الكاتبة السورية ربى عبد الكريم منصور.. عضوة في اتحاد الكتاب العرب.
عضوة في ملتقى الشعراء العرب.
مهندسة مدنية.
صدر لها :
أعمال مطبوعة.. منها ثلاث مجموعات قصصية. وسبع روايات.
من القصص القصيرة:
(أقبية النار. العاصفة الرقمية. الوشاح.)
ومن الروايات:
{ حبة ماس. مطاليب الفرح. معبر المشاعر. هكذا عاد. على بالي. طبعة جوري. و شوق.}
وعلى قيد الكتابة رواية الحذاء الملون.
من هنا كان لمجلة أزهار الحرف أن تحاورها وتتعرف على مشوارها الأدبي والعلمي
حاورتها من لبنان جميلة بندر
1ـ كيف بدأت رحلتك في عالم الأدب والكتابة؟, ما الذي يلهمك عند كتابة قصصك ورواياتك؟.
ـ من الصغر كانت القراءة إحدى هواياتي المفضلة, ففي السادسة من عمري قرأت رواية البؤساء بحجمها الكبير و تأثرت بأحداثها. ثم, فجأة, و في سن الأربعين هتفت بي لوثة الكتابة لأبدأ التأليف. ربما تخزين كل تلك الروايات والقصص التي قرأتها عبر السنين في عقلي, جعل اللاوعي لدي منساقًا لتأليف حكايات أخرى بنمط جديد. قد تكون الكتابة امتدادًا لما نختبره أو نعايشه أو نرفضه أحيانًا. أو ربما هي إخراج المشاعر المكبوتة من الأعماق لنصبح أكثر تحررًا وتكيفًا مع فوضى الحياة. باعتقادي ما يلهم أي كاتب المواقف المؤثرة وما أكثرها في الحياة!.
2ـ كيف يؤثر عملك كمهندسة مدنية على كتاباتك الأدبية؟ وما هي أبرز التحديات التي واجهتك ككاتبة ومهندسة؟.
ـ كما يبني المهندس بيتًا على قواعد ويكمله وفق مراحل يراعي فيها أدق التفاصيل, كذلك هو السرد القصصي, بمحور فكرة نبدأ التأليف وننشئ حولها هيكل روائي ثم نكسوه بالتفاصيل. بالطبع كلا العملين يحتاج الجهد والصبر والتأني.
ربما التحدي الأبرز لأي كاتبة تمارس مهنة ما و لديها عائلة هو إيجاد وقت من أجل الكتابة. فكما تعلمين إنجاز الكتب لا يطعم خبزًا, وبما أنه مجرد هوىً شخصي, فالمرأة تضطر لتنظيم وقتها بصرامة, و تحتاج إلى إدارة حكيمة لأعمالها حسب الأولويات وكل ذلك يجري على حساب راحتها.. وفي النهاية تقتنص فسحة صغيرة لإشباع رغبتها الذاتية في التأليف. على عكس الكاتب الذي يصبح الجميع في خدمته ليؤلف.
3ـ ما هو الدور الذي يلعبه انتماؤك لاتحاد الكتاب العرب وملتقى الشعراء العرب في تطوير مهاراتك الأدبية؟.
ـ تطوير المهارة الأدبية يأتي عبر الكتابة والقراءة و رصد تجارب الآخرين. فالكتابة مغامرة مجهولة المصير. وعلى الأخص في العالم العربي حيث لا توجد مؤسسات خاصة بالترويج والتسويق وأغلب دور النشر لا تملك خطة واضحة للتوزيع كما في الغرب. الانتماء إلى اتحاد الكتاب أو ملتقى الشعراء العرب يعزز حضورك ككاتبة ويجعلك أكثر شعورًا بالمسؤولية لتحري الوسائل الخاصة من أجل التطور الإبداعي.
4ـ كيف تقيمين الوضع الثقافي والأدبي في سورية وتأثيره على الكتاب؟ وكيف كان تأثير مشاركتك في مهرجان عبد السلام العجيلي في الرقة على مسيرتك الأدبية؟.
ـ لا تكمن أزمة الثقافة عمومًا في نوع المؤلفات أو جودتها أو المواضيع التي تطرحها, فهناك الكثير من المؤلفات التي
طرحت ولم تجد لها صدىً أو قراء كفاية. الكتاب ليس بخير. وفي الوقت الذي كان يطبع فيه1000 نسخة من كل مؤلف, يقتصر الأمر الآن على 200 فقط. الوضع الاقتصادي السيء أثّر على اقتناء الكتاب لكنه ليس العامل الوحيد للعزوف عن الكتاب والقراءة. إن المشهد الثقافي الالكتروني طغا على الجميع, وكما هو الحال بأي فن فإن الغث مطروح كما الثمين وعلى القارئ الاختيار دون التأثر بالأحكام المسبقة.
حضور مهرجان العجيلي بأهميته ترك بصمة في ذاكرتي حتمًا. وعلى أية حال المسيرة الأدبية كنهر يجري, تأتيه الروافد من هنا وهناك, لكنْ المجرى الأساسي يحفره الكاتب بقلمه وبمدى رغبته الملحة في مواصلة الإبداع.
5ـ هل يوجد نمط أدبي تميلين إليه في كتاباتك؟ وما هي الفكرة الرئيسية التي تحملها روايتك الحالية “الحذاء الملون”؟.
ـ أكثر ما تستهويني الرواية, فهي تتيح فسحة كبيرة للتجريب و وصف المشاعر والسرد والدخول إلى أماكن من المخيلة لا تُطرق عادة في حياتنا العادية. روايتي “الحذاء الملون” تحكي عن حدس أم يقودها إلى البحث عن طفلها المفقود جراء القصف الاسرائيلي, وذلك بعدما رأت حذاءه الملون معروضًا للبيع على الرصيف.
6ـ كيف يتعامل القارئ مع أفكارك حول الذكاء الاصطناعي والتطورات التكنولوجية المستقبلية؟ وهل ترين نفسك مستمرة في استكشاف مواضيع التكنولوجيا في أعمالك الأدبية؟.
ـ بعض القراء الذين أعرفهم شخصيًا وشاهدوا تحقق ما تنبأت به في روايتي “طبعة جوري” من وضع شريحة في الرأس أو اختراع سيارة تطير وتسير على الطريق رحبوا بما منحه خيالي من ابتكارات سبقت الحاضر. أما الذين لا أعرفهم من القراء فردود فعلهم بقيت مجهولة بالنسبة لي و هي على قيد السؤال.
القفزات الهائلة في التكنولوجية أثرت على حياتنا بشكل أو بآخر, والإنسان يتفاعل عمومًا مع الواقع.. ما قد تجود به مخيلتي مستقبلًا يحدده الزمن, ومدى قدرتي على استنباط أمور جديدة أكثر حداثة مما سيكتشف لاحقًا.
7ـ كيف تجمعين بين دورك كأم وبين مسيرتك الأدبية؟ وكيف يمكن للأدب أن يلقي الضوء على قضايا المرأة وتحدياتها في المجتمع؟.
ـ الأمومة تجربة هائلة غنية منحتني الكثير بقدر ما أعطيتها من اهتمام وحب ورعاية. وما كان من الممكن أن أهتم بشأن آخر غيرها وقد كانت أسرتي أولوية بالنسبة لي, لولا تنظيم الوقت و العمل بصرامة والاستفادة حتى من الأوقات الضائعة. وبالطبع كلفني اقتطاع بعض الوقت من أجل التأليف كثيرًا من الجهد على حساب راحتي بالمجمل. بالطبع بإمكان الأدب التعريف بمعاناة المرأة وكفاحها من أجل إثبات وجودها في أمكنة أخرى تحددها هي لا المجتمع. وكما أي فن يستطيع الأدب تصوير استغلال المرأة وكفاحها ولفت النظر إلى معاناتها في أي مجال من الحياة.
8ـ كيف تختارين مواضيعك الأدبية؟ وهل تتأثرين بالأحداث الراهنة؟ وهل لديك خطط لتوسيع أعمالك الأدبية في المستقبل؟.
ـ شرارة أية رواية ألفتها كانت تبدأ بفكرة سرعان ما تتكاثر عبر الخيال والذاكرة والتداعيات وما يضيفه أحيانًا الواقع المعاش. ما يجعلني ألتقط الموضوع الأهم من مجريات الحياة هو الأثر العميق الذي يحدثه موقف ما شاهدته أمامي وأخذ مني قسطًا كبيرًا من التأمل والتفكير.
لا يوجد لدي حاليًا أي مشروع أدبي سوى التأليف.
9ـ *في روايتي “شوق وطبعة جوري” تنبأت بفكرة الذكاء الاصطناعي والشريحة وما يحدث الآن من تطور مخيف.
كيف استطعت التنبؤ بفكرة الذكاء الاصطناعي والشريحة في روايتي “شوق” و”طبعة جوري”؟ وهل كان هناك تفاعل إيجابي أم سلبي من قبل القراء تجاه التنبؤات والمواضيع التي طرحتها في رواياتك؟.
ـ مضى ما يقارب ثماني سنوات على روايتي “طبعة جوري”. حقيقة لا أعلم كيف جاءتني فكرة الشريحة كومضة أمسكتها فورًا وصغتها على الورق!. حيث خطر في بالي وقتذاك أن تنقل تلك الشريحة الشحنات الانفعالية من شخص لآخر, وتغير مزاجه!.. وهكذا فكرت بالشابة روعة التي تعاني مشاكل عاطفية و تتبادل مع الكاتبة جوري الطبعة الانفعالية وذلك أملًا في الحصول على أسلوب حياة أكثر غنىً وحيوية و أوفر سعادة. ومثل أي مغامرة مجهولة النتائج تابعت رصد حياة الشابة والمسنة بعد إجراء العملية حتى وصلت الرواية إلى النهاية من غير تخطيط مسبق عدا الفكرة الأساسية طبعًا.
لا أعتقد بأن هناك أمرًا يحوز على رضى الجميع.. بعض القراء دهشوا بفكرة الرواية وأذكر بأن أحد الأصدقاء تمنى لو كان هناك عملية تجرى فعلًا ليستبدل طبعته مع آخرين لكسر الروتين. وربما كان هناك من استهجن الفكرة لا أدري!.
10ـ هل كانت مهنتك كمهندسة مدنية تأثيرًا في تضمين هذه المواضيع في أعمالك الأدبية؟.
ـ ربما كان لمهنتي بعض التأثير على كتاباتي!, وكذلك فضولي لمعرفة ما يجري من تطورات علمية ومتابعتي أخبار التكنولوجيا قد ساعدا على تحفيز خيالي لابتكار أمور أكثر حداثة.
11ـ هل يمكنك مشاركة بعض التفاصيل حول كيفية تناولك للتطورات المخيفة في مجال الذكاء الاصطناعي في رواياتك؟.
ـ كلما عرفنا أكثر اكتشفنا قصورنا وعجزنا عن الإحاطة بما يجري حولنا. حقيقة لا أعلم كيف اشتغل دماغي حين ابتكرت بعض التطبيقات الذكية في رواياتي!.. مثلًا, في رواية شوق وفي أحد المقاطع تستيقظ جوري من كابوس فتنتعل الحذاء الذكي لتتخلص من إحساسها بالضيق. ثم تحرك قدمها قليلًا بتماس مع الأرض, فتسري موجة ذبذبات من جلد الحذاء المحبوك بأسلاك الليثيوم و سرعان ما تنتقل إليها فتشعر بارتياح وكأنها نسمة تعبر فوق الغيم وتسرح بعيدًا. ولكنْ لا يدوم ذلك سوى ثوانٍ إذ كان الحذاء يحتاج الشحن وعرفت جوري ذلك من خرزة زرقاء على طرفه تحولت فجأة إلى الأحمر.
12ـ كيف تم استقبال روايتيك شوق وطبعة جوري في ندوة ملتقى الشعراء العرب؟.
من عادة ملتقى الشعراء العرب بقيادة المبدع ناصر رمضان الاحتفاء بالأعمال الأدبية. لقد شرفتني قراءة المبدعة غادة الحسيني والشاعرة زينة حمود والأستاذ ناصر رمضان حيث غمروها تحليلًا ونقدًا وقراءة متأنية. و أسعدني اهتمامهم بها وترك أثرًا جميلًا في نفسي وعلى الأخص أنها كلفتني الكثير من الصبر والجهد والتعب.
13ـ ما هي أهم المفاهيم التي ناقشها الناقد ناصر رمضان عبد الحميد في كتبه حول إحدى رواياتك وكيف أثرت عليك؟.
ـ في الحقيقة قرأ الأستاذ ناصر رمضان روايتي “شوق” وشمل تفاصيلها تأملًا وتحليلًا. حيث ذكر كيف تبادلت الكاتبة جوري المسنة طبعتها الانفعالية مع الشابة روعة. ثم سافرت إلى كندا لتحل مكانها روعة في منتدى الإبداع وذلك عام 2045 حيث للفكر شأن عظيم, ولم ينس الحديث عن الكوابيس التي لا زالت تعاني منها جوري بسبب حرب 2011في سورية, ثم رغبت بإعادة طبعتها الأصلية وأهدت روعة رواية لتنشرها وتأخذ أرباحها كرشوة لتعيد الطبعة.
كما تطرق الأستاذ ناصر إلى تأثير أحداث سورية على الأدباء ومدى نجاتهم أو تورطهم في وصف الأحداث بشكل تقريري أو توثيقي أو فني لاستحضار روح الأمل. وذكر نجاة رواية شوق من الوقوع في فخ الحكم على ما جرى وأبرزت روح الحب والتطلع للمستقبل والبحث عن غد أفضل. وطبعًا لم ينس التطبيقات المبتكرة في الرواية مثل” القطة الالكترونية, الحذاء الذكي, شبيك لبيك العلم بين يديك..”
في الحقيقة لقد قرأها بتأن واستطاع بثقافته الواسعة واطلاعه على دراسات شتى أن يغوص في تحليل الشخصيات والدوافع التي حركت بعضهم ليفعل أمرًا ما, أو يحجم آخر عن فعل ذاك لسبب ما.
وذكر أسباب اتباع تقنية السرد المتشظي المستخدمة في الروي بعيدًا عن البناء التتابعي, والعلاقة الوشيجة بين واقع عام 2045 و2011 حيث نتج عنها صراع نفسي بين ما هو واقع و ما هو مأمول متطلع. وذكر وصف الطبيعة ودقة تصويرها في الرواية وجمال الأماكن في الساحل السوري. و في النهاية قال:” إن الرواية ماتعة ومثيرة وجامعة وتنتهي بروح الأمل والتطلع لغد أفضل وهذه مهمة الأدب”.
لقد كانت قراءته محطة جميلة أبرزت اهتمامه بالإبداع وتقديره للثقافة عمومًا بغض النظر عن وطن الكاتب أو انتمائه.
لقد شرفني حقًا بقراءته الوافية العميقة وأسعدني أيضًا بذلك.
14ـ ما رأيك بالملتقيات الشعرية وخاصة ملتقى الشعراء العرب الذي يرأسه الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد؟.
ـ قبل أن يكون الملتقى صرحًا للإبداع كان محطة هامة للألفة والمحبة والاهتمام والحوار الهادئ لنقد الأعمال الأدبية بما يفيد ويطور. في الواقع بدأ بهدف راقٍ واتسع ونما كما أراد له الأستاذ ناصر رمضان ليغمر الجميع بالاهتمام وتقدير الكلمة من أية جهة جاءت. الملتقيات عمومًا منصة مفتوحة للتعريف بما تجود به أقلام الكتّاب ومناقشة القضايا التي تهم الجميع في العصر الراهن. كل التقدير لملتقى الشعراء العرب ورئيسه المبدع ناصر رمضان وتحية من القلب لكل الأعضاء وألف شكر للجهود المبذولة من فريق العمل بأجمعه ولك أستاذة جميلة بندر كل المودة والاحترام والشكر.
حاورتها من لبنان جميلة بندر
عضو بملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار الحرف
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي