”
من بقعةٍ صغيرةٍ بلا ملامح
على سطح كوكبنا
يمتد الصراطُ ….
نحو المجرّة
فيملؤ الكونَ الشروق.
ينسكب نهر الإنسانية
في أودية الأزل.
فتنهض من سرير الوجود
حواسنا يقظة .
المقطع الخامس
“طائر الفينيق”
مُذ قابلتُكَ … وأنتَ مقيدٌ بظلالِ حُلم
حاولتُ تنقيةَ الشوائبِ
من مجروشِ أوهامك
وأنت تحكي عن الحرية والسلام
وأنا أتلمس
ما يحيط بنا
من عصفِ الشعور
فأعيدُ لملمةَ البقايا
من هشيمِ رُفاتِنا
أخلعُ الأحلام المهترئة
أحاول نحتَ تماثيلَ
لعشتار و جوليا دُومنة
أشحذُ السكاكينَ المتلّمة
لنحفُرَ في الأرضِ
أخاديداً
لأنهارٍ لا زالت جاريةً
رغم الجفاف
وخنادِقَ
للحصار
وأنفاقاً
لنهاياتٍ عقيمة
كان حريّاً بي
أن أمرن أصابعي
لأشكّلكَ على هيئة طائر الفينيق..
المقطع السادس
“الخديعة”
وحدنا نسكن أقبية الخوف.
نقبعُ خلف أسيجةِ الخديعة
نتأمل الفراغ
نراهن على مرور الوقت
وتحسن الأوضاع
كل ما حولنا يغمره النور
نسبح في الشروق
فيتضح ما يجري
نعيدُ غزلَ خيوطِ أحلامنا
بعضها من حرير
والبعض أشبهُ بخيوطِ العنكبوت.
المقطع السابع
“أهِلَّةٌ لقدومِ الشتاء”
ننتظر المطر
بينَ شكٍ ويقين
تتشظّى الذاكرة
تضُجّ سريرتُها
بصخبِ الصورِ المارقة
من ماضٍ تليدٍ
لحاضرٍ من ملح
نستذكِرُ ..
هولاكو
وسقوطُ بغدادَ الأول.. والثاني
عبد الله الصغير .. وسقوط غرناطة
ملوك الطوائف .. وسقوط الأندلس
نقرأ ..
عن الأمويين .. و حربِ الردّة
عن انهيار جدار برلين ..
وبناءِ جدار الفصل
عند مشارف غزّة
عن العاشر من رمضان .. و الحادي عشرَ من أيلول
عن انفجار مرفأِ بيروت .. وإحراقِ كنيسة القيامة
عن اقتحامِ المسجدِ الأقصى
عن حربِ تموز
وقضيةِ الأسرى
عن الجولان واسكندرون
عن البحارِ و الأقزامِ السبعة في الخليج
عن سرديةِ الهمجية
في الحرب التي لازمتنا
عشر سنواتٍ عجاف..
ولا زلنا في انتظار
قدوم أهلةالشتاء
المقطع الثامن
“أينَ الرحيل ؟”
عند الصباح
أسالُ النورَ الطالع مني
أينَ الرحيل..؟؟
إلى امتداد الصراط !!
أم إلى أرضِ اليقين ؟
أيها النور الطالِع مني
أين امتدادُكَ.. في المجرة ؟
هو النورُ يسبحُ في الفضاء
هو النورمشكاةٌ
لمعرفةٍ ووعي .
فأيُّ النورِ نحتاجُ لنخرج من عنُقِ الزجاجة؟
لا زلتُ حائرةً..
أقِفُ على عتبةِ الفجر.. عند الشُرفة
وأسأل..
أي مَرساةٍ ستنزل للقاع؟
لترسو السفينة عند حد الشط
وأي قبطانٍ سيمسك مقودها؟
وكم هي أطواقُ النجاة؟
وهل سنكون من الغرقى أم الناجين من كل الخباب؟ ؟؟!!
المقطع التاسع
“مولِدٌ جديد”
أمُدّ وريدي نحوَك..
أُخرجُكَ من قلب الخبايا..
أخرجُكَ من تلابيب الحياة..
ألبسُكَ مشاعري..
أرى فيكَ قبطاني و راحلتي..
أرى فيكَ نورَ الشمس..
أتدفأُبالحنايا
أشربُ من ماءِ النهر المقدّس
أنمو مثل هيدرا على شُباكِ الأمل..
أنتظرُ رحلتنا معاً
نحو عالمٍ من الدهشة
حيث تستيقظُ المراكب
على جلَبَةِ النهار
فنتحررُ من غصّاتنا و آلامنا
لنسيرَ بخفّةٍ
ونعيشَ في فضاءٍ من الحُب و الحرية و السلام..
عندها أُغرِقُ في عينيكَ عينيَّ ..
ألمحُ الفجرَ العميق..
وأرى الأمسَ العتيق..
وأحسُ الكونَ يجري..
بين عينيكَ وبيني..
فأعيشُ عمري..
ولادةً من جديد..
مها قربي
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي