فاطمة حافظي
-مولودة بتاجروين ولاية الكاف.
-متزوجة ولها إبنان مقيمة بفرنسا.
-وشوم على جدار الذاكرة عملها الإبداعي الأول.كما لها كتابات أخرى في انتظار الطباعة.
ومن هنا كان لمجلة أزهار الحرف معها هذا الحوار.
حاورتها جميلة بندر.
1.كيف بدأت رحلتك في عالم الكتابة؟وما الذي يلهمك لكتابة قصصك وأشعارك؟
2.ما هي الرموز التي تحملها وشوم جدار الذاكرة بالنسبة لك؟وكيف أثر ماضيك وذكرياتك في إبداعك الأدبي؟
3.هل تشعرين بأن الأمومة تؤثر على أسلوب كتابتك أو مواضيعك؟وما هي الرسالة التي تحاولين توصيلها من خلال كتاباتك؟
4.كيف يمكن للأدب أن يساعد في تغيير وجه الواقع؟وما هي تجاربك وتحدياتك ككاتبة مهاجرة؟وهل تؤثر الهجرة والانتماء على موضوعاتك وشخصياتك الأدبية؟
5.هل تشعرين بأن الأدب النسوي يلعب دوراً في كتاباتك؟
6.كيف تقيمين دور المرأة في المجتمع وهل تعكس هذه الرؤية في كتاباتك؟
7.ما هي التحولات التي شهدتها كتابتك على مر الزمن؟وما هي المواضيع التي ترغبين في استكشافها في كتاباتك المستقبلية؟
8.برأيك ما هو دور التكنولوجيا في تغيير وتشكيل مستقبل الكتابة؟وكيف تتعاملين مع التحديات التي تواجهينها في عملية النشر والترويج لكتاباتك؟
9.هل تشعرين بأن الكتابة تسهم في تشكيل الوعي الاجتماعي والسياسي؟وما هي نصيحتك للشباب الذين يطمحون للانخراط في مجال الكتابة والأدب؟
10.من هي “مريم” التي تظهر في كتاباتك؟ وما هو الدور الذي تلعبه في رواياتك وأشعارك؟
حاورتها من لبنان جميلة بندر
عضو بملتقى الشعراء العرب
محررة بمجلة أزهار الحرف.
*
1
اولا أتقدم بشكري وتقديري لمجلس ازهار الحرف ولك على هذا الحوار اللطيف ..
كان تاثري بوالدي كبيرا فقد كان اللبنة الأولى التي ساهمت في تكويني الأدبي والفكري ..
كنت أراه في كل الليالي يحمل كتابا من كتب التاريخ او الأدب أو الاساطير يقرأها على مسمع العائلة التي تجتمع لتصغي بكل انتباه لما يقوله ..
كانت والدتي واخوتي وزوجة خالي وزوجة اخي وكل من مر في ذلك اليوم على بيتنا لحاجة ما فينال نصيبا من هذه الاقاصيص التي تختلف بمواضيعها الشيقة.
وهكذا نمت عندي ملكة الاستماع ثم
الكتابة رغم صغر سني حينذاك .
2…وشوم على جدار الذاكرة هي تلك الشخصيات التي تأثرت بها في ماضي كما في حاضري ..
إنها من قرأت لهم من الكتاب المصريين مثل إحسان عبد.القدوس وعبد الحليم عبدالله والمازني والعقاد وغيرهم ..
إنها شجرة وارفة الظلال تلك التي اشعت في حياتي فأصبحت وشوما تعيش معي ..هي الأسرة المدرسة الأولى التي استقيت منها كل ما عرفته وتأثرت به ..
كان لمعلمي الابتدائية الأثر الكبير فقد كانوا على اتساع فكر وعلم وضمير وكانوا يختارون لنا النصوص والأشعار من أمهات الكتب ..
كنت في صغري احفظ لميخائيل نعيمة بعض اشعاره في ديوانه همس الجفون وكنت اقرأ كثيرا لجبران والمنفلوطي واعيش في واحة من الكلمة والحرف
3
٣…
الأمومة هي كل جميل في حياتي ..هي اطلالة بنتي وبسمتها واول ما نطقت به فاشعرني بالسعادة : ماما
نعم للامومة هذا الجانب العاطفي الصادق في مسيرتي ..
ابنائي اول من يقرأون لي واول من ينتقدون أو يرحبون ..لقد ربيتهم على حب الكتب واذكر سعادتي عندما أهداني ابني كتابا لباولو كويلهو واسمه الكيميائي ..لقد فرحت وادركت انه محبا للمطالعة وتابعته وهو يزداد شغفا بالقراءة
كل ما احب ان اوصله في كتاباتي هو السلام والمحبة والتسامح ونبذ الطائفية البغيضة.
غيمة بيضاء ..
ترقص غيمتي البيضاء في الضوء
جميلة كالصلاة
رائعة كابتهال الفجر
حانية كبسمة رضيع على صدر أمه
كم أستمتع بتلك اللحظات ..
لحظات التأمل ..
في شعور نقي متناغم.
أطفو في الهواء
أشارك الغيمة رحيب الفضاء
حيث تبدو لي الأرض مسطحة
متألقة بأمواجها الحبلى بابأماني
وظلال غاباتها الخضراء .
غيمة بيضاء …
هكذا ارغب أن أكون ..
غيمة تمطر حبا ..
تتضوع عطرا وقصائد عن السلام .
غيمة تظل الكون بدفء السماء
تخصب الأرض العطشى
فتلد من كل زوج بهيج ..
قرنفلا واقحوانا وخزامى .
غيمة تتجلى ..
في بياض النقاء
لتنزل بتراتيل المحبة والعدل
على إنسانية تنحدر حتى التوحش
تغوص في الحضيض
وتفقد معنى ضمير !
4
٤…
الكاتب مثل الشاعر والرسام هو وليد مجتمعه ويحاول من خلال كتاباته أو رسومه ان يبرز الجانب الإنساني..ذاك الجانب الذي يساهم في توحيد البشر بخيوط المحبة وبجسور التعارف للعيش في سلام
وكمهاجرة احاول في مناقشاتي مع الطرف الآخر ان أبرز التسامح وعدم التطرف والغلو
الرسالة هي أن على كل إنسان ان يتعلم ويتثقف ويطلع على حضارة الآخر حتى يفهمه بنفسه وليس عبر أطراف يحملون فكرا مخالفا للواقع وهو الإنسانية في أجل معانيها .
الديانات تدعو كلها إلى الأخلاق لان الله اسمه السلام ولكن البعض فسر الأمور كما أراد أو كما أراد الحكام في بعض العصور مما أعطى للجهلة فرصة التهجم والكراهية لمن يخالفهم الرأي
5
نعم الأدب النسوي اكثر واقعية في ما يخص المواضيع التي تهم المرأة وليس اقدر منها على الحديث في هذه الأمور التي تتكلم عن الحياة الزوجية والأمومة وواجبات الأم في تربية الأطفال والرجل طبعا له كلمته فهو يمثل الهوية والقدوة في هذه الأمور والأم والأب يمثلون مع الطفل المثلث الذي تقوم عليه الأسرة
6
للمرأة الدور الكبير في المجتمع فهي مربية الأجيال ..
هي الأم وهي الزوجة وهي البنت ولكل هذه الوجوه دورا في إعطاء العمق في علاقة التواصل بين أفراد.الاسرة وبناء مجتمع متوازن لا سيطرة فيه على الفكر تجاه كونها أنثى يصفها البعض بالنقص
هي فرد في المجتمع شانها شأن الرجل في العطاء وبناء الشخصية والبحث في المشاكل لإيجاد الحلول
وما اكتبه هو صورة عما اشعر به مع كل الاحترام للرجل كزوج وابن وأخ
اقول من موقع اطلاعي على بعض المشاكل ..
قالت محدثتي والدمع ينزل منهمرا من عينيها :
لقد صفعني اليوم حتى سقطت هل له الحق في ذلك ؟
قلت :
كيف له الحق والله قال في كتابه :
[هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ]
(البقرة: 187)
كيف له الحق والله قال :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾
[ الروم: 21]
كيف له الحق ان يبكيك وقد قال عز وجل :
[ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا] (الأعراف: 189
قالت بوجع :
اذا لم يفعل بي هذا ؟
قلت لان البعض من الرجال يمر بالآيات ولا يتدبر معناها وجوهرها
ولو ابصر لعلم أن الله يخاطب ذوي الألباب وذوي العقول الذين يتأملون الأمور بعين العقل وليس من باب القوة الجسدية والتحكم في الأمور دون التمكن من فهم ما جاء من أمر الله ..
كيف يصفعك صبحا ويعود إليك ليلا لعلاقة تفعلينها وانت مغلوبة على أمرك ..؟
انت شريكته ..رفيقة عمره ..نصفه الآخر
انت سكنه وراحته وطمأنينته ..ام أولاده والقائمة على بيته والراعية لسره …
هل الرجولة هي أن يمد يده عليك؟
أن يبكيك
أن يقهرك
بؤسا لمن ينزل دمع من جمعه الله بها تحت ميثاق غليظ
من اختارها لعيش معه في كنف بيت واحد وان يتقاسم معها الحياة بكل حلاوتها ومرارتها .
لقد جعل الله حلولا عندما يستحيل العيش وهو الفراق وهو أبغض الحلال إلى الله اي الطلاق .
قال تعالى :
﴿ وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ﴾.
النساء (130).
لا تصمتي عن العنف سيدتي
لا تتركي نفسك ضحية انت واولادك…
تجترين وإياهم العقد التفسية والمعاناة
اعلمي ان الله أعطاك حقك في التكلم وعدم الرضوخ لتهديد
او وعيد لأنك وزوجك خلقتما من نفس واحدة وعمدما يخاطب الله بقوله :
ايها الناس أو أيها المؤمنون فهو يخاطبك انت أيضا
قال تعالى :
[ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ، واحِدَةٍ، وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا ونِسَاءً ]
[النساء:1].
7
٧…
بدأت بكتابات متأثرة بما اشعر به من غبن يطال المرأة فاجد.مثلا من يكتب :
على المرأة ان تتزين لزوجها وتتعطر وهذا طبعا طيب وليس فيه الا الجميل من القول ثم امضي في قراءتي فلا أجد مثل ذلك فيما يخص الرجل وانه عليه هو الآخر ان يتجمل ويتعطر ويتزين لزوجته
شعرت ان الرجل هو صورة لسي السيد والمرأة الست أمينة تلك الصورة النمطية للمرأة التي تطبخ وتغسل وتنجب وليس لها فكرا أو رأيا …
هالني ذلك الأمر لإنني افتخر بالمرأة التي تبرع في إدارة بيت وأسرة ولكن ايضا افتخر بكونها تحافظ على شخصيتها واعتدادها بنفسها وثقتها.وان لا تكون ممن لا يشاركن الزوج في الفكر وعدم الرضى بكل شيء .
أحب أن أكتب عن المرأة المثقفة التي تكتب وتطالع كل الأشكال الأدبية وتشارك في المنتديات والجمعيات وفي نفس الوقت تحافظ على مكانتها كزوجة وأم..
اقول في هذا المضمار ..
لا تصمتي ،سيدتي ..
عبري ..
قولي..
ناقشي .
ابدا لا تستسلمي .
لا ترضخي لمن يكممون فمك
لا تسمعي لمن يصمون اذنك
كوني الأنثى التي تدرك وتبصر .
لا تنحني سيدتي ، الا لخالقك
واهب الروح .
كوني محبة ..
وفية
شذية
وهبي عبقك لمن يقدرك كفكر
وليس جسدا ..
الشارع يعج بالأجساد والاوبئة
يعج بضحايا المجتمع
ضحايا العنف
وفظاعة التحقير .
افتخري..سيدتي ..
أنت اشراقة ام ..
حضن دفء ..
ذات وكيان ..
إمرأة .
انت انثى ..
فازهري أينما كنت واينعي..
8
التكنولوجيا ساهمت في تيسير الأمر على الكاتب مثلا في البحث وتحميل الكتب لكنها في نفس الوقت أصبحت تساعد كل من هب ودب على ان يتجرأ ويجعل من نفسه كاتبا أو شاعرا وذلك بما يسمى الذكاء الاصطناعي وهو لايمت لهذا المجال بصلة …
الحقيقة لا اروج لكتاباتي التي هي ثلاث كتب طبعت ونشرت وترجمات لكتب عديدة من العربية إلى الفرنسية
كنابي الأول كما تفضلت :
وشوم على جدار الذاكرة
الثاني: أوراق الزمن الجميل
الثالث وهو كتاب بالفرنسية احكي فيه عن ابنتي مريم أو مأساتي التي اعيشها كل لحظة الا ما رحم ربي :
Prunelle de mes yeux
9
الكتابة وسيلة مهمة وهي سلاح للتوعية بمشاكل المجتمع السياسي والاجتماعي
وهي هبة ومنحة وليست كلاما يرصف وينظم وإنما هي الهام يجعلك تقوم بالليل لتكتب لان تلك الفكرة أو الرؤية هجمت عليك ولا مناص من كتابتها
إنها ولادة بعد مخاض
الحقيقة انا ارتجل ولا اعود لمسودة ..
اكتب بعفوية وتلقانية واحب النص القصير وقليلا ما استرسل في نصوص طويلة.
١.
مريم ..إنها ابنتي التي فقدتها سنة ٢٠١٩ وهي أستاذة لغة انجليزية بمدينة نيس Nice بفرنسا ..توفيت في عمر الثالثة والأربعين وتركت ولدين وبنتا ..
واقول عنها :
أطللت ذات يوم من أيام باريس الشتائية
أطللت يا طفلتي الحبيبة في موكب البهجة والسلام
كان احلى وأسعد يوم
اخترت لك من الأسماء أجملها “مريم” على اسم العذراء ام عيسى النبي .
أحببتك ما إن وقعت عيناي عليك يا نور عيني
حمدت الله وانا أراك
تغنيت بك وهللت
كنت صديقتي ..أدغدغك …اغني لك ..والقمك الثدي وانا أتأمل السعادة على محياك .
كنت يا مريم انتظر في شوق متى تبتسمين
متى تقولين “ماما”
آه ..
كم تتذكر الأمهات كل صغيرة وكبيرة من ماضي أطفالهم !
كم تتمنى لو تعود تلك الأعوام لتحبهم أكثر وأكثر ..
جئت كنسمة عذبة ..كتغريدة عندليب ..كهمسة جدول ..
رسمت حروف اسمك على شغاف قلبي يا بنت روحي .
كنت امتدادا لطموحي…لوجداني..
اخالني أحيانا أنت وأخالك أنا يا زهرة التوليب يا حبيبتي !
عندما اطلعت على كتاباتي كنت المشجعة وكنت الناقدة :
أ”سلوبك عفا عليه الزمن يا أمي “
“الرومانسية ذهبت بلا رجعة ..رحلت مع زمنكم الجميل كما تقولين “
“العالم اليوم يا أمي مادي حتى في المشاعر
العالم أصبح كتلة من الغضب والثورة
عصر الجنون والسرعة
بحث عن التغيير والتجديد في انظم استغلت الانسان وحطمته .
اين تراك تعيشين أيتها الطيبة !
دائما في المثاليات وحقول السوسن والخزامى والفراشات…
لمن ترسمين الكلمات يا أمي ؟
لمن تهدينها كباقات بكر من بستان الطبيعة الغناء ؟
افترسمينها لعاشقي الكلمات ام إنها تجسيد لخواطرك الخيالية على أرض الواقع .؟
رحلت يا حبيبتي ذات يوم لاستعيد مع كلماتك ذكرى بر وإحسان
ذكرى حب كبير
ذكر مأساة فقدك اعيشها بعدك بكل الوجع في سنين القحط والجفاف
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي