وأنا جئت لكي أراه ، علّه يعرف لما أنا فيه سببا ، أو يجد لما أعانيه حلّا .”
فكّر الرجل قليلًا ثمّ قال:
” أنا متأكّد من أنّه يستطيع مساعدتك في إيجاد الحلّ ، فقد لجأ إليه الكثير من الناس، ولم يخيّب أملهم . هو رجل غريب ، يعيش فوق الجبل منذ عشرين عاما، يقضي وقته بالتهجّد و الصلاة ، و قد نذر قلبه لله ، و زهد في هذه الدنيا فلا تغريه مغرياتها و لا تأخذ من تفكيره و اهتمامه . و قد آلى على نفسه ألّا يلبس إلّا البالي من الثياب ، و ألّا يأكل إلّا ممّا تنبت الأرض. يقصده الناس من الممالك المجاورة يستشيرونه في ما تعسّر من أمورهم ، و يطلبون منه الدعاء و البركة. لا يترك صومعته إلّا عصر يوم الجمعة فينزل إلى المملكة ليعظ الناس و يعلّمهم أمور دينهم ، و يدعوهم إلى الزهد . ما عُرف عن حديثه إلّا الصدق ، ولا عن أفعاله إلّا الاستقامة.”
كانت جنّات تصغي إلى كلام الرجل باهتمام، و لمّا انتهى من حديثه قالت له متوسّلة : ” أرجوك يا سيّدي أن تساعدني في الوصول إليه .”
رقّ قلب الرجل لما في صوتها من لهفة ورجاء و قال لها :” حسنا ، سأساعدك ، و لكن بشرط : سأوصلك إلى مكان قريب من صومعته و أعود أدراجي، فالكلّ يعلم أنّه لا يحبّ أن يقاطع خلوته أحد .”
-” لا تقلق ، أوصلني أنت إلى مكان قريب و أنا أكمل السير وحدي .”
فهزّ الرجل رأسه علامة القبول ، و أعلن موافقته على ما تقول .”
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي