اللغة العربية
تمتاز اللغةُ العربيةُ بجمالية خاصة بها من حيث الشكل والمضمون والمقصود بالشكل جمالية الحروف الأبجدية التي تشكل لوحات فنية بخطوطٍ متنوعة الأشكال … (خط الرقعة، خط النسخ، الخط الكوفي ، الخط الديواني غيره). أما المضمون فهو غنيٌ ببلاغتهِ من حيث علم البيان، علم البديع، وعلم المعاني .
علم البيان :
هو إيراد المعنى الواحد بطرقٍ مختلفة في وضوح الدلالة عليه.
علم البديع:
يعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية تطبيقه على مقتضى الحال ووضوح الدلالة.
علم المعاني:
هو علم يعرف به أحوال اللفظ الذي يطابق مقتضى الحال.
والبلاغة تعني القدرة على إيصال معنى الكلام بطريقة الإقناع و التأثير.
والبلاغة لها عدة أنواع من الأساليب:
أ: الأمر و النهي
ب: الاستفهام و النداء والتمني
ج: أسلوب التعجب
د. أسلوب القسم
و. أسلوب المدح والذم
واللغة العربية ذات لسانٍ فصيحٍ لفظاً و بليغٍ معنى … ولا يلام شاعرنا حليم دموس ( مواليد ١٨٨٨ زحلة ) حين قال:
“لو لم تكن أمُّ اللغاتِ هي المنى
لكسرت أقلامي و عفتُ ودادي
إنه يؤكد انتماءه للغة فهي الوطن، الأم، الأرض، الولد ، الكرامة… وتمثل العادات والتقاليد وهي عنوانٌ للتاريخ ولو أن مفهوم الجمالية مختلف من شخصٍ لآخر إلا أن هذه اللغة ذات أرضية جمالية جذورها ثابتة لا يقتلعها الزمن.
تمتاز هذه اللغة بمواصفاتٍ فريدةٍ من نوعها، إنها لغة الضاد – لغة المفردات التي تحمل المعنى والعكس بنفس الوقت
مثال:
كلمة الجزاء :تعني الثواب و العقاب
كلمة السدف: تعني الظلام والضوء .
وهي لغة القرآن الكريم الذي امتاز ببلاغته وفصاحته بنفس الوقت وكان له دور هام في استمرارها ولذلك انتشرت ضمن خطٍ وهمي من رأس الخليج “العقبة”حتى الفرات وكانت تسمى بذلك الوقت “شبه الجزيرة العربية”
والعرب قسمان: بداوة وحضر؛ لذلك ترعرعت اللغةُ العربيةُ بين أحضان الطبيعة الصافية فأتت حروفها ملونة بأجمل الألوان مشكلة فنوناً أدبيةً رائعة كالنثر والشعر.
والشعر منه الوجداني، الغنائي، الملحمي، التمثيلي، والتعليمي.
وللنثر مواضيعه في المقالة، القصة، المسرحية، الخطبة، الخ..
لغتنا كنزٌ من الشعر ولابد من لمحة عن الشعر الغنائي، لأنه شعر تناول الأغراض العاطفية مثل: المدح – الغزل-الفخر، ثم تناول عدة مواضيع في العصر الحديث ؛ وذلك لأسبابٍ عدة:
ظهور الشعر:
أ. الديني – حركة المد الغربي و الغزو الفكري
ب. الوطني – بسبب وجود الاستعمار الغربي
ج. الاجتماعى – وضع المرأة ، الفقر، الجهل
د. الوجداني – يعبر عن مشاعر الحب
ولا يغيب عن بالنا أن جميع هذه الأغراض حملت بين طياتها مواصفات اللغة العربية المميزة مما جعلها ذات مكانة هامة في الأدب المترجم. مثل ” كليلة و دمنة” و” ألف ليلة وليلة”.
وكذلك في الشعر الموزون، فعلم العَروض علمٌ قائم بحد ذاته و البحور هي المقيد السمعي لجعل الحروف سلسة السماع بجمالية الشعور الشعري ، و تجلى ذلك عند كثيرً من الشعراء.
امرؤ القيس؛ عبر عن حزنه الشديد بوصف الليل حين قال:
وَلَيلٍ كَمَوجِ البَحرِ أَرخى سُدولَهُ
عَلَيَّ بِأَنواعِ الهُمومِ لِيَبتَلي
هذا التناغم الذاتي والإحساس المرهف صوره بطريقة تمثيلية بليغة، الأمواج و حركتها والصوت الذي يصدر منها .. ثم اللون ( الظلام) الحزن نزل عليه بستارٍ مظلمٍ كي يختبره … وها هو يتوسل إليه طالباً منه الرحيل ، لقد طال البقاء بمتاعبه … قائلاً:
أَلا أَيُّها اللَيلُ الطَويلُ أَلا اِنجَلِ … بِصُبحٍ وَما الإِصباحُ مِنكَ بِأَمثَلِ
فيا لكَ من ليلْ كأنَّ نجومهُ … بكل مغار الفتل شدت بيذبلِ
لقد حذف المشبه به و أبقى شيئاً من لوازمه
فالليل جامدٌ لا يتحرك هكذا أحسه … وكأنه مربوطٌ بإحكامٍ لا يفك، ربط بهذا الجبل ( يذبل) على سبيل الاستعارة المكنية .
آهٍ يا للقهر عندما يكون الإنسان في ظلمةٍ ، تعد النجوم تصبراً لذاته، ولعل الليل يشفق عليه، فيحسن الرحيل
بقي الشعر الموزون محافظا على إطلالته، كالشعر الجاهلي الذي امتاز بخشونة ألفاظه وفخامتها ، خال نت الأخطاء ، ومن الألفاظ الأعجمية ،لأن العرب لم يختلطوا بغيرهم :
تبدأ القصيدة الجاهلية بالوقوف على الأطلال، البكاء ،خطاب الآثار أو الأصدقاء.
ثم وصف الشاعر لحاله بسبب رحيل الحبيبة ، ثم يعود لغرضه سواء كان مدحت ، أو صفا، أو هجاء …إلخ.
إذا ما غزوا بالجيش حلق فوقهم
عصائب طير تهتدي بعصائب ..
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم
بهن فلول من قراع الكتائب
والجمال يكمن في مدح يشبه الذم ، وهو نوع من الاعتذار اللبق والبليغ .
والشاعر عمر بن أبي ربيعة من بني مخزوم شاعر المرأة ، لا سيما الشريفة من طبقته، قال:
كتبت إليك من بلدي كتاب قوله كمد
يؤرقه لهيب الشوق بين السحر والكبد
فيمسك قلبه بيد ويمسح عينه بيد
فتبدو هنا اللفظة الوديعة والعتاب اللطيف ورغم بلاغة المعاناة هذه الدقة الواقعية عند عمر تعتبر جمالية شعرية في اللغة العربية
لقد طما الغزل سيله في العهد الأموي بنوعيه أ) البدوي؛ ب) الحضري ولكل منه عالمه. البدوي غزل عذري يتغنى بالحب الأفلاطوني العفيف وقد انقرض في هذا العصر … رحمة الله على الأديبة مي زيادة وجميل بن معمر صاحب بثينة في شعره كل الصدق حتى بعض الممات .
بهواك ما عشت الفؤاد ، فإن أمت يتبعْ صداي صداك بين الأقبر
خليلي فيما عشتما هل رأيتما قتيلا بكى من حب قاتله قبلي
هذه هي اللغة العربية التي تخبئ بين حروفها مصداقية الحب ، جمال التعبير المكلل بالوفاء ، ربما لعرب البادية دور في هذا.
الآن الشعر الحديث المرسل ، النثري أخذ طريقه في الأدب العربي ، ربما لضرورته زمانا ومكانا في عصر السرعة التي تهضم الوقت دون أن ندري ، لذلك جاء الشعر متخليا عن الوزن ” الشطرين “ولكنه حافظ على التفعيلة ، بأسلوب لا ينتمي إلى القافية وهو نوع من التجديد “القافية في الشعر الموزون قد تأتي أحيانا مجرورة على شعرها ” بينما القافية في الشعر الحديث حسب حاجة النثر. فمن الشعراء نزار قباني: “كتاب حبيبتي، ونازك الملائكة: “الكوليرا” 1974، وفدوى طوقان: “فلسطين”. هذا الشعر المرسل له عوامل جعلته متداولا وخاصة أنه يميل إلى الواقع ، وانتماء بعض المثقفين العرب إلى التيارات الأدبية المختلفة والمذاهب الأخرى.
ثم الجنوح إلى الاستقلال مع المحافظة على وحدة القصيدة العضوية .
وجمالية الوحدة العضوية صورتها نازك الملائكة عندما قالت إن الإنسان يقضي عمره في الأنتظار
أتصور الضجر المرير
في أنفس ملت الصفير
هي والحقائب في انتظار هذا الصغير وهو ضجيج الحياة، ف”ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل” ألم يكن هذا الصفير أشبه بصفير القطار بل نذير الشفاء.
رغم أن للشعر الحديث جماله وبلاغته بقي للشعر الموزون قيمة أدبية تاريخية رفيعة “أي الوزن”، أعطاه قوة التعبير ودقة الوصف وجمالية الصورة الإبداعية هي موسيقى خاصة به من حيث المرونة والطواعية
مودته تدوم بكل هول
وهل كل مودته تدوم .
وهذا البيت يقرأ من اليسار إلى اليمين والعكس دون أن يتغير المعنى وهذا ما نبه له الأديب رفائيل نخلة اليسوعي.
وكذالك من أعلى إلى أسفل والعكس.
ألوم
صديقي
وهذا
محال
صديقي
أحب
كلام
يقال
هذا
كلام
بليغ
الجمال
محال
يقال
الجمال
خيال
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي