سنبلات مضيئة
للشاعرة /زينة حمود وفن كتابة الومضة
الومضة هي فن كتابة النَفس الواحد والدفقة الشعورية الواحدة وهي فن قديم في الشعر العربي عرفه العرب وعنوا به قصيدة البيت الواحد التي فيها من الإختصار والإيجاز والتكثيف وقد برزت منذ القدم في كثير من النصوص الجاهلية وإذا رجعنا إلى القرآن الكريم ، والحديث الشريف والحكم والأمثال نجدها واضحة مع الفرق في الهدف والتسمية نظرا لقداسة النص الديني وهي عبارة عن مشهد أو موقف أو إحساس شعري خاطف يمر في الذهن ويصاغ بألفاظ قليلة ومعانٍ كثيرة .
أما في العصر الحديث فقد تطور فن الومضة في السبعينات والثمانينات كنوع أدبي قائم بذاته على نحو ما وضّح الشاعر يوسف الخال وهو يختزل بكل بساطة سبب ظهور شعر الومضة ( نحن نجدد في الشعر لأن الحياة بدأت تتجدد فينا ) .
يقع (سنبلات مضيئة) ومضات للشاعرة الصديقة /زينة حمود في حوالي (١٠٠ صفحة ) من القطع المتوسط
يضم 144 ومضه تدور في معظمها حول الحب ومن الحب تتفرع محاور ثلاث: حب الله، حب الوطن، حب الذات، ومن خلالها أو من خلال هذا الثالوث تبحث المبدعة عن خلاصها فلا تجده إلا في الرجوع إلى الله والصلاة والإبداع فهي أذا عملية تطهيرية بحتة ففي المناجاة
إغتراف واعتراف بالرجوع إلى السند والملاذ واغتراف من بحر النور الذي يمضي بها إلى طريق الحب ألا وهو طريق الإبداع فهو الحب الحقيقي لزينة حمود الإبداع الذي حددته لنفسها وخطت بثقة واقتدار وتغنت مع الشاعر العربي:
حدد لنفسك في حياتك مقصدا
وأهدف إليه من طريق واحد
من أخطأت قدماه مبتدأ الخطى ضل الطريق إلى بلوغ المقصد
وإذا تشعبت الطرائق بالفتى
يبق طوال العمر رهن تشرد
لعل في تحديد هدفها وإبداعها عوده لوطنها المسلوب والمنهوب بفعل الحرب والجشع وهي عملية تبادلية أو هي عملية إذا تكاملية يتكامل فيها النص سنبلات مضيئه مع بعضه البعض، تبحث زينه حمود عبر 144 ومضه عن الخلاص والنجاة لنفسها ولوطنها وعبر اللغة أبدعت وأخرجت ما بداخلها من كنوز.
يمر لبنان باحداث متسارعة وحياتنا نحن الأن في عصر العولمة تمر حياتنا أمام أعيننا بصورة سريعة لا يصدقها عقل من هنا جاءت ومضات زينه متناسقة ومتناسبة مع الحدث.
تحاول زينة
من خلال سنبلات مضيئة أن تجاري الزمن بمفردات قليلة ومعان كثيرة تدل على فهمها لروح العصر وعدم قدرة الجيل الحالي على القراءة والنفس الطويل رغم الدلالات الواضحة والمعبرة الدلالات الفكرية التي تجعل المتلقي يفهم ما تريد أن تقوله في لغة لا تحتاج إلى قاموس مشبعة بالفكر فالابداع في الأصل فكر ثم يأتي بعد ذلك الإمتاع.
اختيارها للعنوان أيضا دال على معنى الضوء الذي لابد أن تنعم به هي وبلدها لبنان وإن طال الطريق أستمع إليها ص 55 في ومضة رقم 84 سنابل مضيئه تعج في المكان البحر شاهد وحدها الروح تعبر سلم الموسيقى
فالضوء هنا يومض بعضه لبعض كنوع من التشابك وشكل من أشكال الإزاحة المتناغمة بين الضوء والمكان والبحر لتعبر الروح إلى سلم الأمان عبر موسيقى التجلي الصورة هنا واضحة وجلية تنم عن روح حالمة عابرة هذه الروح تتلاقى مع البحر مع القمر كما في ومضة 86 آلامس وجه القمر
النجوم تشهد تبتعد
يفوح العبير على قطرة المطر
والمطر رمز الخير
ومنه يأتي الخير كما يأتي إبداع زينة كله جمال وخير
في النهاية أردد معها :
أبلل كفي بالماء
أمسح وجهي كي
أرى
لم أر
إلا ظلك
يختال
فوق الثرى
تحياتي الى زينه حمود.
غادة الحسيني
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي