وهنا رفع الناسك رأسه فالتقت عيناه بعيني جنّات فازداد بجمالها كلفا ، و لم يعد رغم فصاحته و بيانه قادرا على أن ينطق حرفا. وهنا التمعت عيناها خبثا فقد بدا لها أنّها أوقعته في شراكها ، فأكملت تقول :” أرجوك يا سيّدي أن تساعدني ، فقد تكبّدت في الوصول إليك الكثير ، و كلّي أمل بأن يشملني عطفك الكبير .”
و لمّا كان قلب الناسك قد علق بها منذ أن وقعت عيناه عليها، لم يستطع أن يرفض طلبها ، و لكنّه استمهلها حتى يذهب إلى عظة الجمعة ويعود منها ، فشعرت بالأمل من كلامه ، و ارتأت أن تنتظر ولا تتسرّع ، فالعجلة إلى الندامة أسرع .
و كان الناسك لا يزال جالسا في مكانه فتقدّت وجلست في مكان قريب منه و هي تنظر إليه برجاء و تقول:” هل أستطيع أن أبقى هنا ريثما تعود ؟ فقد أتعبني المسير ، وأنا غريبة عن هذه الديار ، ولا مكان لي أذهب إليه .” فرقّ قلب الناسك لها ووافق على بقائها. ولمّا أحسّت جنّات بأنّ قلبه بدأ يرقّ و يلين ، راحت تحدّثه بلطف لا تملّ و لا تستكين .
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي