و بينما هو على حاله تلك ، و إذْ به يلمح من بعيد قاربا متّجها نحوه ، فأخذ يتساءل بحيرة عن القادم ، و لكنّ حيرته لم تدم طويلا فقد لمح درّة تجرّ القارب و تقترب منه شيئا فشيئا إلى أن وصلت إلى مكان قريب منه .
-” ها أنا قد عدت كما وعدتك.” و أكملت وهي تشير إلى القارب: “سوف تجد على سطحه كلّ ما تحلم به “.
نظر طارق إلى القارب و اتّسعت عيناه دهشة وذهولا ، فقد رأى على سطحه أكياسا مليئة بالمال والذهب ، فلم يصدّق عينيه . و لمّا رأت درّة حاله الخطير ، أطلقت على ثباته سهم خطّتها الأخير .
-” هذا القارب لك هو وكلّ ما عليه ، و لكن عندي شرط واحد : عليك ألّا تخبر أحدا بما جرى . ستأخذ هذا القارب و تغادر إلى حيث تريد ، حيث تبدأ حياة جديدة تحقّق فيها كلّ ما تحلم به . ما عليك سوى أن تعطيني قاربك القديم و تأخذ بدلا منه القارب الذي أحضرته لك .”
ردّ طارق بحزن :” ولكنّ هذا القارب ليس لي وحدي هو لصديقي سليم أيضا، وهو شريكي وصديقي و قد تعاهدنا على أن نبقى أصدقاء إلى الأبد لا يفرّقنا إلّا الموت. كيف سأبيع صداقة نشأت و تربّيت على حفظها حتّى باتت مضرب المثل في المملكة كلّها ؟ “
فسألته درّة بدهشة مصطنعة :” و هل ستتخلّى عن أحلامك و عن كلّ هذا المال والذهب من أجل الصداقة ؟ و ماذا سيفعل لك صديقك ؟ وماذا ستستفيد منه ؟ أنت تبحر كلّ يوم و تخاطر بحياتك، و تقضي النهار كلّه تتحمّل أشعّة الشمس اللاهبة في الصيف ، و البرد القارس في الشتاء. و ماذا يفعل هو بالمقابل؟ يأخذ السمك آخر النهار ليبيعه فقط ؟ و تتقاسمان المال بالتساوي مع أنّ العمل والجهد الكبير هو من نصيبك أنت ؟ هذه قسمة غير عادلة .
أنهت درّة كلامها و راحت تراقب ردّ فعل طارق عليه .
وما بدا من ملامح وجهه قد أثلج قلبها ، فقد رأته ينظر نظرة صوب القارب و نظرة صوبها.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي