ومع انبلاج الصباح ، أحسّت سندس بأنّ المملكة قد استيقظت من سباتها ، فقد تناهت إليها أصوات الباعة في الأسواق، و سمعت صوت الديك ينذر ببدء يوم جديد ، فعرفت أنّ مهمّتها قد بدأت ، وألّا وقت تضيّعه على الإطلاق ، فهي مع الدقائق والساعات في سباق.
مشت بضع خطوات ، و خُيّل إليها أنّها تسمع صوت وقع أقدام وحوافر ، فتوقّفت عن السير و أصغت إلى الصوت يقترب شيئا فشيئا إلى أن رأت فتًى لم يتجاوز العاشرة من عمره يقود قطيعًا من الأغنام إلى تلّة قريبة . فعرفت أنّ هذه فرصتها فتمتمت بتعويذة سحريّة، و ما هي إلّا ثوان حتّى ظهرت على هيئة فتاة جميلة بملابس رثّة ، و توجّهت إلى حيث كان الفتى و هي تبكي و تقول :” الحمدلله أنّني وجدت أحدا يساعدني ، فقد كنت أمشي وحدي طوال الليل في هذه الغابة الموحشة .”
ردّ الفتى باستغراب :” من أنت ؟ و من أين أتيتِ ؟ و ما الذي جاء بك إلى هذه الغابة الموحشة ؟ ألا تعلمين أنّها مسكونة ، و ألّا أحد يجرؤ على الاقتراب منها؟”
ردّت متصنّعة الخوف :” أنا من مملكة مجاورة لمملكتكم ، خرجت مع صديقاتي لنلعب ،و ذهبت لأختبئ منهنّ، و لكنّني ابتعدت كثيرا و لم أعد أعرف طريق العودة .”
-” لا تخافي ، أنت الآن في أمان . إن أردتِ آخذك معي عندما أعود إلى منزلي مع غروب الشمس . أنا اسمي صادق ، و أعيش مع أمّي في بيت صغير ، و عندنا قطيع من الأغنام نعتاش منه.”
-” أنا اسمي سندس ، و حقّا شاكرة لك على لطفك وحسن معاملتك ، و أتمنّى ألّا أكون ضيفا ثقيلًا عليكم.”
-” على الرحب والسعة ، أنت ستكونين ضيفتنا ، و إكرام الضيف واجب في مملكتنا .”
فرحت سندس بكلام صادق و اطمأنّت ، فخطّتها تسير على خير ما يرام ، و قضت النهار ترعى الأغنام معه ، و تنتقل من تلّة إلى تلّة ، و تقفز من صخرة إلى صخرة ، حتّى كاد قرص الشمس أن يلامس التلال ، و لمّ أشعّته الذهبيّة عن رؤوس الجبال .
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي