قراءة في ديوان “السادسة والربع” للكاتبة “جنان خشوف” صدر عن دار نلسن في بيروت.
صورة الغلاف الرائعة للفنانة غنى حليق.
في هذا الديوان 32 قصيدة نثرية. نصوصٌ مَهرتها بختم المرأة العاملة، الكاتبة والشاعرة والأم. حين يخرج السحر من ورقةٍ، تخرج الكلمات من فوهة القلم، لم أتوقع سقوطها، كأنّي أسمع جنان تُلقي مفرداتها في عمق البحر. لم تختر رفاهيتها أو أبطال نصوصها، سلكت دروباً غير اعتيادية، نبشتْ في قعر الأفكار، من فناء جسدها، وراحتْ تحرث الكلمات من هنا وتزرعها هناك. في داخلها حنينٌ برائحة الحب الذي ينتصر، تنهكها الأرباح الهزيلة في حروبٍ تطحنُ الجسد، لتصل إلى عمق الروح. تحمل غطاء الحب الزائف، ترميه. فلمَ يسقط القمر عن البوح الجريء؟
تُعلن العصيان على إشارات مرور جسده، تتوقف عن الركض لتسرع الى صورة وتعلن فوزها السحيق. شعورها عابرٌ للشعر. وهمٌ واحد يعرّيها من ذاتها لتصل إلى شاطئ ومرساة. ترقص متمردة على استخدام المرأة لأدوات المنزل، في بحثها عن الحب الذي تعتبره خرافة. تستخدم الأشياء العادية من المنزل لتحوّلها في صورها الشعرية من القيمة المادية إلى روحها ومنفعتها العاطفية.
نصوص مقتضبة نثرتها على وسائد أحلامها، طرّزتها على شرفات الشعر، رتبت خصائل شعرها الميتة، لترسم ألوان الفرح والتمرد. جرّدت قلمها من كلمات عادية، وضعت أمامنا تعابير جريئة، في قالب شعريّ، خلعت به ثوب الرتابة لتلامس قلب المعنى في حضور الحبيب، عبر بريق أمل، بقالب مدهش من استخدام الطبيعة و عناصرها و الألوان ودرجاتها والأواني المنزلية و أعضاء الجسد ورموز في الرياضيات.
سارت امرأة متمردة بأجنحة شعرية ناضجة قطفتها من بستان يومياتها. سخرت اللغة لخدمة هدفها، في التفتيش عن أحلام بسيطة، عن الجسد الذي يمدّد صلاحيته وهي تفرش شعرها الميت على الوسادة. تكره القنابل، يلحّ الضجيج في داخلها، باحثة عن رجل، ينام على خرير المياه، تهديه ملعقة ليبقى. حبها بلا منطق في بيتٍ ما زالت تدخّر لشرائه، تحرق صورة الحبيب كبخورٍ على مساجد جسدها.
تشتعل الغابة وتنطفئ كعلامة تعجب، فقدت نقطتها. سكونها مبلول بالضجر، تجمع أجزاءها في جوف قلب الحبيب. الثابت الوحيد هو أرض، جوفها الدائم هو التمرد.
تُسلّم حبيبها وشمات جسدها وهو يقبض على روحها. تحترق الذكريات و تصبح رماداً غير قابل للحياة.
لا تتركي الأرض يا جنان، لستِ خادمة أحد.
امضي، لا يهمّ ستون وردة تفاصيلك. صليت لدروبك، نعم أنتِ لست بخير، في السادسة والربع. امرأة العجلة لكسرات الحب اليابسة، في حب وهمي. حتى الموت رحيم أمام الضجيج. لا تتركي الأرض لأدونيس عصره، لشاعر نرجسيّ، ميت حكماً. لا يهمّ حطام سفينة مرّت عليها سبعون مرساة. فالرّمل لا يزول حتى ولو انطفأت العاصفة.
كل التوفيق للشاعرة جنان خشوف وأتمنّى لها مزيدًا من الكتابة والإبداع.
رنا سمير عَلَم
٢١/٠٤/٢٠٢٤
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي