رواية زمن التعب المزمن للكاتب التونسي ياسين الغماري. قصتها تحكي واقع مرير يعايشه شباب اليوم في مجتمعاتنا العربية. بطل القصة شاب يخوض تجربة التدريب في بنك تونسيّ كبير. الشاب عالي الطموح، راغب في التطوير، حالم بواقع أفضل له ولمجتمعه. لديه الكثير من الأفكار الراقية والقيم السامية كالمساواة، والحرية، والإبداع، وتكافؤ الفرص، والحفاظ على البيئة، وتمكين المرأة. إلا أنه وللأسف، يصطدم بواقع مرير في بيئة عمل سامة وخانقة، يسودها النفاق والبيروقراطية، ويعميها التسلط والمؤامرات وقتل المواهب. كما يعاني الشاب الأمرين من زملاء العمل ويكتشف أن تطوره مهنيا لا يتطلب كفاءة واجتهاد، بقدر ما يتطلب منه قلب متحجر وعيون وقحة. يعاني الشاب كذلك من معضلات جسدية متعددة فاقمت من آلامه واغترابه عن ذاته. بات الشاب وهو نفسه الراوي ياسين الغماري يعيش صراعا دائما بين ما يراه حقا في قرارة نفسه، وما يراه باطلا يضطر للخضوع له سعيا وراء لقمة العيش. تمتاز الرواية بأسلوب كتابة راق وشيق وسلس، وتزخر بأفكار فلسفية عميقة تستدعي التفكير والتأمل. وبها أمثال وعبارات من اللهجة التونسية الدارجة تضيف الحيوية على الحوارات بين الشخصيات. وفيما يلي بعض الاقتباسات من الرواية منها:
“صديق العمل عدو خفي فاحذر”
“ليس ثمة صداقة بمقر العمل، كلهم أعداء لا غير.”
“ولا تأخذ المعلومة الجاهزة مأخذ الصدق، فعادة ما يقع تغليفها بنية الخديعة. لا تكن بطوليا وتشتغل مكان زميلك، قم بعملك وعد إلى بيتك. لا تتحدث عن مشاكل البيت في العمل، ولا حتى عن مشاكل العمل بالبيت. لا تظلم وإن كنت مقتدرا، كل شيء زائل، ومن ظلمته سينال حقه منك طال الزمان أو قصر. يقول المثل الصقلي، من الأحسن أن يكون لديك كلب صديق خير من صديق كلب.”
“تلك اللامبالاة ما أجملها. واللامبالاة تعني موت الخوف والتفكير والشماتة والسعي لإرضاء من لا يرضيهم شيء. سأدع الكل يقول ما يقولونه وأجعلهم يؤثمون على ما يظنونه بي. فلا شيء عاد يعنيني.”
أتطلع لقراءة روايات أخرى للروائي التونسي الشاب ياسين الغماري.
خاصية التعليق غير مفعلة - يمكنك المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي