روان شقورة أديبة فلسطينية من مواليد ١٩٩٥م.
عملت في مجال التعليم والتدقيق اللغوي، حيث أنها حاصلة على شهادة البكالوريوس بامتياز في اللغة العربية، شهادة البكالوريوس بامتياز في القانون العام.
حاورتها جميلة بندر.
___________________
1.كيف بدأتِ رحلتك في عالم الكتابة؟ وما الذي دفعكِ لكتابة رواية “موت الحب في زمن كورونا”؟
قبل عشر سنوات، عند حافة دخولي الحياة الجامعية، حينها كنتُ أرغب في إيصال فكرة، ثُم ألحت عليّ الكلمات عندما حلمت بحياة عادلة حضارية إنسانية لبقعتي، فأخذت أسلك سُبل التطوير الذاتي بالقراءة والتجارب والتعلم والمشاورة والمحاولة، حيث كنت أنهم كل أنواع الأجناس الأدبية، فالرغبة في المعرفة شاطرتني كل لحظة في وجودي، فبدأت بالخاطرة، ثم القصة القصيرة، ثم الشعر، ثم النقد إلى حين أصدرت عملي بعد ست سنوات من المحاولة، ثم توالت الإصدارات وازداد معها حبي للكتابة حتى أصبحت جزء من ذاتي، فصرت أنا وهي لاصقين في لحظة خطِّي الحرف…
روايتي الأولى هي ولادتي الأولى، كانت موت الحب في زمن كورونا، تجسيد للألم الوجودي للاجئ بشكل عام واللاجئ الفلسطيني بشكل خاص، مات الحب ولكنّه حب رمزي وليس حب علاقة بين رجل وامرأة، حيث مات الخير والجمال والعدل، وخصصت العنوان في زمن الكورونا؛ لأنّها كتبت في ذلك الزمن وجسدت الواقع الذي قام به فيروس أغلق منافذ العالم للحياة…
2.كيف وصلتِ إلى فكرة رواية “رباعية أنثى “؟ما هو الرسالة التي تحاولين نقلها من خلال كتاباتكِ؟
الفكرة ولدت معي ومع كل مفكر فلسطيني، حيث كانت الأنثى فلسطين، فما الوطن إلا أُنثى، كانت حواء بطلة الرواية كما فلسطين وقعت في مأزق وجودي ظالم محاصر، فصادفت أربعة رجال في حياتها أولهم آدم الذي اتصلت به عاطفياً، ثم فريد الذي شابهها جسدياً، ثم محمد الذي انجذبت له فكرياً، ثم إياد الذي عقد قران خطوبتها عليه؛ لإرضاء العرف، فصارعت بينهم مع أي إنسان ستواصل حياتها، كما فلسطين تُصارع وجودها بين العاطفة أو العقل المنطقي، أو الغريزة اللاهثة للعيش قط، أو العرف الواقعي المكبل للحياة، وما زلتُ أنا كفلسطينية أبحث عن الحل للعقدة ولم أجد، وإن كانت وجدتها حواء في نهاية حياتها…
3.ما هي تجربتكِ في مجال التدقيق اللغوي والتعليم؟ وهل تؤثر خبرتكِ في التعليم والقانون في أسلوبكِ الكتابي؟
عملت في التدقيق في تقارير إخبارية وكتب أدبية ورسائل أبحاث علمية، والتعليم في مدرسة الوكالة للاجئين كانت تجربتان خصبتان فالتدقيق جعلني حريصة على الدقة في اللغة و الإيجاز، أما التعليم هو مجتمع مصغر في عدة مقاعد، فالزهور والبراعم تأتي إلى المدارس من بيوتهن؛ لكي تزهر، والمعلم هو مَن يُزهر ذلك الغرس بما يسقيه لطلابه من معارف ومهارات وقيم ومبادئ…
4.ما هي أهمية النقد الأدبي بالنسبة لكِ؟ وكيف تختارين الصحف التي تكتبين لها مقالات أدبية ونقدية؟
دوماً يُقال الناقد كاتب فاشل، أراد أن يكتب لكنّه فشل، فانتقم بالنقد من الكتاب، لكنّي على عكس ما هو شائع أنا أعتبر النقد تجربة غنية جداً لكل كاتب أو شاعر أو فنان عموماً، فالنقد يُثري الذائقة الفنية، فكلما تشبعت بالنقد أثريت ذائقتك الفنية، حينها يتم انتقاء الجيد للأسلوب والطريقة والفكرة…
أنتقي الصحف الأكثر رواجاً للقراء، لأنّ رغبتي في التغيير تجعلني أبحث عن العدد الأكثر ميلاً للقراءة، فبدايتي كانت جريدة الوطن في فلسطين التي تعتبر أكثر انتشاراً في بقعتي، ثم توسعت في مجلات وطنية أُخرى، ثم مصرية…
5.كيف يمكنكِ وصف حالتك النفسية في ظل الأوضاع الصعبة التي تعيشينها في عملية طوفان الأقصى؟
وكيف تؤثر الأوضاع السياسية والاجتماعية على إلهامك الكتابي ونفسيتك بشكل عام؟
لا أجد أي لغة أو كلمة تستطيع وصف الحالة النفسية التي يعيشها الإنسان الفلسطيني في غزة وهو تحت نيران الحرب بكل الوسائل التي يُحارب بها، إنّها كارثة إنسانية للعالم بأجمعه، لقد أثبت الحرب بأنَّ العالم لا يرضخ إلا لميزان القوى والمادة ولا يمدَّ للإنسانية بأي صلة ولا حتى للحق بكل أسف.
الإنسان ابن بيئته، والشاعر يؤثر ويتأثر بمحيطه مهما انفصل عنه، وأنا في معظم كتاباتي أنطلق من الواقع لأصوره بكل حذافيره، وأطرح رؤية الواقع ورؤيتي به من خلال ذاكرتي الماضية والحاضرة المعاشة…
6.هل تجدين أن الكتابة تعمل كوسيلة للتعبير عن مشاعرك وأفكارك خلال الظروف الصعبة؟
وكيف تتغلبين على التحديات النفسية والإبداعية أثناء كتابة أعمالك خلال فترات الضغط والصراع؟
الكاتب الحق لا يتخذ الكتابة وسيلة تفريغ، الكتابة عملية خلق سامية منها يخلق فكرة واقعة أو متخيلة، تنسج بها الأحداث المتصارعة إلى النَّهاية، مَن يُريد أن يفرغ تكون الكتابة لعلاج نفسه، وليس عملية خلق.
لا أكتب أثناء الضغط والصراع، فالكتابة تحتاج إلى عقل مفكر صافي الذهن، لكي لا تكون الكتابة مريضة ومتحيزة وقاسية ومضطربة…
7.كيف تعالجين مشاعر القلق والضيق النفسي خلال فترات الحرب والصراع؟ وهل تجدين أن الكتابة تعمل كوسيلة للهروب من الواقع القاسي أم تعتبرينها وسيلة لتحديد الهوية والصمود في وجه التحديات؟
المشاعر الآدمية تقتل أثناء الحرب مهما كانت وسائل العلاج متاحة، فحينما تطلق الرصاصة تقتل الإنسانية، وبالتالي تُفنى المشاعر…
قد تكون الكتابة عملية هروب في بعض الأحيان، لكن على الأغلب هي لتحديد الهوية، فالكتابة تظهر الثقافة المعاشة بجوانبها كافة، فهي تحدد هوية الكاتب والمكان والمجتمع والساسة… ش
8.ما النصائح التي تقدمينها للأشخاص الذين يواجهون صعوبات نفسية خلال الأوقات الصعبة ويرغبون في استخدام الكتابة كوسيلة للتعبير والتخفيف؟
قد تكون كتابتك وسيلة لتفريغ مشاعرك الحاضرة، ووسيلة لترميم ذاتك المنهكة لكنّ الكتابة الإبداعية لا تصلح في جو إنساني غير نقي، فحينها ستكون كتابة مريضة وقلقة…
9.هل تجدين أن الأدب الفلسطيني يعكس تجارب ومعاناة الشعب الفلسطيني بشكل فعّال؟ وكيف يمكن له أن يسهم في تشجيع التغيير والمقاومة ضد الظلم والاحتلال؟
لا تستطيع كل لغات الأرض أن تعكس معاناة الشعب الفلسطيني، فالألم المعاصر والماضي يتجاوز حدود الكتابة، ولن أُزايد في الحديث عن الوجع…
قد تكون الكلمة لها دور الرصاصة بل وأكثر في أحيان كثيرة، لكن ما فائدة كل هذا بعدما حلَّ بنا كل أنواع الألم من إبادة جماعية وتدمير وأسر وقتل ونفي وقهر وحسرة و إقصاء لنفس الآدمية؟
10.كيف يمكن للتعلم والثقافة أن تسهم في بناء المجتمع الفلسطيني بعد الأحداث الأخيرة؟ وما هي أهم القضايا التي تفضلين أن يتناولها الأدباء الفلسطينيون في كتاباتهم بعد طوفان الأقصى؟
لتعلم والثقافة دور فعّال في بناء الحضارة، فهي تبني العقل الذي يُسهم في بناء الدولة، لكن بعد الأحداث الأخيرة من الصعب أن يتم البناء من خلال العلم فقط، نحتاج إلى جهود جبارة على كافة الأصعدة للبناء والانتشال من الوحل.
القضايا الإنسانية ويتم بثها كعقيدة راسخة في الوجدان، وبناء القيم والأخلاق الإنسانية وتهذيبها، يجب أن يعي كل فلسطيني أن بناء الإنسان هو مَن يبنى الوطن وليس العكس…
11.هل تخططين لمشاريع أدبية مستقبلية؟ ما هي أمنياتك المستقبلية في مجال الكتابة والأدب؟
أجل، الكتابة هي حياة في نفسي، ولن أتوقف عن الكتابة حتى أموت، أُمنيتي أن أُغير وأُسعد إنسان فيما أكتبه…
12.ما رأيك بالملتقيات الشعرية وخصوصاً ملتقى الشعراء العرب الذي يرأسه الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد؟
للأسف في الوطن العربي عامةً الأدب لا يلقى اهتمام ولا يوجد مَن يدعمه، وهذا لا يشجع على الكتابة لدى كثير من الكتاب، وبالتالي المجتمع ينحدر إلى القاع حينما يتعطل الفكر والعقل، لذلك آمل من أصحاب القرار أن يبذلوا جهود حثيثة ليرتقوا بالأدب بأنواعه كافة.
ملتقى الشعراء العرب الذي يرأسه الشاعر ناصر عبد الحميد، ملتقى سعى صاحبه لرقي به ويبذل جهده في سموه وهذه نقطة تحسب له على الصعيد الثقافي، وأتمنى لهم مزيداً من التقدم والازدهار…
حاورتها من لبنان جميلة بندر
عضو بملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار الحرف.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي