“لَا شِعْرَ بِلا وَزْنٍ وَ قافية”
بقلم الشاعرة الفلسطينية صمود حامد
لقد كانت قضيّة الشعر الحديث في البلاد العربيّة، من أشدّ قضايا الفنون المعاصرة إثارةً و أعنفها جلباً للنقاش و الخصومة ، و الحقيقة أنّ السبب في ذلك متعدّد الجوانب ، فهو يقع أوّلًا في أنّ للشعر منزلة كبرى عند أمّتنا العربيّة ، و يحتلُّ من الأدب العربيّ مكان الصدارة ؛ فهو فنّ العرب الأوّل ، أحبّوه و آثروه و ردّدوه و أقاموا له الأندية منذ الجاهليّة حتّى اليوم ، فلا عجب إذن أن نرى الفرد العربيّ يشعر بأنّ قضيّة الشعر تخصّه شخصيّاً ، و أنّ يرى أن عليه أن يسرع سرعة الغيور للدفاع عن موروثه ، السبب الثاني الّذي عقّد مشكلة الشعر الحديث أننا نجد أن “الشعراء الحديثين”، يعتبرون أنفسهم أصحاب قضيّة يؤمنون بها إيمانًا عميقًا و يدافعون عنها باستماتة.
و في سياق التحوّلات التي عرفها المجتمع العربي و الإبدالات النصية الجديدة التي مرت بها القصيدة العربية ، ظهر التيار الجديد الذي يدعو إلى الحداثة الشعرية لتجديد الشعر و تطويره ، و أصرَّ على هدم مجموعة من المعطيات للقصيدة التقليدية لبناء قواعد راسخة تسيرُ بالشعر في ركْبِ العالمية مطالبا بالتحرر من قيود الوزن و القافية ، و عليه فقد ظهرت القصيدة النثرية ، التي كانت تُعرف بالشعر المنثور ، بالإضافة إلى أجناس شعريّة أخرى سميت بتسميات عديدة فأقحم النثر بالشعر و إختلط هذا في ذاك.
و لقد كانت ثنائية الشعر والنثر من الموضوعات التي استحوذت على اهتمام النقاد العرب قديما و حديثا ، فقد أولوها عناية خاصة ، و تدارسوا مختلف الفوارق النوعية بين النمطين ، فجعلوا للشعر علوما و قواعد ، و كذلك الأمر بالنسبة إلى النثر. وأخذ الأمر منعطفا آخر في العصر الحديث و الراهن ؛ حيث تداخلت الأجناس ، و اختلط الشعر بالنثر خاصة مع ظهور أجناس أدبية أخرى كقصيدة النثر ، و بناء عليه وجدوا صعوبة في إقامة حد فاصل بينهما ، فأصبح ما يعرف حاليا بالنص الجامع، و النص العابر للأجناس.
و موضوعنا في هذا المقال هو قصيدة النثر أو ما يسمى بالشعر المنثور ، إنّ قصيدة النثر بمثابة إعلان عن سعي الشعراء العرب إلى تحديث قصائدهم ، و يُعيد بعض الدارسين بواكيرها الأولى إلى مرحلة الأربعينيات ، و قد شغل ما يسمى بالقصيدة النثرية الأمر الرأي العام الذي أخذ يتساءل عن كنهها و كينونتها و هل هي داخلة في إطار الشعر العربي أم محصورة في إطار النثر؟
لقد اضطربت الآراء حول هذه الظاهرة و انقسم المهتمون ما بين مؤيد و معارض ،
و لما سألت عن رأيي في الأمر قلت : أنا أرى أن قصيدة النثر ستكون كارثة على الشعر لو أنها قدمت نفسها كبديل لحركة الشعر العربي الحديث و أظنها لا تستطيع ذلك ، و أن الذي يسمونه بالحداثة ما هي إلا طَعْنَةٌ في خَاصِرَةِ الشِّعْرِ العَرَبِي الأصيل ، و أن الخلط بين النثر و الشعر و إدخال الأول بالآخر فيه إضرارا باللغة و بفنونها الأصيلة ، و هذا الإختلال ربما يقودها إلى الضياع و الإندثار ، و إننا من أجل الحفاظ على لغتنا العربية يجب علينا أولا الحفاظ على موروثها و الإبتعاد عن التقليد الأعمى للغرب فهو أكبر هادم للثقافة ، و من هنا جاءت ، الضرورة بعدم الخلط بين الشعر و النثرو ضرورة التفريق بينهما و الحفاظ على قالب و قواعد كل منهما ، فَالنَّثْرُ نَثْرٌ بقواعده وَ الشِّعْرُ شِعْرٌ بِقواعِدِه و أوزانهِ و قَوافيهِ التِي بِدونِها لا يَكون ، و الطِّفلُ لِأبويهِ وَ من عدم الإنصاف أن تَنسُبَ طِفلَاً لِغيرِ أَبَوَيْهِ ، وَ كَذَا الشِّعْرٌ.
و أحب أن أنوه أني في هذا المقام لا أقلل من قدر النثر مقابل الشعر فلكل مكانته المعروفة و إن اسعى للحفاظ على الإثنين و هذا ينال بالتفريق بينهما و عدم الخلط ، و لم تكن الفروق بين النثر و الشعر خافيةً على النحاة و العلماء العرب ، و منهم من أفاض في الحديث عنها و يحضرنا في هذا السياق أبو حيان التوحيدي إذ يقول في فضل النثر: “وزمن شرفه أنَّ الوحدة فيه أظهر ، و أثرها فيه أشهر ، والتكلف منه أبعد ، و هو إلى الصفاء أقرب قال و ليس كذلك المنظوم ؛ لأنه صناعي ؛ ألا ترى أنه داخلٌ في حصار العروض و أسر الوزن وقيد التأليف ، مع توقِّي الكسر ، و احتمال أصناف الزِّحاف ، و قال أيضا : ومن شرف النثر أيضًا أنه مبرَّأ من التكلف، منزَّه عن الضرورة ، غني عن الإعتذار و الإفتقار ، و التقديم و التأخير ، و الحذف و التكرير … إلخ”.
و في فضائل الشعر يقول التوحيدي: “من فضائل النظْم أن صار صناعةً برأسها ، و تكلم الناس في قوافيها ، و توسعوا في تصاريفها و أعاريضها ، و تصرفوا في بحورها ، و اطلعوا على عجائب ما استخزن فيها من آثار الطبيعة الشريفة ، و شواهد القدرة الصادقة ؛ وما هكذا النثر ، فإنه قَصَّرَ عن هذه الذروة الشامخة ، و القُلَّةِ العالية ، فصار بِذْلةً لكافة الناطقين من الخاصة والعامة والنساء والصبيان” و قال أيضًا: “من فضائل النظم أنه لا يغنَّى ولا يُحدى إلا به و الغناء معروف الشرف ، عجيب الأثر ، عزيز القدر ، ظاهر النفع في معاينة الروح، و مناغاة العقل ، وتنبيه النفس، و اجتلاب الطرب و تفريج الكُرب ، و إثارة الهِزَّة ، و إعادة العزة ، و إذكار العهد، وإظهار النجدة ، واكتساب السلوة ، وما لا يُحصى عدُده”
و يقول ابن خلدون: “الشعر هو الكلام البليغ المبني على الإستعارة و الأوصاف ، المفصَّل بأجزاء متفقة في الوزن والرَّوي ، مستقلٌّ كل جزء منها في غرضه وةمقصده عما قبله وبعدهة، الجاري على أساليب العرب المخصوصة به ، فقولنا الكلام البليغ جنس، وقولنا المبني على الاستعارة و الأوصاف فصلٌ له عما يخلو من هذه، فإنه في الغالب ليس بشعر. وقولنا المفصل بأجزاء متفقة الوزن و الروي فصلٌ له عن الكلام المنثور الذي ليس بشعر عند الكل. وقولنا مستقل كل جزء منها في غرضه و مقصده عما قبله و بعده بيان للحقيقة ؛ لأن الشعر لا تكون أبياته إلا كذلك ولم يفصل به شيء ، و قولنا الجاري على الأساليب المخصوصة به فصل له عما لم يَجرِ منه على أساليب الشعر المعروفة ، فإنه حينئذٍ لا يكون شعراً ، إنما هو كلامٌ منظومٌ لأن الشعر له أساليب تخصه لا تكون للمنثور” و يقترب ابن خلدون كثيراً من الفكرة الحديثة عن خصوصية لغة الشعر و اختلافها الكيفي المقصود عن اللغة العادية ، فيقول في الفصل نفسه من المقدمة: “و لا يكفي (في الشعر) ملكة الكلام العربي على الإطلاق ، بل يحتاج بخصوصه إلى تلطُّفٍ و محاولة في رعاية الأساليب التي اختصته العرب بها واستعمالها”
و أخيراً الشِّعْرُ العَرَبِيُّ الأصيل هو الفَنٌ الذي أَورَثنا إيَّاهُ الشُّعَرَاءُ القُدَامَى وَ هْوَ تُرَاثُنَا الذِي نَعْتَزُّ وَ نَفْتَخِرُ بِهِ ، الشِّعْرُ تَعبيرٌ عَن مَكنونِ النَّفسِ ، يَعكِسُ رِقَّةَ الشُّعُورِ وَ رهَافَةِ الحِسِّ ، الشِّعْرُ عَالَمٌ مِنَ العَوَاطِفِ و الأَخْيِلَةِ و الأَفْكَارِ ، وَ النَّظَرِيَّاتِ فِي الشِّعْرِ كَثيرَة وَ مُتَبايِنة إِلَّا أَنَّها تَجتَمع حَوْلَ أَهميةِ المُوسِيقى كَعْنصُرٍ شِعرِي مُميزٍ ، وَ تَكْمُن أَصَالَتَهُ بِهَا ، فَأَوَّلُ مَا يَسْتَدعِي النَّظَر في الشِّعْرِ العَرَبِيِّ الأَصِيلِ ، تَرَابُط أَجْزَائِه ، وَ صُوَرِهِ الفَنِيَّةِ ، وَ المُوسِيقَى التِي تَنْبَعِث مِنْ أَبْيَاتِ القَصِيدَة ، وَ للمُوسِيقَى هَذه أَساليبٌ مُتعددة مِنْها الوَزْنُ وَ القَافِية ، و تبقى قضية الوزن و الموسيقى هي الحد الفاصل و الحاسم بين الشعر و النثر.
وَ الذِي يُنَظِّمُ أَوْزَانَ الشِّعْرِ هُوَ “عِلْمُ العَرُوضِ” وَ هو علْمٌ أَوزانِ الشِّعْرِ أو مِيزانُ الشِّعْرِ و يَشْتَمِلُ على القَوَاعِدِ وَ الأُصُولِ التِي وَضَعَها الخَليلُ بِنْ أَحْمَد الفَرَاهِيدِي (100-175ه) ، أَحَد أَئِمةِ اللغةِ و الأدبِ وَ الذِي ابْتَكَرَ عِلْمَ العَرُوضِ ، وَ قَد حَصَرَ
الفَرَاهِيدِي كُلَّ أَشْعَارِ العَرَبِ في البُحُورِ السِّتَّةِ عَشَر التِي اكْتَشَفَهَا وَ سَمَّاهَا ، بِاخْتِصَار لَا شِعْرَ بِلا وَزْنٍ وَ قَافِيَةَ.
وَ هَذِهِ أَمْثِلَة عَلَى كُلِّ بَحْرٍ مِمَا كَتَبْتُ:
*الكَامِلْ
قَالُـوا بِرَبِّـكَ صِـفْ لَنَا مَعْنَى الهَـوَى
حَتَّى يُحِيطُ بِهِ المُحِـبُّ وَ مَنْ نَوَى
قُلْتُ الهَـوَى سَهْمٌ تُصَـابُ بِـهِ النُّـوَى
لَا عِلْـمَ يُجْـدِي فِي العِـلَاجِ وَ لَا دَوَا
*****
*الهَزَجْ
أُنَـاجِـي الـلّـهَ فِي بُـؤسِـي
بِجَوْفِ اللَيْـلِ فِي هَـمْـسِ
أَنَــــادِيـــــهِ وَ أَدْعُـــــــوهُ
ذَلِـيـلَاً مُـخْـفِـضَـاً رَأسِــي
وَ أُرْجُــو مِـنْــهُ لِـي رِزْقَــاً
أُصَلِّـي الليْـلَ مَعْ خَمْسِـي
فَـيُــوهِـبْـنِـيـهُ أَضْــعَـافَــاً
وَ يُـعْـطِـيـنِـي بِـلَا بَـخْـسِ
وَ أَسْـهَـو عَــنْــهُ أَسْــلُــوهُ
وَ أُنْـأى عَـنْـهُ فِـي بَـأسِـي
وَ أَدْنُــو مِـنْــهُ فِي دَائِــي
وَ أَرْجُــوهُ بِــأَنْ يُـــؤسِـي
وَ أقْـسِـمْ عَنْـهُ لَنْ أُقْصِـي
وَ لَـنْ أَجْـفُـوهُ فِـي أُنْسِـي
وَ أَنِّـــي دَائِــمَــاً أَمْـضِــي
إِلَـيْــهِ لَا إِلــى الـعَــكْـــسِ
وَ وَقْتَ البَرْءِ أَنْسَى العَهْدْ
وَ أُعْـصِـيـهِ عَـلَـى خَـلْـسِ
وَ هَـذَا حَــالُـــهُ الإِنْـسَـانْ
بِـهَــذَا الـيَــوْمِ وَ الأَمْــسِ
فَـيَـــا رَبَّــــاهُ إِرْحَــمْــنِــي
إِذَا قَـصَّــرْتُ فِـي يَـأسِـي
رَحِــيـــمٌ أَنْـــتَ يَــا رَبِّـــي
وَ أَرْحَـمْ فِـيَّ مِـنْ نَـفْسِـي
*****
*البَسِيطْ
يَا وَاعِظَ النَّاسِ فِيمَا لَيْـسَ يَفْعَلُـهُ
وَ ثَـوْبُــهُ غَـارِقٌ بِـالإِثْــمِ وَ الـكَــدَرِ
أَلَا افْـعَـلَـنَّ الـذِي تُـهْـدِي بِـهِ عِـظَـةً
قَبْلَ الحَدِيثِ وَ قَبْلَ الوَعْـظِ لِلبَشَرِ
*****
*المُنْسَرِحْ
تَـرَوَّ فِي الأَمْـرِ لَا تَكُنْ عَجِـلَا
فَمَنْ تَـرَوَّى أَصَـابَ مَـا فَـعَـلَا
وَ كُـنْ بِحَـبْـلِ الإِلَــهِ مُتَّـصِـلَا
وَ دُمْ فَمَا خَابَ مَنْ بِهِ اتَّصَلَا
*****
*المُقْتَضَبْ
فِيـكَ لَامَـنِـي رَبْـعِـي عَنْكَ قَدْ نَوُوا مَنْـعِي
كَــلَّ مِـنْـهُــمُ حَـيْـلِي مُنْـهُمُ جَـرى دَمْـعِـي
هَـلْ عَلَى الهَوَى لَوْمٌ؟! هَـــلْ أَرَدْتُـــم رَدْعِـي؟!
وَ الـغَــرَامُ مَـكْــتُـوبٌ مُذْ وُلِدْتُ فِي ضِلْعِي
*****
*الرَّمَلْ
إِنَّ خَيْرَ النَّاسِ مَنْ صَانَ قَسَمْ
وَ وَفَـى العَـهْـدَ وَ لِلسِّـرِّ كَـتـَمْ
وَ أَشَـرُّ النَّاسِ مَنْ بِي قَدْ ثَنَـى
حِـيْـنَ أَلـقَـاهُ وَ إِنْ بِـنْـتُ شَتَمْ
*****
*المَدِيدْ
يَــا عَــذُولَاً لَامَ فِي سَـقَـمِــي
فِي الـغَــرَامَ وَ لَامَ فِي أَلَـمِـي
أَعَـذَلْــتَ الـقَـلْــبَ وَاعَـجَــبَــاً
هَلْ أَسَيْـتَ القَلْـبَ مِنْ سَـقَـمِ؟!
هَـلْ صَحِبْـتَ العَيْـنَ فِي سَهَرٍ؟!
أَبِــــــــكَ الآلَامُ أَمْ بِـــدَمِــــي؟!
لُمْتَنِي فِي العِشْـقِ وَيْحَكَ لَـوْ
ذُقْــتَــهُ يَــا صَـــاحِ لَــمْ تَـلُــمِ
*****
*المُضَارِعْ
وَ أَقْسَـى الأُمُـورِ رَبْعَاً بَـخِـيـلُـونَ فِي وِدَادِي
وَ أَهْـوَى لَـهُـمْ جِـوَارَاً وَ يَـهْـوُونَ لِـي بُعَـادِي
وَ أَهْـدِي لَهُـمْ بَيَـاضَـاً وَ يَهْدُونَ لِـي سَـوَادِي
وَ أَسْعَى لَهُـمْ صَلَاحَـاً وَ يَسْعُونَ فِي فَسَادِي
وَ أَبْـغِـي لَـهُــمْ هَـنَــاءً وَ يَبْغُـونَ لِي سُهَـادِي
أُنَــــادِي لَـهُــمْ إِلَـهِـــي مِنَ القَلْـبِ كَـمْ أُنَـادِي
وَ أَرْجُــو لَـهُــمْ عُـلُـوَّاً وَ يَرْجُـونَ لِـي رُقَـادِي
أَمُــدُّ لَـهُــمْ جَـنَــاحِـي وَ قَلْـبي عَلَى الأَيَـادِي
وَ يَنْـوُونَ لِي هَــلَاكَــاً وَ يُلْـقُـونِـنِـي بِـــوَادِي
يَقُصُّـونَ لِـي جَنَـاحِـي يُـعِيـقُـون لِي مُـرَادِي
وَ كَـمْ ذَا أَنَـلُــتُ حُـبَّـاً وَ كَـمْ ذَا أَذُوُوا فُؤَادِي
وَ كَـمْ بَلَّـلُـوا عُـيُـونِي وَ كَـمْ هَشَّمُـوا عِمَادِي
أَرَانِـي لَـهُــمْ صَـدِيـقَـاً وَ مَـا هُـمْ سِوَى مُعَـادِ
*****
*المُجْتَثْ
مَـــنْ ذَا تَــعَــلَّـــقَ أَكْـــثَــرْ
تَـقُــولُ ، فَـاصْــغِ لِـقَـصِّـي
يَـا قَـاسِـيَ الـقَـلْـبِ هَــيَّــا
مَـا بَـيْـنَـنَـا ، قُـمْ بِـفَـحْـصِ
مَــنْ ذَا يَـفُـــوقُ عَــطَـــاءً
وَ مَــنْ يَــمُــنُّ بِــنَـــقْـــصِ
أَدْنُـــوا إِلَـيـــكَ وَ تُـقْـصِـي
وَ كَـــمْ أُطِـيــعُ وَ تَـعْـصِـي
جِـسْـمَـاً وَهَـبْـتُ وَ رُوْحَــاً
عَـلَـيْـكَ جُــدّتُ بِـحِـرْصِي
عُـمْــرَاً فَـدَيْــتُ وَ قَـلْــبِـي
كَمْ فِيـكَ كَمْ كُنْتُ أُوْصِـي
أَغْـلَــيْـتُ قـلْــبَـكَ عِـنْــدِي
قَـدْ بِـعْـتَ قَـلْـبِي بِـرُخْـصِ
دَافَـعْـتُ عَـنْـكَ بِـجِـنْـحِي
جَـازيْـتَ جِـنْـحِـي بـقَــصِّ
أَعْـطَـيْـتُ كَــفَّـيْـكَ كَــفِّـي
قَــابَـلْــتَ كَــفِّــي بِـقَــرْصِ
قَــدْ نِـلْــتَ مِـنِّــي هَــنَـــاءً
مَـا جُـدتَ لِـي غَـيْـرَ غَـصِّ
أَهـدَيْـتَ جِـسْـمِـي نُحُـولَاً
حَطَّمْتَ نَفْسِي وَ شَخْصِي
سَـكَـبْـتَ فَــوْقَ جُـرُوْحِـي
مِــلْـــحَـــاً وَ زِدّتَ بِـــرَصِّ
وَ كُـــنْـــتَ دَاعِ أَنِــيـــنِــي
مِـنَ الـعَـــذَابِ وَ رَقْـصِــي
إِنِّــي أَفُـــوقُـــكَ جُــــودَاً
يَا صَاحِ مَا رُمْـتَ تَحْصِـي
إِصْــمُــتْ وَ لَا لَا تُــبَـــارِي
وَ انْصِتْ لِحُكْـمِي وَ نَـصِّي
قَدْ كُـنْـتُ دَوْمَــاً حَــبِـيـبَـاً
مَـا كُــنْـتَ لِـي غَـيْـرَ لِــصِّ
*****
*الخَفِيفْ
إِنَّمَـا الْمَـرْءُ جُـثَّـةٌ سَـوْفَ تَفْنَـى
فَاتَّعِـظْ يَا رَفِيـقُ قَبْـلَ الذَّهَـابِ
إنْ تَـوَلَّى الصِّبَـا وَ عَهْدُ شَـبَابِي
أَلَـــهُ وَقْــفٌ أَوْ لَـــهُ مِـنْ إِيَــابِ
كُــلُّــنَـا لِلـرَّدَى وَ أَبْـعَـــدُ شَـيءٍ
أَنْ يَعُـودَ الزَّمَـانُ بَعْـدَ الغِـيَـابِ
وَ الوَرَى يَا رَفِـيقُ أَفْضَلُـهُمْ مَنْ
خَتَمَ العُمْرَ فِي طَرِيقِ الصَّوَابِ
*****
*الرَّجَزْ
لَا بُـــدَّ لِـلـقَــوْمِ مِـنَ الـعُــلَّامِ
يُـدَافِـعُــوْنَ عَــنْــهُ بِالأَقْــلَامِ
وَ عَـسْـكَـرٍ مُـجَـاهِـدٍ مِـقْـدَامِ
يَحْمِيهِ بِالأَسْيَـافِ وَ الأَسْهَامِ
وَ صَامِتٍ مِنْ غَيْـرِ مَا إِسْهَامِ
وَ ذُو عَـدَالَـــةٍ وَ مِـنْ ظُــلَّامِ
وَ مِـنْ لَـئِــيـمٍ غَـــادِرٍ هَــدَّامِ
وَ مِنْ سَـفِـيـهٍ دَائِــمِ الـكَـلَامِ
السَّرِيعْ
يَا وَحْشَ هَذَا الدَّهْرِ مِنْ وَحْشِ
لَا يُـدْرِكُ الإِنْـصَـافَ فِي العَيْـشِ
فَمَـا اكْـتَفَى بِالبَطْشِ حَتَّى غَـدَا
يُـلْـزِمُـنَـا الشَّـكْـرَ عَلَى الـبَّـطْـشِ
*****
*المُتَدَارَكْ
الحُـزْنُ يَزُولُ فَـلَا تَـيْأَسْ
وَ الـشِّـدَّةُ يَعْـقُبُـهَا الـفَـرَجُ
وَ الـعُـسْـر لِـيُـسْـرٍ يَتْـبَـعُهُ
وَ الـلَّـيْــل يُـبَـدِّدُهُ الـبَـلَـجُ
وَ لَـرَحْـمَــةُ رَبِّـي وَاسِـعَـةٌ
سَيُغِيثُكَ لَنْ يَبْقَى الحَرَجُ
فَإِذَا بِكَ ضَاقَ الكَوْنُ فَقُلْ
“يَـا رَبَّ” وَ فَـوْرَاً تَـنْـفَـرِجُ
وَ اصْبِـرْ فَـالـلّـهُ لَـهُ حُكْـمٌ
فِيْمَا يَقْضِي وَ لَـهُ المُـهَـجُ
وَ العَـالَـم لِلبَلْـوَى وُجِـدُوا
وَ بِـقَـدْرِ الصَّـبْرِ لَهُـمْ بَهَـجُ
*****
*المُتَقَارَبْ
بِرُوحِي فَدَيْتُ نُفُوْسَاً تَحَلَّتْ
بِـقَـلْــبٍ نَـقِـيٍّ وَ رُوْحٍ أَبَــيَّـةَ
وَ عَنْ كُـلِّ شَيءٍ دَنِيءٍ تَعَلَّتْ
فَرَاحَتْ تَفُـوقُ جَمِيعَ البَرِيَّـةَ
*****
*الوَافِرْ
أَلَا يَا أيُّهَا الوَاشِينَ كُفُّوا
أَلَا يَـا أيُّـهَـا الوَاشِـيــنَ كُـفُّـوا
فَلَسْـتُ بِـتَـارِكٍ حُـبَّ الحَبِيبِ
وَ لَا لَـن أَتْـبَـعَ الحُـسَّـادَ يَوْمَـاً
وَ لَنْ أُصْغِي لِغَـيـرَانِ غَـرِيـبِ
*****
*الطَّوِيلْ
أَلَا قَبَّحَ اللّهُ الوُشَاةَ فَإِنَّهُمْ
أَلَا قَـبَّـحَ الـلّـهُ الوُشَــاةَ فَـإِنَّـهُـمْ
سَقُونِي مَعَ المِيلَادِ كَأسَ حَنْظَلِ
فَلَمْ يَكْتَفُوا بِالهَمْزِ بَلْ عَجَبَاً لَهُمْ
يَقُولُونَ بِي فِعْلَاً وَ لَسْتُ بِفَاعِلِ
الشاعرة صمود حامد
شوفة/طولكرم/فلسطين
2024/4/4/م
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي